مقدمة: الطفولة بذرة طيبة لا يجوز المساس بها أو الاستقواء عليها، بل ينبغي إحاطتها بكل أشكال الرعاية والحماية وصونها بشتى أنواع الوسائل الكفيلة بتحقيق المصلحة الفضلى لها بما يساعدها على النمو المتوازن المتوافق مع الذات والتكيف مع المجتمع والقدرة على استثماره إبداعاً وابتكاراً. ونظراً لارتفاع معدل النمو السكاني العام في اليمن الذي يصل إلى (3.7%) فإن نسبة حجم ما تمثله فئة الأطفال ما بين سن (صفر- 18) عاماً تشارف على الاقتراب من نصف مجموع السكان في الأعوام الأخيرة، إذ بلغ عددهم (11.405.000) بحسب تعداد عام 2004م(1)، إن المسئولية والأعباء ستتضاعف وتزداد تجاه الأطفال الذين يعانون ويعيشون ظروفاً صعبة استثنائية ولا يلقون اهتماماً أسرياً كافياً بحدود المستويات الدنيا لإشباع احتياجاتهم الضرورية بما يجنبهم كل أنوع الإذلال والاستغلال والعنف المجتمعي كأطفال الشوارع وأطفال التهريب وأطفال اليتم وغيرهم. وتمثل هذه الظواهر مشكلة كبيرة في بلادنا، وتحدياً أمام الحكومة والمجتمع المدني على السواء، وذلك لما يترتب عليها من مشاكل اجتماعية وثقافية قد يكون لها أثرها المستقبلي المهدد للأمن والاستقرار الاجتماعي، حيث تفاقمت وأصبحت مصدر قلق للحكومة والمنظمات الأهلية، التي بدأت تولي هذه المشكلة الكثير من الاهتمام عبر إيجاد الحلول والمعالجات التي من شأنها الحد من هذه الظواهر، لكن الحقيقة أن هذه الجهود تظل محدودة الأثر على الأرض، وغير قادرة على تحقيق الأهداف المتوخاة من وضع المعالجات اللازمة للحد من هذه الظواهر. حول هذه الظواهر من الأطفال: التعريف، الأسباب، والعوامل الخاصة والعامة، والأرقام والإحصائيات، والآثار والجهود المبذولة، والصعوبات المانعة، والتوصيات المقترحة، سيكون حديثنا في هذه الورقة. أولاً:التعريفات (أ) أطفال يجابهون حياة صعبة غير آمنة: التعريف العام: هم جماعات من الأطفال أفضت بهم ظروفهم الخاصة إلى خروجهم بغير إرادة منهم عن بنية السياق الطبيعي للمجتمع مما أفقدهم الانتماء إلى بيئة مجتمعية آمنة، وحرموا من التمتع بحقوقهم المكفولة لهم دستورياً وقانونياً في الحياة والبقاء والنمو الصحي والتعليم واللعب والترفيه، ولذلك يحتمل تعرضهم لأخطار جسيمة في شتى جوانب شخصياتهم، مما يفرض أولوية مؤسسات المجتمع المختلفة لتقديم الرعاية البديلة والخدمات الوقائية والتأهيلية والعلاجية السريعة لهم لإعادة دمجهم في السياق الاجتماعي(2). وتصنف الدراسات هؤلاء الأطفال إلى مجموعات مثل: (أطفال الشوارع –الأطفال العاملون- الأيتام- أطفال الـمُتاجر بهم- المعاقون- أطفال الحروب والثارات- الأطفال المعنفون أسرياً- المتسولون- أطفال بلا عائل- أطفال السجون). وبحسب وصف المنظمة الدولية للطفولة فإن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن أعداد هؤلاء الأطفال في تزايد مخيف للغاية خلال السنوات العشر الأخيرة. ب) التعريف الخاص لظاهرة أطفال الشوارع: هم الأطفال الذين يتخذون من الشوارع مأوىً لهم وملاذاً لإقامتهم بصورة دائمة أو مؤقتة، ومصدراً لمعيشتهم، وتنقصهم متطلبات الرعاية الأخلاقية والاقتصادية والتعليمية والصحية الضرورية، ولا يجدون جهات رسمية أو مدنية أو قرابية ترعاهم وتشرف على مصالحهم. ويطلق عليهم "أطفال الكراتين". وعن أعدادهم: لا تتوفر أرقام إحصائية دقيقة صادرة من جهات وزارية رسمية ولكن هناك تقديرات لدراسات علمية ميدانية قد تبدو أرقامها تقريبية، فقد قدرت دراسة اليونسف 2002م حجم الظاهرة في صنعاء وحدها 28.789 طفل، كما قدرت دراسة علمية حديثة 2004م حجمهم في الأمانة فقط للفئة (9-14) سنة 18.000 طفل، وفي عموم اليمن، ما يقارب (40.000) طفل. ويمكن أن نشير سريعاً إلى جملة الأسباب الخاصة المرافقة لانتشار هذه الظاهرة: 1- تدني مستوى دخل العائل للأسرة وانتشار مظاهر الفقر. 2- التفكك الأسري وغياب الأمن العائلي لكثرة الخلافات والنزاعات بين الزوجين. 3- انعدام الوعي التربوي للأسرة بأهمية التربية والتنشئة الاجتماعية السوية ومتابعة تأثير أصدقائهم عليهم. 4- ارتفاع معدل النمو السكاني والإعالة والبطالة والتضخم وضعف شبكة الأمان الاجتماعي وجهود المجتمع المدني. 5- حالات الطلاق وتعدد الزوجات وموت أو سفر أحد الزوجين. 6- ندرة المؤسسات الاجتماعية الثقافية القادرة على امتصاص واحتواء أسباب الظاهرة بطريقة علمية وبإمكانيات مادية ومتاحة. 7- ارتفاع معدلات الهجرة الريفية بالمدن بسبب ضعف الخدمات التنموية الريفية. ج) أطفال التهريب للخارج بطرق غير مشروعة: لا يوجد تعريف نظري سابق لهذه الشريحة من الأطفال واجتهاداً يمكن تعريفهم: بأنهم (مجموعة من الأطفال يتم إخراجهم بصورة غير قانونية من الحدود الإقليمية عن طريق الاتفاق مع (مهربين) وإيداعهم في دول الجوار (……) وتوظيفهم في أعمال هامشية كنوع من الاستثمار الاقتصادي لذويهم في الداخل). ونظراً لخصوصية انتشارها في بعض محافظات الجمهورية مثل: الحديدة، ريمة، حجة. وأهمها تحديداً مديريات (حرض- أفلح الشام- بكيل المير). ووجد بأن 59.3% من الأطفال المرحلين هم من مديرية (حرض) نقطة الحدود التي يمر عبرها معظم العابرين بين بلادنا والمملكة العربية السعودية. وتهريب الأطفال لا يعد ظاهرة بالمعنى العلمي، وإنما مشكلة لعدد كبير من الحالات فهي ليست ظاهرة اتجار أو بيع للأطفال أو خطف أو إخفاء متعمد بدون علم أسر الأطفال كبعد جنائي قانوني، وإنما كمشكلة في سياق الوعي الاجتماعي والتقاليد والأعراف في الأسر نفسها. ولهذا فإن حجم المشكلة وإن كان ضئيلاً إلا أنه مؤشر على خطورتها وقابليتها للتوسع الكبير ما لم تعالج سريعاً. وبحسب بحثنا عن حجم هذه الظاهرة، فإن الجهات الرسمية: ليس لديها أرقام واضحة للأطفال المهربين تم استقائها من مركز الرصد والتبليغ لمكافحة التهريب في وزارة حقوق الإنسان، بل لم يسجل لديها أي بلاغ رسمي عن التهرب وإنما هناك أرقام مستفادة من دراسة قامت بها اليونسف ومن بعض المسئولين في الجهاز الأمني لعدد من المحافظات الرائج فيها انتشار مثل هذه الحالات العديدة. وتقدر اليونسف عدد الأطفال الذين تم القبض عليهم في السعودية وإعادتهم لليمن حتى مطلع مارس 2004م بـ (9.815) طفل. وبحسب ما أوردته صحيفة 26 سبتمبر، في عددها (1047) سبتمبر 2004م، على لسان بعض المعنيين بدراسة الظاهرة الذين أجري معهم الحوار: فإن عدد الأطفال المهربين في محافظة حجة بين عامي 2002-2004م (141) طفلاً أغلبهم ذكور، وعدد المهربين (90) منهم (3) نساء، بينما في منفذ حرض الحدودي وصل عدد الأطفال المسجل تهريبهم خلال 2002-2004م (218) طفلاً منهم (7) فتيات، وعدد المهربين (43) منهم (3) نساء، وإن معدل التهريب للأطفال يصل من (150-200) طفل سنوياً. أما ما صرح به سفير اليمن في السعودية لصحيفة (الأسرة) -ملحق أسبوعي لصحيفة (الثورة)- في عددها (269)، الصادرة في يناير 2007م أن عدد الأطفال المهربين إلى السعودية عام 2006م هو (900) طفل، وإذا كانت هذه المشكلة تشترك مع غيرها في أسبابها ودوافع حدوثها فإن السبب الرئيسي الأول هو الفقر المدقع والحاجة الماسة للبحث عن بعض النقود لسد رمق الحياة، إلا أنها تنفرد بنوع من الخصوصية السببية لحدوثها من الناحية الاجتماعية والثقافية: 1- كرغبة بعض الأهالي المقيمين في السعودية بدخول وزيارة أبنائهم إليهم بصورة متقطعة. 2- التفاخر والتنافس الاجتماعي بين الأسر بقدرة أطفالهم على الهجرة الخارجية والنجاح في مراهنة السفر والاغتراب وعوائده السريعة الثراء. 3- عدم حضور الأهالي والأسر لاستلام أطفالهم بعد طردهم من السعودية من الجهات الرسمية. 4- التأثير والوساطة في عدم سريان الأحكام الجزائية للمهربين من قبل بعض ذوي المكانات الاجتماعية والمتنفذة في السلطة، لاسيما وأن التشريع اليمني لا يحدد جريمة وعقوبة الاتجار بالأطفال وتهريبهم، وهذا يعين على غياب المبرر القانوني والجنائي لتحريك الدعوة جزائياً لتلك القضايا. 5- ضعف الإمكانيات والتجهيزات المساعدة لمكاحفة تدفق الأطفال إلى السعودية عير المنافذ البحرية والبرية لطول المساحات الحدودية في ظل التنقل اليومي لسكان تلك المناطق لتبادل المنافع والروابط المشتركة. 6- التنسيق المخطط والمدروس بين أسر الأطفال والمهربين والاتفاق بينهم على الأجور والتكاليف وتدريب الأطفال على إجابات معينة حال تعرضهم للقبض والمساءلة. 7- فارق العملة بين الريال اليمني والسعودي وإمكانية الربح السريع إذ يرسل الطفل لأسرته ما بين (200-500) دولار شهرياً. د) التعريف الخاص بالأطفال الأيتام: هم الذين توفي أبائهم ولا يوجد لهم عائل أو مصدر اقتصادي يقتاتون منه، فتقوم الدولة إما بإيوائه يإحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو بمساعدة شهرية لأوصيائه من أقاربه على رعايته بحضانة دائمة أو بالاتفاق مع أسرة بديلة لحضانته مؤقتاً وفق شروط محددة. ويقدر حجم الأطفال بحسب إحصائيات رسمية حديثة (2004م) الوارد في تقرير "وضع الأطفال في اليمن"، الصادر عن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، بـ (33.180)، يقطن منهم (2.432) يتيم في مؤسسات اجتماعية رسمية و(748) في مؤسسات اجتماعية أهلية، بينما العدد الأكبر منهم (30.000) يتم كفالتهم وسط أسرهم الفقيرة والتي تتلقى مساعدات ومعونات من جمعيات خيرية محلية وإقليمية بالتنسيق مع وزارة الشئون الاجتماعية والعمل. ثانياً: الأسباب العامة المؤدية إلى انتشار هذه الظواهر: أ) العوامل الاقتصادية: الفقر ثم الفقر بكل أشكاله ومسمياته من أقوى وأبرز الأسباب المؤدية إلى صناعة الظروف المجتمعية الصعبة التي يواجهها مثل هؤلاء الأطفال. وإذا كان الفقر بعموم معناه سبباً فإنه الوليد الشرعي لعدد من العوامل الاقتصادية الداخلة في تشكيلة أفرزت هشاشة في بنية وهيكلة النظام الاقتصادي الوطني وعدم استقرار سياسته التنموية. ومن جملة العوامل التي أفضت إلى ذلك خلال العشر سنوات الماضية: 1- البطالة. 2- انخفاض متوسط دخل الأسرة أو الفرد إلى أدنى مستوياته. 3- الهجرة الكثيفة من الريف إلى المدينة. 4- ظهور المشاكل الاجتماعية والنفسية، وارتفاع نسب الجريمة في المدينة كانعكاس للأوضاع المتردية والظروف المعيشية. 5- بروز الفوارق الاجتماعية بين شرائح المجتمع. إذاً فالفقر هو السبب الرئيس الذي يجعل الأسر تدفع بفلذات أكبدها لتعمل في الشوارع وتسافر عبر الحدود والمعابر. ب) الأسباب الاجتماعية: وتتمثل بجملة العادات والتقاليد والأعراف المتوارثة والمحددة لطبيعة الوعي والعلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع ومن تلك الأسباب: 1- الزواج المبكر والتفاخر بكثرة الأبناء وبالتالي ارتفاع معدل النمو السكاني ليصل (3.7%) وارتفاع نسبة الإعالة الاقتصادية. 2- ضعف شبكة العلاقات الأسرية إما لغياب الأب الدائم كسفره أو طول انشغاله بقوت عمله، وبالتالي تدني مستوى الوعي والممارسة بأهمية الرعاية والإشراف والتقويم لسلوكيات أبنائه وتربيتهم وفق أساليب التنشئة الإسلامية الصحيحة. 3- ارتفاع شبه الأمية لتصل إلى 48% من إجمالي السكان وهي عند الإناث أعلى من الذكور. 4- التباهي والمنافسة الاجتماعية لفلسفة حب التملك والقيم المظهرية للأشياء والاستهلاك المستمر لها كسمة للمدنية العصرية.. وبالتالي تشجيع الأبناء على دخول سوق العمل. 5- النزيف المستمر لهجرة أبناء المناطق الريفية إلى المدن وضواحيها بحثاً عن فرص عمل هامشية وبأجور زهيدة لضعف برامج التنمية المحلية في الريف. 6- حالات الطلاق والزواج المتعدد والهجرة الخارجية للمعيل والوفاه للوالدين أو أحدهما وفقدان العائل الاقتصادي. 7- ارتفاع أجور السكن. 8- ندرة المؤسسات الاجتماعية الرسمية والأهلية الممتصة لمظاهر تلك الحالات من الأطفال. 9- غياب التواصل والمشاركة بين مؤسسات (المجتمع، الأسرة، المسجد، المدرسة، الإعلام) للتنبيه بخطورة هذه الظاهرة. ج) الأسباب التعليمية: إن عدم وجود فلسفة واضحة مطورة تلبي احتياجات المتعلمين ومتطلبات سوق العمل من خلال معالجة أوجه القصور الجوهرية في مكونات النظام التعليمي الحالي وعلاج مشكلاته يعني ديمومة قدرة هذا النظام التعليمي في طرد وعدم استقطاب مدخلاته البشرية لمواصلة الدراسة. وبالتالي يمكن إيجاز تلك الأسباب التعليمة في الآتي: 1- نوع وكم المناهج والمفردات الدراسية من حيث استيعابها لجميع جوانب شخصيات المتعلمين ومراعاتها لميولهم والفروق المختلفة بينهم ومقدار ارتباطها بواقعهم الحياتي إذ أنها غير مترابطة ولا تلبي احتياجات المتعلمين. 2- نوعية الأساليب والطرائق التدريسية ومدى ارتباطها بأنشطة المتعلمين الذاتية وقدرتها على إثارة المشكلات لتحدي قدراتهم البحثية، إذ أنها تقليدية قائمة على الإلقاء والتلقين والشرح والحفظ. 3- نوعية الأسلوب الإداري المدرسي والتوجيهي الإشرافي وارتباطه بالنمو السلطوي أو الفوضوي وعجزه عن تفهم حاجات الجيل الجديد من المتعلمين. 4- نوعية السلامة والوقائية والعلاجية للعمليات الاختبارية وكيفية مواجهة ظاهرة الغش والتسريب والرسوب المتكرر. 5- غياب الإمكانيات والتنسيق المشترك بين المؤسسات المعنية لمعالجة ظاهرة البطالة المتعلمة، وكيفية ربط مخرجات التعليم المختلفة باحتياجات سوق العمل، وبالتالي فقدان الجدوى الاقتصادية من العائد التعليمي لدى الأسر فضلاً عن متطلباته المادية الـمُرهقة للأسرة. 6- التأثيرات السلبية على نوعية الخدمات التعليمية في القطاع العام المستوعب لأبناء الفقراء جراء عدم قدرته على منافسة القطاع الأهلي والخاص. ويمكن القول إن نسبة الأطفال المقيدين في القيد الدراسي لمن هم في سن (6-15) 55% بينما تقبع النسبة المتبقية منهم (45%) خارج أسوار المدرسة بحسب دراسة صادرة من ملتقى المرأة للتدريب والدراسات عام 2004م. د) أسباب إعلامية: وتتمثل في غياب البرامج والفعاليات والمواد والأنشطة التوعوية عبر وسائل الإعلام المختلفة التي تنشر الوعي الاجتماعي لمثل هذه الظواهر من حيث أسبابها ومظاهرها ومخاطرها وكيفية علاجها.. فضلاً عن أسباب قانونية، لاسيما فيما يتعلق بمشكلة أطفال التهريب، والأسباب المجتمعية التي تتعلق بضآلة الجهود المشتركة بين قطاعات المجتمع الرسمي والمدني والخاص بما يخدم القضاء على هذه الظاهرة، من خلال الحملات الدعائية والبرامج التدريبية والندوات العلمية والبحوث المشتركة. ثالثاً: أهم الأعراض والآثار الناتجة عن هذه الظواهر: إن من أهم الأعراض النفسية المترتبة على انتماء الأطفال لتلك النماذج هو: 1- فقدانهم السيطرة على نمط حياتهم وعجزهم عن معرفة أدوارهم الحقيقية تجاه أنفسهم ومجتمعهم ووطنهم، فيصبحون أكثر عدوانية ورغبة في تملك وسرقة الأشياء وإثارة الشغب. 2- أنهم يحملون صفات تدميرية تجاه أنفسهم ومجتمعهم فينخرطون لممارسة أعمال مهينة وجنائيه. 3- ليس لديهم مخاوف طبيعية من خرق النظم والقوانين. 4- أنهم أكثر عرضة للاكتئاب وفرط النشاط الزائد. 5- تتملكهم روح المغامرة والرغبة الشديدة في التمثيل واستقطاب الآخرين، والميل للحرية بعيداً عن الرقابة. 6- انخراط البعض في ممارسة الانحراف والإدمان بجميع صوره، كنوع من التعويض عن الاستغلال لحقوقهم الضائعة. 7- معاناتهم من سوء التغذية، مع قابليتهم الكبيرة للإصابة بالعديد من الأمراض. 8- انخفاض مستوى تقديرهم لأنفسهم واحتقارها، والشك والريبة نحو الآخرين. وما سيتولد عن كل تلك الأعراض من مشكلات تهدد الأمن الاجتماعي والأخلاقي للمجتمع. رابعاً: الجهود المبذولة من قبل الدولة ومؤسسات المجتمع المختلفة: لقد بذلت الحكومة ممثلة بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل ووزارة حقوق الإنسان والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة العديد من الجهود لتطوير نوعية الخدمات المقدمة لهذه الفئة من الأطفال على مستوى التشريعي والتأهيلي والوقائي العلاجي من خلال صدور عدد من المواد القانونية والالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الدولية وتبني عدد من الاستراتيجيات الوطنية والسياسات القطاعية والمشاريع والبرامج الهادفة إلى احتواء حجم هذه الظواهر ومكافحة أسبابها والتقليل من مخاطرها. ومن أبرز تلك الجهود على سبيل المثال: 1- المصادقة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل عام 1991م. 2- إصدار قانون حقوق الطفل اليمني الصادر عام 1992م برقم (45) الذي استوعب في فصله الثاني من الباب السابع المسمى (الرعاية الاجتماعية البديلة) وكذلك في فصله الأول والثاني من الباب المسمى (أطفال الظروف الصعبة) عدداً من المواد الحقوقية الخاصة؛ بما يتوجب على الدولة والمجتمع تجاه الأطفال الذين يعيشون ظروفاً صعبة ويحتاجون لحماية معينة ترعى مصالحهم بما يحفظ لهم الحياة الكريمة والنمو الصحي السليم. ومن تلك المواد المادة رقم (110، 111، 112) المتعلقة بتوفير الأنظمة البديلة كالأسرة الحاضنة، ودور الأيتام، ومؤسسات الضمان الاجتماعي. والمادة رقم (113، 114) بشأن الحصول على النفقة الشهرية، أما المواد الواردة في الفصل الأول من الباب التاسع فقد حددت عدداً من التدابير والإجراءات العلمية والعملية الواجب اتخاذها من قبل الدولة كإنشاء المراكز والمكاتب والمؤسسات التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وتمويل البرامج والمشاريع الهادفة إلى معالجة أوضاع هؤلاء الأطفال وتخفيف الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المستغلة لطفولتهم؛ كالمادة رقم (144، 145، 146) كما تضمن الباب الحادي عشر الخاص بالعقوبات في المادة رقم (155) المشتملة على عدد من الفقرات من رقم (1-7) المتعلقة بالمحاسبة القانونية والعقوبة الجزائية المحددة لنوع الجرم المرتكب بحق الطفولة أثناء رعايته والإشراف على مصالحه الخاصة. 3- إصدار قانون الرعاية الاجتماعية رقم (131) لعام 1991م وتعديلاته بالقانون رقم (17) للعام 1996م القاضي بحماية الأطفال الفقراء المعدمين والذين يحتاجون إلى رعاية خاصة كأطفال الشوارع والأيتام. 4- تنفيذ مشروع حماية وتأهيل أطفال الشوارع وبناء عدد كبير من المراكز في صنعاء وعدن. 5- إدماج التدريب المهني في المناهج الدراسية للأطفال الأيتام. 6- إقامة مراكز الخدمات الاجتماعية الشاملة في صنعاء وعدن. 7- إنشاء دار التوجيه الاجتماعي للفتيات في الأمانة. 8- التوسعة في دور الأيتام الموجودة في حجة والمحويت مع محاولة فصل الأيتام عن الأحداث الجانحين في حجة وإنشاء دور جديدة في حضرموت والحديدة. 9- التشديد في الإجراءات الاحترازية الأمنية في مكاتب الهجرة والجوازات عند طلب استخراج جواز سفر للأطفال. 10- افتتاح مركز للرصد والتبليغ عن حالات التهريب للأطفال إلى خارج البلاد. 11- توسيع نظام شبكة الضمان الاجتماعية لتأمين الاحتياجات الضرورية لمستوى معيشة الأسر الفقيرة. 12- التنسيق المشترك بين الجمعيات الخيرية وخدمات الصندوق الاجتماعي للتنمية ومنظمات المجتمع المدني وبعض الوزارات الحكومية كالداخلية والصحة والتعليم والإعلام والعدل والشئون الاجتماعية والعمل لتقديم الإرشادات والاستشارات والخدمات المختلفة ضمن عدد من البرامج والأنشطة والدورات التدريبية والدراسات الميدانية حول تلك الظواهر. خامساً: بعض المعوقات الحائلة دون القضاء على الظاهرة: ومع كل تلك الجهود الرسمية والمدنية إلا أنها ما زالت متدنية وخدماتها غير متكاملة وينقصها كثير من الإمكانيات المالية والفنية والبشرية والتوعوية وفقاً للمعاير الوطنية والدولية لحقوق الأطفال الذين يحتاجون لرعاية خاصة. إذ أن أعداداً قليلة من الأطفال هم المستفيدين من تلك الخدمات أما الأغلبية العظمى منهم غير مشمولين بتلك الرعاية في الوقت الذي تنتشر وتمتد حجم هذه الظاهرة يوماً بعد يوم، والسبب يرجع إلى عدد من الصعوبات والمعوقات الحائلة دون القضاء عليها ومن أبرزها: 1- استمرار الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنين وما يمثله ذلك من زيادة نسبة الفقر والبطالة بينهم. 2- النظرة الاجتماعية السلبية لهؤلاء الأطفال لدى أفراد المجتمع بأنهم أطفال مجرمين بالفطرة ومجبولين على السلوك الإجرامي السيئ وراثياً. 3- تدني مستوى الوعي والجهل المسيطر على أولياء أمور الأطفال مما يزيد من انتشار ظاهرة أطفال الشوارع وحالات التهريب ويقلل من فرص العلاج للتخفيف من أسباب الظاهرتين من خلال حضورهم لاستلام أبناءهم المهربين أو تشجيعهم على السفر، ومن خلال استرداد أطفالهم من مراكز الرعاية والتأهيل للدفع بهم مجدداً إلى الشارع. 4- الافتقار إلى قاعدة بيانات ونظام للمعلومات والمؤشرات الإحصائية الرسمية حول أرقام الأطفال الذين يعانون من الظروف الصعبة يحتاجون لرعاية اجتماعية خاصة. 5- عدم وجود تعريف قانوني لأطفال الشوارع مما يوقعهم في إطار المساءلة القانونية. 6- غياب النص التشريعي لمرتكبي جرائم تهريب الأطفال ونوع العقوبات الجزائية لذلك وغياب المبرر القانوني لتحريك الدعوة الجزائية ضد المهربين لعدم وجود بلاغات رسمية. 7- عدم اكتمال البناء المؤسسي للعديد من الآليات المتخذة في مشاريع الرعاية البديلة المختلفة. 8- شحة الموارد والموازنات المالية المعتمدة المساعدة على تفعيل الأداء النوعي لخدمات دور الأيتام والمشاريع الملبية لاحتياجات أطفال الشوارع لتحسين التوسعة المكانية وتحديث الأنشطة وبرامج التأهيل. 9- قلة المساعدات المالية والعينية الممنوحة من الجهات الوطنية والإقليمية والدولية لتغطية تنفيذ المشروعات المعنية بخدمات الرعاية البديلة. 10- غياب البرامج التأهيلية التدريبية المتكاملة لبناء قدرات العاملين في تلك الدور والمشاريع وتحسين مستوى مهاراتهم الإشرافية والتعليمية والخدمية. 11- موسمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات الرسمية والمدنية والأهلية؛ لتقديم البرامج والأنشطة والنشرات والندوات التوعوية اجتماعياً وتربوياً وثقافياً حول أسباب ومخاطر وضع هؤلاء الأطفال وكيفية ضمان حقوقهم. 12- غياب دور الأسرة التربوي، وإهمال الأبويين لأبنائهم وانشغالهم عنهم بالأعمال أو الترفيه الشخصي. 13- غياب دور المدارس في معالجة سلوكيات الأطفال، وحل معاناتهم الأسرية، بحيث يجدون المحضن البديل في توجيه قدراتهم وتخفيف معاناتهم. 14- غياب دور المساجد ومدارس التحفيظ –خاصة-، حيث أن الكثير من الأسر لا تولي هذا الجانب عناية مهمة في مجال تغذية الجانب الروحي لدى الأبناء، الأمر الذي يخفف عنهم وطأة الحياة ويرشدهم إلى السلوكيات الصحيحة. سادساً: مجموعة من المقترحات الوقائية والعلاجية: 1) توسيع شبكة الضمان الاجتماعي وزيادة حجم ونوعية مساعدتها للأسر الفقيرة. 2) تعزيز الدعم الإرشادي وتوفير المعلومات والأحكام والقواعد لأقارب وأهالي الأيتام حول المعاملة الإسلامية لهم وضمان حقوقهم. 3) تشجيع القطاع الخاص ليكون أكثر مبادرة لتقديم الرعاية الخاصة متضافراً مع جهود الحكومة. 4) وضع معايير نوعية لخدمات الرعاية الصحية التعليمية والغذائية للأطفال في المراكز والدور الاجتماعية مع المراقبة الدورية لها لدعم نموهم الصحي المناسب. 5) توسيع قاعدة التعليم الأساسي والثانوي بما يحقق حصول جميع الأطفال على تعليم مجاني إلزامي. 6) تجديد نوعية المناهج والإعداد الجيد للكادر التعليمي بما يضمن التقليل من إمكانيات الرسوب والتسرب المدرسي. 7) توسيع قاعدة نظام التدريب المهني والأنشطة الصيفية في المناهج الدراسية الرسمية والمراكز الإيوائية. 8) تقوية فرص الشراكة الموحدة بين المؤسسات الاجتماعية الخيرية المحلية والإسلامية مع لجهات الرسمية المعنية بتوفير الحماية المناسبة لهؤلاء الأطفال. والقيام بالحملات التعبوية الطوعية وتقديم الدعم المالي والانخراط في الدورات التدريبية حول إعداد وتنفيذ لبرامج الرعاية الاجتماعية وانتشار مراكز متخصصة في التدريب المهني ومحو الأمية والإرشاد النفسي وممارسة الهوايات يكون الغرض منها التأهيل وإعادة دمج الأطفال مع إلى أسرهم بعد ترحيلهم من السعودية أو سكنهم في الشارع. 9) أجراء الدراسات العلمية التشخيصية والعلاجية لتركيبة الأسرة اليمنية الفقير وإبراز المشكلات المؤدية إلى عدم استقرارها وتفككها كشفاً للأسباب الكامنة وراء تلك المشكلات. المراجع: 1- وضع الأطفال في اليمن –التقرير الدوري الثالث- المجلس الأعلى للأمومة والطفولة2006م. 2- كتاب الإحصاء السنوي –الجهاز المركزي للإحصاء 2004م. 3- التقرير الاستراتيجي اليمني –المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية 2004م. 4- أطفال الشوارع في اليمن –ملتقى المرأة للدرسات والتدريب 2004م. 5- قانون حقوق الطفل رقم (45) لعام 1992م –الجريدة الرسمية وزارة الشئون القانونية 2002م. 6- المؤتمر الوطني للطفولة –المجلس الأعلى للأمومة والطفولة 2001م. 7- مؤتمر الطفولة الوطني الأول جامعة تعز 2005م 8- مجلة إقتصاد وأسواق العدد (16) أكتوبر 2004م. 9- بعض التقارير والتحقيقات في الجرائد الرسمية والأهلية (الثورة، 26 سبتمبر، آدم وحواء). ----------------------------- (1) الجهاز المركزي للإحصاء 2004م. (2) وضع الأطفال في اليمن – التقرير الدوري الثالث- المجلس الأعلى للأمومة والطفولة 2006م. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق