السبت، 5 فبراير 2011

المرأة في اليمن القديم


المرأة في اليمن القديم
 عمرو معديكرب حسين الهمداني




مقدمة :
  بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آلة الطيبين الطاهرين وصحابتهم أجمعين أما بعد..
فقد ارتبط أسم اليمن وتاريخه بحضور ومشاركة دائمة وفعالة للمرأة اليمنية ولنساء تلازمت أسمائهن بحقب من الازدهار والعظمة من ملكة سبأ إلى الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، ورغم أن قروناً من التمزق والتخلف والاستعمار قد أفقدت اليمن قرونا من الازدهار والتقدم وعادت به إلى مراحل من التخلف والتبعية للمجتمع بشكل عام وللمرأة اليمنية بشكل خاص بل وأكثر حدة وقسوة. إلا أن المرأة اليمنية لم تستكين لذلك , بل ناضلت نضالا طويلا ومريرا في سبيل تحريرها من كافة أشكال التخلف الموروث واستطاعت أن تجد لنفسها مكانة رفيعة.
       في هذا البحث سأقوم بإلقاء الضوء على أوضاع المرأة ومكانتها على كافة المجالات والأصعدة لنخرج بصورة واضحة عن أحوال المرأة ومكانتها ومدى مشاركتها في الحياة ,ونظرة المجتمع إليها عبر مراحل التاريخ القديم, وذكر أبرز النساء اليمنيات واهم أدوارهن بصورة مختصرة إلا إنني طولت الحديث قليلاً عن الملكات اليمنيات لعلوا منزلتهن و قدرهن وكذا الشخصيات النسائية اللاتي كان لهن ادوار بارزة في المجتمع اليمني.
اسأل الله التوفيق والقبول..
هو حسبنا ونعم الوكيل ،,,
   المرأة في اليمن القديم
    تتضح لنا مكانة المرأة ودورها الفعال في اليمن القديم من خلال دراستنا للنقوش القديمة وكذا ما ذكره المؤرخين وما ذكرته الديانات السماوية وكذا أيضا الأساطير والحكايات.وبهذا ستكون دراستنا عن المرأة في اليمن القديم ومكانتها اجتماعيا ودورها السياسي والاقتصادي والأوضاع الدينية لها من خلال دراستها من واقع النقوش التي بينت لنا تلك الأدوار  ,و من خلال ماذكره المؤرخين وما ذكرته الديانات السماوية عن ذلك الدور وتلك المكانة   مع ذكرنا لأبرز الشخصيات النسائية اليمنية من ملكات وقائدات وشاعرات وكاهنات ... وذكر مكانتهن وأدوارهن في المجتمع اليمني  إلى ما قبل الإسلام.
أولا: المرأة في النقوش والتاريخ    اليمني القديم
المكانة الاجتماعية للمرأة اليمنية قديماً:-
           إن القول بان مكانة ودور المرأة في المجتمع اليمني القديم كانت متميزة –قول يحتاج إلى أدلة وشواهد ,وهي موجودة في نقوش مكتشفة في مواقع الآثار اليمنية ,وهي موجودة أيضا في كتب التاريخ التي تعرضت لتاريخ الجزيرة العربية ,أو اليمن بصورة خاصة في فترة ما قبل الإسلام ,إلا أن هذا التميز النوعي الذي نقصده لا يعنى المبالغة في حجم مكانة المرأة ودورها في مختلف مراحل التاريخ اليمني القديم ,ولا يعنى أنها متساوية الدور والمكانة في كل القبائل اليمنية ,أو الممالك ,والدول والدويلات المتعاقبة ,وإنما يعني هذا التميز النوعي أنها –أي المرأة-كانت في بعض الفترات أحسن حالة منها في جنوب الجزيرة العربية, وقد تحدث ا.ف.ل.بيستون : في بحث نشرة عن المرأة في مملكة سبا :وهو يتحدث عن ظاهرة الوأد في بعض القبائل العربية وان أسبابة تكون إما من الفقر أو من خوفهم من سبيها في الحروب وليس لأنهن كارثة في المجتمع الرجالي وأكد البحث أن وأد البنات لم يكن عاما وشاملا في كل القبائل اليمنية .
        وقد بينت لنا النقوش الدور الذي تقلدته المرأة في عهدها سواء الاجتماعي أو الديني أو السياسي ,حيث تشير النقوش التي قدمت من قبل النساء أنفسهن ,وهي نقوش تتعلق بأمور دينية أو دنيوية ,كنقوش النذور ونقوش الخطيئة والتكفير ونقوش البناء ونقوش الصيد والى جانب ذلك دونت أسماؤهن على التماثيل واللوحات الجنائزية وشواهد القبور .
           ففي النقوش بعض المعلومات عن النظام الأسري في اليمن القديم, حيث ذكرت المرأة بأنها:أخت وبنت وامرأة وأم وزوجة وقرينة ورفيقة وأرملة ووريثة .
ووجدت نقوش تدل على تعدد الأزواج أي عدد من الرجال يتزوجون امرأة واحدة وقد دلل على ذلك من خلال نصوص تتحدث عن "ولد"لأكثر من أب وقد رفض أكثر المختصين وجود تعدد الأزواج في مثل هذه الحالات لأنهم اعتبروا الابن في هذه الأحوال ابنا لأحد الرجال أما بقية الرجال المذكورين فاعتبروهم أعماما للولد أو أقرباء من جهة الوالد ,ومعروف أن عبارة "أباء أو أبناء"تشير عادة في الكتابات السامية إلى الأجيال المختلفة ولا تعني بالضرورة الصلة الأبوية فعلاً .
     وكذلك أفصحت لنا النقوش عن بعض أوضاع المرأة الاجتماعية والدينية والسياسية في اليمن القديم ,حيث ذكرت المرأة بأنها هي جارية وخادمة وراعية وسيدة وكاهنة وملكة ونائبة الملك في أمور إدارية وعسكرية أو مدبرة أمور قصر الملك أو بيت الملك .
وما من شك بان هؤلاء النساء التي جاء ذكرهن في النقوش اليمنية القديمة كان لهن شان في مجتمعهن, بل إن صاحبات هذه المناصب ومن وصفن بها ذوات دور اجتماعي مرموق وبارز في مجتمعهن .
وتؤكد بعض الأبحاث أن اليمن تتميز ببعض الملامح الحضارية وبالتالي كانت مكانة المرأة متميزة عن سائر المجتمعات بالقوانين المكتشفة والخاصة بالمرأة تدل على تقدم باهر حيث كفلت حق الملك والوصاية على الأولاد والحضانة والملكية والبيع والشراء وان تستمتع بدخلها وان ترث وان تورث وان تمتهن الكتابة والتجارة إلى غير ذلك من الحقوق وشواهد ذلك موجودة في النقوش ومكتشفة في مواقع الآثار ,فقد ورد في النقش (95) أن كاتب النقش يشكر الآلهة لأنها منحته عملا ناجحا منذ ذلك الوقت الذي أتى فيه إلى مدينة عمران ليقوم بخدمة سيدته وهذا دليل على أن سيدة العبد كانت تتمتع بمكانة مثل مكانة الرجل في الامتلاك وربما ورثة ذلك عن أبيها أو زوجها المتوفى وهو دليل على درجة الاستقلال التي كانت تتمتع بها المرأة , كما اشتهرت بإنتاج وتجارة البخور والطيب الصمغ والعسل كذلك بتوافر معادن الذهب،بالإضافة إلى المعادن الأخرى والأحجار الكريمة إلى غير ذلك من المصنوعات والمزروعات التي كانت تقوم النساء بأغلبها الم يكن الاعتماد عليها في ذلك كليا خاصة وأن المرأة كانت تتولى جميع الشئون الاقتصادية في حالة غياب الزوج أو سفره أو موته ... , ومن ناحية أخرى فان النساء في مجتمع سبأ كان في مقدورهن أن يشغلن وظائف كبيرة.أي المرأة آنذاك كانت تمارس من الأعمال ما يمارسه الرجل دون استثناء لأنها فرد من القبيلة أو العشيرة لا فرق بينها وبين الرجل في إطار الواقع الاجتماعي ,وفي تحمل المسؤولية ,وبدون أي نظرة دونية إليها من قبيلتها أو عشيرتها باعتبارها أنثى ,وبدون أي كرة لوجودها كامرأة كما كان لها الحق في الامتلاك والسيادة والمساواة بين الرجل و المرأة .
كما قدم الدكتور سرجي فرانتسوزوف - معهد الدراسات الشرقية - سانت بطرسبوغ - روسيا ورقة بعنوان «مرة أخرى.. منزلة المرأة في اليمن القديم» تتناول هذه الورقة منزلة المرأة الرفيع في العربية الجنوبية القديمة، والتي تأسست على الاستقلال الاقتصادي لنساء العربية الجنوبية، ونوه إلى معلومات جديدة هامة عن هذا الموضوع في نقش سبئي غير منشور اكتشفه كريستيان روبان في منطقة نهم سنة 1978م، وسجله بالرمز (MAFRAY) - النشاف 1.والنقش يشير إلى حق المرأة المتزوجة التصرف بأموالها الخاصة من غير موافقة زوجها والى حقها في تقديم المساعدة المالية له حسب الظروف، وهذا النقش يشابه النقش الآخر الذي أعاد ألفريد بيستون نشره (YMN19) واقترح شرحاً جديداً ل (YMN19) النقش .
وهذا إن  دل فإنما يدل على المساحة المرنة من الحقوق والميزات التي كانت تتمتع بها المرأة اليمنية في الأمور الاقتصادية , وكذا عدم التمييز بين الرجل والمرأة من النواحي الاقتصادية .

الأوضاع الدينية للمرأة اليمنية قديما:-
       أما على الصعيد الديني فقد كان للمرأة أدوارها التي لا تنسى ،فقد كانت ديانة اليمنيين تقوم على أساس ثالوث من الكوكب فكانت الشمس هي الألهه الأم وكان القمر الأب وكان الابن كوكب الزهرة وهذا الثالوث هو (المقه) و(ذات حميم) و(عثتر) .
الجدير بالذكر أن المرأة اليمنية شاركت في الحياة الدينية وكان هناك نوع من النساء مخصصات للأمور الدينية وأن المراسيم الدينية لم تكن اختيارية بل كانت تُنم عن التفاني والإخلاص والتقوى ، فقد عملت المرأة في خدمة المعبد و كانت تعمل الأعمال المرضية للإله  فقد كان البغاء المقدس عند النساء اللاتي يقمن بعمله من مضاجعة الكهان وزوار المعبد نوع من أنواع العبادات والطاعات المرضية للإله  الموجبة لسخطه فلا يجب عصيانها، كما ثبت في النقوش أن المرأة  قدمت النذور للآلهة في ظروف مختلفة ولأسباب متعددة منها: توسلا لزيادة في الرزق ولإنجاب الأطفال ، و طلبا للشفاء وحمدا و شكرا للالهه ، كما قدمته كذلك تكفيرا عن العصيان و طلبا للغفران إلى غير ذلك ....
        إذا فالمرأة عملت خادمة للمعبد وباغية فيه ، وارتقت إلى أن وصلت إلى درجة الكهانة وربما عبدت واتخذت إلهه (تجسيدا رمزيا في الشمس )وهنا تشابه في وضعها الديني في اليمن القديم  ووضعها الديني ووضعها الديني في بابل .
ومن النساء اليمنيات من ذكرتهن النقوش القديمة وكان لهن دور ديني في تلك المرحلة نذكر :
*"شوف السبئية ":- ومن قبلها "ألبها" .ذكر النص أنها نصبت نفسها كمدافعة عن أخيها ,وعندما نجحت مساعيها سجلت ذلك في نص بمعبد أوام المعروف بمحرم بلقيس .وأنها أهدت تمثالاً ذهبا للمعبود المقة شاكرة له أن هداها إلى أن بلغت سد حروان بمشكلة أخيها ,وأنها سعيدة بحججها المقنعة وحل المشكلة, ويبدوا أنها كانت تملك من العلم والحكمة ما مكنها من الدفاع وإنجاح مسعاها وتخليص أخيها من ورطته.
*  طريفة بنت الخير الحميرية :- فقد كانت كاهنة يمانية من المشهورات بالفصاحة والبلاغة تزوجت الملك عمرو بن ماء السماء الازدي الكهلاني .وقد قيل أنها تنبأت بانهيار السد ,وذكرت ذلك لزوجها فاستعد هو وقومه للهجرة .وما إن بدأت قوافلهم بالرحيل حتى انهار السد ,وقد قيل أنها كانت عرافة زمانها وحكيمة عصرها.
*  لميس بنت اسعد تبع :- ,وقيل أنها ملكة كانت قبل بلقيس,وقد كانت زوجة للملك مرشد بن مالك الصافح ذو ناعط من مملكة حمير,وجد قبرها في زمن الحجاج بن يوسف هي وأختها مكتوب علية "هذه شمسه ولميس ابنتا تبع متنا وإننا نشهد أن لا اله إلا الله ".
· برآت سيرة جاهلية ديمة من بيت رثدة :- أو رثد ايل من جماعة شمر القتبانية ,وقد عثر على قاعدة تمثالها في دار هدّت لدى مدخل العاصمة تمنع وهو من البرونز ,وأرخ بعهد الملك (ورأويل)غيلان بن يهنم بن شهر يجل يهرجب ملك قتبان والذي يحمل توقيته بمنتصف القرن الأول قبل ميلاد المسيح ,ويبدوا أنها كانت من كبريات كاهنات "عم الجو"ووكيلة"عمد باديمة"ومن المعلنات للنّبوات المنسوبة إلية في معبدة (حسب زعمهم) .
والنقوش مليئة بأسماء نساء قدمن قرابين جنبا إلى جنب مع الرجل وكانت لهن مكانة وادوار مختلفة في الحياة الاجتماعية والأدبية والسياسية في ذلك الوقت.
*صفنات الابذلية:-اشتركت مع زوجها سعد كرب في تقديم تمثال برونزي للمقة شهرمان أب أو أم عساه أن يرشدها إلى آية تطمئنها على أنهما سوف يكسبان القضية القائمة بين الزوج وبين مولاة .ولم تنسى صفنات أن تدعوا معبودها أن يهبها ولداً ويبشرها بنوتة.
* أب صدوق : سيدة قديمة قتبانيه ,جاء ذكرها في نقش فيه :أب صدوق عزيم "أنثى من أسرة "وهب أيل من عشيرة حران وقبيلة ذرآن وأنها خصصت نذرها لمعبودها ابْناِي شيمان "أي ابناي الحافظ"في معبد رصف الكبير وأوكلت إلية أن يصون تمثالها فيه من أي فرد يووم تبديل موضعه.

الوضع السياسي للمرأة اليمنية قديما:-
       لم تتضح لنا دور المرأة سياسيا في اليمن القديم إلا عبر بعض النقوش وجدت تدل على بعض الأعمال التي تُعد من قبيل المشاركة السياسية ومن تلك الكلمات كلمة "مقتويت" أي "نائبة الملك في أمور إدارية وعسكرية أو ربما مدبرة أمور قصر الملك أو بيت الملك " اسم لمنصب إداري تقلدته امرأة يمنية في اليمن القديم ويرى الشيبة أن هذه الفئة من الناس لم تمارس أي نشاط اقتصادي وكذلك لم يرد ذكرها في نقوش ,ولكن كانت تقوم بالسفارات السلمية وتشترك في الحملات الحربية.-وكلمة "ملكت" :-"ملكة " .
لم تكشف لنا النقوش اليمنية القديمة المنشورة حتى الآن عن ملكة حكمت أو تولت سلطة الحكم كملكة .وقد تناولت بعض المصادر موضوع ملكة حكمت اليمن منها التوراة والإنجيل والقران الكريم ثم المصادر العربية و لربما تكشف لنا الآثار المطمورة تحت الرمال مستقبلا عن قصة هذه الملكة .
وقد ذُكرت نساء في النقوش كان لهن دور سياسي منهن:-
* اسيلم:-وقد وجد في نقش احد المعابد أنها ذات البيتين ,أي صاحبة البيتين,أو المنتمين إلى المعبدين :نفعان ويافع, وربما بمعنى المشرفة عليهما ووصيفة الحاكم شارح بن همدان ,أهدت المعبود عثتر بعل بنا تمثالين أو صنمين من العشور التي تعشرها من اجله أو باسمة وفاء لمقامة وسعده.
        ومن أهم الملكات اللواتي لم يرد ذكرهن في النقوش ولكن تناقلت أخبارهن الحكايات الواقعية والخرافية ,أو الديانات السماوية نذكر :-
*الملكة شمس :-
ملكة يمانية وهي أخت الملكة لميس وأشار بعضهم إلى وجود أخت لبلقيس اسمها شمس وفي بعض الروايات أن (سمسي) أي شمس هي أم بلقيس.
*الملكة لميس :-
وقد سبق الإشارة إليها  ويقال أنها ملكة كانت قبل بلقيس .
*ملـكة سـبأ :-
تذكر المراجع التاريخية أن والد الملكة (بلقيس ) قد رد على المعترضين على تولى (بلقيس ) للملك دون غيرها من الرجال بقولة :"يا معشر حمير إني قد رأيت الرجال وعرفت أهل الفضل والرأي ,فما رأيت مثل بلقيس رأيا,وحكما وعلماً, فاقبلوا رأيي فيها علكم تنتفعون بها وبرأيها انتم وعاقبتكم .فما كان منهم إلا أن قبلوا"
         لعلنـا لا نبـالغ إذا قلنا,أن المكانة العظيمة التي وصلت إليها ملكة سبأ(بلقيس),وذكرها في الكتب السماوية كملكة حكيمة رشيدة ,مقتدرة,تأمر فتطاع,وتحيط بها مظاهر الغنى والجاه والعز,لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أنها قد جعلت منها أسطورة امتزج فيها الحقيقي بالخيالي ,والتاريخ بالأسطوري,كما جعل منها مسرحا للخوارق والمعجزات ,واختلط فيه عالم الإنس بعالم الجن والعفاريت ,واصطرع فيها الخير والشر ,وكانت المغامرة والبطولة والحيلة والمكر مكونا من مكوناته.
ولادتهـا:-
شاع الجو الأسطوري منذ ولادتها حيث اجمع المؤرخون اليمنيون القدامى والحديثين والمفسرون ,إضافة إلى الحكايات الشعبية التي نسجها الخيال الشعبي اجمعوا على أن ميلادها كان من أب انسي وأم من الجان بل هي بنت ملك الجان أي من الطبقة الارستقراطية.
نسبهـا:-
أمها من الجن وهي (رواحه بنت سكن) في حكايات (التيجان)وهي (الحر وراء ابنة اليلب العرمي) ملك الجن في كتاب (ملوك حمير واقيال اليمن).
والدها هو الملك العظيم (الهدهاد بن شرحبيل بن بريل ذي سحر) . ويقول الأستاذ جواد علي في كتابة "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ",إن الذين جعلوا اسم والدها الهدهاد ,إنما اخذوا ذلك من الهدهد ,الطير الذي ورد ذكره في القران الكريم,والذي نقل نبا ملكة سبا إلى سليمان علية السلام..
اسمها :
بالرغم مما أكده بعض الدارسين بأن عهد بلقيس إنما هو من صنع الخيال المحض حيث أن الكتب المقدسة السماوية لم تذكر اسم ملكة سبأ ومكانتها.ولم يعثر المنقبون على اسم بلقيس في النقوش اليمنية المكتشفة حتى الآن ,ولا يعني ذلك عدم وجودها , فالتنقيبات الأثرية في اليمن لا تزال في مهدها.
وهناك احتمال بان اسم بلقيس منقول عن العبرية ,التي نقلته عن اليونانية ,وهو "بلجش " ومعناه الفتاة الجميلة أو الأمة الحسناء.إضافة إلى أن معظم المفسرين أكدوا أن اسمها بلقيس.
عبادتها :
كانت تعبد الشمس والنجوم وتحولت بعدها إلى عبادة الله ,ومن المعروف أن ديانة السبئيين أو غيرهم من شعوب الجزيرة العربية كانت تقوم على أساس ثالوث من الكواكب ,فكان الإله الأب هو القمر وكانت الإلهة الأم هي الشمس أما الابن فقد كان نجم الزهراء.وهذا الثالوث هو(المقة) و(ذات حميم) و(عثتر).
أدوارها :-
         يذكر التاريخ عددا غير قليل من نساء برعن في السياسة والأدب والشعر والطب والحكمة وتدبير الملك أيضا في مختلف الحضارات القديمة وتقف الملكة بلقيس ,ملكة اليمن,على رأس هؤلاء جميعاً.
         وقد صور لنا القران الكريم (سورة النمل ,الآيات 23-44) عظمة ملكة اليمن (التي لم يذكر اسمها ولم يحدد زمانها) بُعد نظرها وحُسن تدبيرها واعتيادها الشورى في إدارة البلاد .فقد روى القران على لسانها أنها قالت :"قالت يا أيها الملا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون"(النمل ,32).
     ومن الأعمال العمرانية التي قامت بها بلقيس ورفعت مجدها إلى ابعد صيت ترميمها سد مأرب الذي كان الزمان قد أضرة وخلخل أوصاله وبلقيس هي صاحبة الصرح الذي ذكره الله في القران العظيم في قصة سليمان ,وينسب إليها أيضا قصر بلقيس الذي بمأرب ,وكان سليمان ينزل عليها حين تزوجها فيه إذا جاءها .
      وتتجلى حكمة هذه الملكة في قول القران على لسانها أيضا:"قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ,وكذلك يفعلون,واني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون"(النمل 34,35).
ووردت في الشعر الجاهلي بعض إشعارات تشيد وتفخر بالملكة بلقيس ورجاحة عقلها وثرائها وعظمة عرشها وقصورها ورفاهية العيش فيها.
وقد أحاطت الأساطير ببلقيس وعرشها من كل جانب ,بل وتنازعت الأمم تاريخها ونسبها أيضا ,وصارت نهايتها وعرشها مضربا للأمثال ,كقول الشاعر القديم (ربما هو عمرو بن معدي كرب الحميري):
لا تحتقر كيد الضـعيف فربما   
            تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هد قدما عرش بلقيس هدهد    
                   وخرب حفر الفـار سـد مـأرب
وبهذا العرض الموجز لسيرة الملكة اليمنية العظيمة بلقيس ,والتي أوضحت لنا المكانة المرموقة التي كانت تحتلها المرأة اليمنية في التاريخ القديم والدور السياسي البارز الذي تولته وقامت به .
ومن الناحية التاريخية نجد ملكة أخرى حكمت اليمن في فترة لاحقة للملكة بلقيس كان لها دور سياسي وثقافي عظيم امتد من الفرات إلى بحر الروم ,ومن صحراء العرب إلى آسيه الصُغرى وهي الملكة الزّباء.
*الملكة  الزّباء بنت عمرو:-
     ملكة مشهورة صاحبة تدمر وملكة الشام ,وأمها يونانية من ذرية كليوباترة.كانت غزيرة المعارف بديعة الجمال مُولعة بالصيد والقنص ,تُحسن أكثر اللغات الشائعة  في عصرها ,وبنت تدمر ,وكتبت تاريخا للشرق,ولم تلبث أن طردت الرومان نحو سنة 267م فهزمت (هيروقليوس)واستقلت بالملك فامتد حكمها من الفرات إلى بحر الروم ,ومن صحراء العرب إلى آسية الصغرى ,واستولت على مصر مدة .أما خاتمة أمرها فمؤرخو العرب متفقون على قصة خلاصتها :أن الزّباء قتلت جذيمة الوضاح ملك العراق فاحتال ابن أخته أسمة عمرو بن عدي حتى دخل قصرها ,وهمّ بقتلها فامتصت سما ًقاتلاً,وقالت :بيدي ولا بيد عمرو ,نحو 358ق هـ .وقد اختلف فيها هل هي الملكة زينوبيا أم أنها غيرها.

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

السلام عليكم...
شكرا على المعلومات الرائعة
وهل من الممكن افادتي بمعلومات اضافية تتعلق بالأوضاع السياسية للمرأة في اليمن القديم وماذا كانت تفعل بالضبط..
أرجو الرد للضرورة