السبت، 5 فبراير 2011

بحث تاريخي في رسائل اخوان الصفاء وعقائد الإسماعيلية فيها


بحث تاريخي في رسائل اخوان الصفاء وعقائد الإسماعيلية فيها
البروفيسور -حسين فيض الله الهمداني

بحث تاريخي في رسائل أخوان الصفاء
قدمت في إدارة المعارف الإسلامية بلاهور ( بنجاب الهند 1933م )
المقـــــدمة
           نشرت المكتبة التجارية الكبرى في سنة 1928 م مطبوعة رسائل إخوان الصفا التي عنى بتصحيحها السيد خير الدين الزركلي ، واطلعت على ما فيها من مقدمتين قيمتين نفيستين . مقدمة تحليلية للأستاذ الدكتور/طه حسين ، والأخرى تاريخية للأستاذ/ أحمد زكي باشا . ونشرت مجلة المجمع العلمي العربي ( بدمشق الشام 1928 م ) مقالة علمية للأستاذ السيد / عبد اللطيف الطيباوي من القدس هدية رسالته النفيسة المسماة " جماعة إخوان الصفا " ( طبعت مرة ثانية عن مجلة "الكلية" التي تصدر عن الجامعة الأمريكية في بيروت 1930م – 1931م ) . واستفدت كثيراً من هذه المباحث العلمية. فاليوم أريد أن أذكر طرفاً مما تعين وتحقق عند هؤلاء الأساتذة المحققين في أمر الرسائل لكيما نعرف النتائج التي استنبطوها بعد درس الرسائل ، وأذكر شيئاً قليلا مما وجدته في كتب الدعوة الإسماعيلية المصونة في خزائن الدعوة باليمن والهند ، ثم شواهد خارجية وداخلية بأن الرسائل لا بد لها من صلة بينها وبين الحركة الإسماعيلية .
فأقول: إن العلماء المتقدمين والمتأخرين قد اختلفوا في أمر تأليف رسائل إخوان الصفا اختلافات عديدة: من ألف هذه الرسائل وأين ومتى ألفت هذه الرسائل.. ولم يأتوا فيها بقولٍ فصل، بل ذهبوا فيها كل مذهب، وأظهروا في مباحثهم آراء متباينة وأفكاراً متضادة ولهذا رأيت أن أذكر في كلمات موجزة ما يُغني عن الإسهاب والتطويل.

رأي أبي حيّآن التوحيدي

قيل إن جماعة من علماء البصرة ألفوا رسائل إخوان الصفا في أواسط القرن الرابع بعد الهجرة النبوية. وأول من قال بهذا الرأي هو أبو حيّان التوحيدي في كتابه" الإمتاع والمؤانسة "( راجع مقدمة أحمد زكي باشا ص 30) ثم أورد جمال الدين أبو الحسن القفطي المصري المتوفى سنة 646 هـ في كتابه "تراجم الحكماء " كلام طويلاً ضمنه ذكر الحديث الذي جرى في سنة 373 هـ - 983 م بين أبي حيان وبين وزير لصمصام الدولة ، فاستخلص منه أن زيد بن رفاعة أقام بالبصرة وصادف بها جماعة منهم أبو سليمان محمد بن معشر ألبسني المعروف بالمقدّسي المعيشي وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني وأبو أحمد المهرجاني والعوفي وغيرهم ، واجتمعوا على تأليف الرسائل . وقال القفطي : " إن هؤلاء جماعة اجتمعوا على تصنيف كتاب في أنواع الحكمة الأولى" . ثم قال :
    "ولما كتم مصنفوها أسماءهم ، اختلف الناس في الذي وضعها . فكل قوم قالوا قولاً بطريق الحدس والتخمين. فقوم قالوا: هي من كلام بعض الأئمة من نسل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. واختلفوا في اسم الإمام الواضع لها اختلافاً لا ينبت له حقيقة. وقال آخرون : هي تصنيف بعض متكلمي المعتزلة في العصر الأول والغريب أن القفطي اعترف بوجود الناس الذين قالوا إن الرسائل من كلام بعض الأئمة العلويين ، واعترف بوجود مذاهب أخرى في أمر الرسائل مع هذا أنه يستند ويعتمد على كلام أبي حيان .
     وقال الأستاذ أحمد زكي باشا ( ص 34 ) في شأن الجماعة:
" وعلى ذلك يكون مؤلفوها ممَّن نحوا نحو الإسماعيلية وذهبوا مذاهبهم، وقالوا بمقالاتهم...وقد أعملت الجهد الجهيد في تطلب ترجمتهم، ومعرفة أخبارهم وشؤونهم... فلم يسعفني القدر ببلوغ الوطر.. الخ ". ولكن الأستاذ لا يرى في إطناب أبي حيان في مدح زيد بن رفاعة إلا"دلالة ضمنية على فائق فضلهم وواسع علمهم ".
وهكذا استنبط الأستاذ السيد عبد اللطيف الطيباوي نتيجة توافق ما توصل إليها الأساتذة قبله حيث يقول : " وإذاً فتاريخ نشوء الجماعة وتأليف رسائلها يتراوح ما بين سنتي 334 هـ و373 هـ . هذا ما توصلنا إليه في تحقيق زمان الجماعة.....فالبصرة إذاً مركز الجماعة وفيها قامت مؤسستهم على رأي القفطي " من حديث أبي حيان " . ولسنا على حق في الاعتراف بصحة هذه القضية كحقيقة تامة . فلا شاهد آخر إزاء القفطي مستقلاً عنه يذكر هذا الأمر . وقد تحاشى الإخوان ذكر اسم البلدة التي كتبوا فيها رسائلهم كما هي العادة كما تحاشوا ذكر التاريخ " .
 ألا يصح لنا أن نقول " على طريق الحدس والتخمين ". لا بعين العلم واليقين إن هذه الجماعة – إن صح لنا وجودها – كان مذهبهم ومسلكهم مصطبغاً بصبغة المذهب الإسماعيلي ولكننا لا نعرف أخبار هذه الجمعية السرية حق المعرفة.

ماذا يقول المجريطي

وقيل إن مسلمة المجريطي المتوفى سنة 398 هـ ألف رسائل إخوان الصفا . عزيت الرسائل إليه اعتماداً على ما جاء في كتاب " رتبة الحكيم " . وليس كتاب " رتبة  الحكيم " بتأليف الحكيم المجريطي ، بل هو منسوب إليه فقد أثبت العلماء مؤخراً أن هذا الكتاب ألفه أحد غير المجريطي لا نعرف اسمه في قرن بعد وفاة المجريطي ولكننا لا نبحث هاهنا أمر الاختلاف في تأليف كتاب " رتبة الحكيم " . بل نرى ماذا يقول صاحب الكتاب في أمر الرسائل :-
     " وقد قدمنا من ألتآليف في العلوم الرياضية والأسرار الفلسفية رسائل استوعبنا ما فيها استيعاباً لم يتقدمنا فيها أحد من عصرنا البتة . وقد شاعت هذه الرسائل فيهم وظهرت إليهم فتنافسوا في النظر إليها ، وحضّوا أهل زمانهم عليها . ولا يعلم من ألف ولا أين ألف غير الحذاق منهم لما دأبوا على مطالعتها لاستحسانهم إياها واستعذابهم لألفاظها . أنها من تأليف زمانهم وعصرهم الذي هم فيه ولا يعلمون من ألفها ... الخ ".
فهل يوجد في العبارة المتقدم ذكرها أن المجريطي أو غير المجريطي ألف الرسائل ؟ بل يذكر صاحب الكتاب أن أبناء زمانه لا يعلمون " من ألف ولا أين ألف غير الحذاق منهم ". ثم يصرح أن الرسائل تأليف زمانهم وعصرهم الذي هم فيه. وأما قوله:  ( وقد قدمنا من ألتآليف ... رسائل ) فلعله يشير إلى أمر نقل الرسائل من الشرق إلى الغرب لأن المجريطي أو تلميذه الكرماني أو صاحب كتاب " رتبة الحكيم " كان أول من أدخل الرسائل إلى الأندلس ( راجع   The History of the  Muhammodan Dynasties in Saain, P. de Gayangos,(291-427).                                   
   
   وقد قال الأستاذ أحمد زكي باشا: " فالظاهر أنهم لما اطلعوا عليه ( أي على كتاب رتبة الحكيم) قالوا إن الرسائل التي يذكرها إنما هي المعروفة برسائل إخوان الصفا وهو وهم".

    وقال المحبي المتوفى سنة 1064 م في ترجمة البهائي :  إن هذا سئل عن مؤلف رسائل إخوان الصفا فكتب :"أنا الفقير رأيتها منسوبة للمجريطي وما تحققت من هو وما أخباره "  ثم قال :
    " رأيت ابن المكي ذكر في فتاويه وقد سئل عن صاحب رسائل إخوان الصفا وترجمته وما حال كتابه . فأجاب بقوله : نسبها كثير إلى جعفر الصادق وهو باطل وإنما الصواب أن مؤلفها مسلمة بن أحمد بن قاسم بن عبد الله المجريطي .... وممن ذكره ابن بشكوال وغيره – وكتابه فيه أشياء حكميَّة وفلسفية وشرعية . وممن شدد عليه ابن تيمية لكنه يفرط في كلامه فلا تغتر بجميع ما يقوله " .( راجع خلاصة الأثر ، ج 4 ، ص 706 ) .
  
  فما أورد العلماء الذين ذكرهم المحبي دليلاً واضحاً على انتساب الرسائل إلى المجريطي بل تناقضوا في مقالاتهم أشد تناقض .
     وأما ما ذكره صاحب " كشف الظنون " أن المجريطي ألف كتاباً يسمى " رسائل إخوان الصفا " . أوله : " الحمد لله الذي خلق فسوى الخ " فمفيد لنا لأنه أشار إلى كتاب غير الرسائل المتداولة بين الناس حيث قال : " وهو نسخة مغايرة على إخوان الصفا " .
فالذي أشار إليه صاحب " كشف الظنون " هو الرسالة الجامعة .
م-2
الرسالة الجامعة

    وكان ظن العلماء إلى أواخر القرن الأخير أن رسالة الجامعة المذكورة في الرسائل الإحدى والخمسين المتداولة بين الناس مفقودة غير موجودة عندنا. ولكن المستشرق الفرنسي كزانوفا ( Casanova ) وجد نسخة منها مفقودة الصفحات الأولى في المكتبة الأهلية بباريس ، ثم نشر مقالة في هذه الرسالة . وأخذ العلماء يدرسون الرسائل من وجهة أخرى . و" اتجه الفكر مؤخراً إلى الاعتقاد بوجود صلة بين فلسفة إخوان الصفا من جهة وعقائد الإسماعيلية من جهة أخرى "
( الطيباوي ص 71 ) هذا ما توصل إليه كزانوفا Notice sur un manuscript de la seete de  بعد درس الرسالة (Assassitahis Journal Asiatique., 1898, p 151 seq.)
"  لا أراني إلا مصيباً في القول أن فلسفة الإسماعيلية جميعها مبثوثة في رسائل إخوان الصفا . فالقول بالإمام المستور الذي سوف يظهر ليعيد السلام إلى العالم – هذا القول عندهم يمثل امتزاج النظريات الأفلاطونية بالاعتقاد بالمجيء الثاني للمسيح ...
    وعليه فمن الجور في الحكم أن يرمى القرامطة والحشاشون بالكفر والانحطاط الأخلاقي كما جاء في فتوى ابن تيمية الذي يزعم القسم الأخير من ( البلاغ الأكبر ) إنكار لوجود الخالق . إذ لم نجد في الرسالة الجامعة التي هي لب الرسائل وروحها ما يدعم هذا ألزعم ، بل على الضد من ذلك نجد في تعاليمهم الطاهرة والمثلية المتقمصة بنزعات الشمول الدائنة بالجمال ، البعيدة كل البعد عن نزعات الشك والمادية الخ ." هذا ما ذكر في ترجمة السيد عبد اللطيف الطيباوي " .
    وأيضاً توجد مخطوطات هذه الرسالة في مكتبة ميونـخ ألمـانيا
( Aumer No. 653) وفي دار الكتب المصرية ومكتبة الأستاذ المرحوم أحمد تيمور باشا  في مصر وكلها منسوبة إلى المجريطي.
    وأما النسخ المصونة في خزائن الدعوة اليمنيـة فتسـمى باســم
" الجامعة " أولها – " الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدّر فهدى، والذي أخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى... الخ ) كما جاء به صاحب " كشف الظنون ".
      وكانت الدعوة الإسماعيلية اليمنية تهتم برسالة الجامعة منذ أواخر الدولة الصليحية في اليمن اهتماماً بليغاً . وكانت هذه الرسالة معروفة باسم " الجامعة " عند أولى الدعوة من القرن السادس بعد الهجرة. ولا ينسبونها إلى الحكيم المجريطي أو إلى غيره ، بل يحسبون أنها من أجزاء الرسائل . وذكر الداعي إبراهيم بن الحسين ألحامدي المتوفى سنة 557 هـ اسم الجامعة غير مرة في كتابه المسمى " كنز الولد " وهو يقول :- " قال الشخص الفاضل الكامل صاحب الرسائل " ، ثم ينقل عبارات كثيرة من الرسالة الجامعة .                   وهذه الشواهد تدل أن هذه الرسالة موجودة غير مفقودة.

الرسائل ورأي علماء أوروبا

     وأيضاً يجب علينا أن نعترف بفضل علماء أوروبا لأنهم درسوا الرسائل بالإمعان ونشروا أبحاثهم العلمية التاريخية في تآليفهم وأثبتوا صلة بين تعاليم الرسائل وعقائد الإسماعيلية . وكان الأستاذ كزانوفا زعيم القائلين بهذا الرأي وأول من اعتنى بدرس الرسالة الجامعة ولكن جماعة من المستشرقين تقدموا إلى القول بأن الرسائل مصطبغة بالصبغة الإسماعيلية ,ووصلني مؤخراً كتاب من الأستـاذ ديـبور( DeBoer ) صاحب كتاب " تاريخ الفلسفة في الإسلام " وفيه يقول :
كان أغسطس ميولر ( Aug. Mueller ) أول من قال بأن الرسائل ألفت قبل تأليف رسائل الكندي والفارابي ولكن غولد تصير ( Goldziher ) كان يعرف الصلات بين الرسائل وبين الحركة الإسماعيلية . وقد أيدته في نظريته فلذلك ذكرت زمن الرسائل والرازي في كتابي المؤلف في سنة 1906 م قبل الكندي والفارابي اللذين يجمعان في تآليفهما الافلاطونيه الحديثة والأرستطاليسية . وكان العلماء يزعمون قبل سنة 1900 م أن تأليف الرسائل كان بين زمني الفارابي وابن سيناء . والآن أنتم أيدتمونا وأغنيتمونا في آرائنا ونظرياتنا بالشواهد الأدبية ( من مكتوبة المؤرخ في إلهاي في 21 يناير 1933م) .
  وأما ما ذكر الدكتور ماسينون ، Massignon, Der Islam, 1913
( iv,p.324) من الأبيات الواردة في الرسائل فيفيدنا لتقرير تاريخ الرسائل ونرجو أن يتوجه العلماء في المستقبل إلى تحقيق أسماء ناظمي الأبيات. ولا محيص لمن يريد أن يدرس الرسائل وتاريخها عن مباحث لفلوغل وديتريصي وغولد تصير وديبور  ونيكولسون  وغيرهم من العلماء المحققين المستشرقين .

كتب الدعوة الإسماعيلية اليمنية

      فأريد الآن أن ألفت أنظاركم إلى استنباط الدعـوة الإسماعيـلية
 " وسينشر في المستقبل القريب في مجلة الجمعية الآسيوية الملكية البريطانية ( Ras ) بلندن بحثي التاريخي في كتب الدعوة المستورة  وهي محفوظة إلى يومنا هذا في خزائن كتب الدعوة باليمن والهند " .
     وهذه الأبحاث كانت مستورة إلى هذا الأوان ولكن الظروف والقضايا الاتفاقية ساعدت محققي أوروبا بحصول بعض كتب الدعوة وذكر جريفيني  وماسينيون  وتريتون  عن بعض هذه الكتب المصونة في متاحف أوروبا . وهي مهمة جداً لأنها تحتوي على أمور تاريخية ومفيدة للذين يريدون أن يدرسوا تاريخ العقائد الفلسفية في الإسلام. ومنها كتب للمؤلفين المتقدمين الكبار ما كنا نعرف إلا أسماء بعضهم مثل كتب الفيلسوف أبي يعقوب السجزي والشيخ أبي حاتم الرازي والقاضي النعمان والحكيم أحمد حميد الدين الكرماني والداعي المؤيد في الدين الشيرازي وغيرهم . ولو استقصينا ذكر هؤلاء المؤلفين وتآليفهم لخرج بنا الكلام عن حيز هذه الرسالة. فنذكر هذه الآداب لأنها تغنينا في درس هذه الرسائل ولأن هذه الآداب قد نشأت في الزمن الذي ظهرت فيه الرسائل وبلغت الحركة الإسماعيلية إلى أوجها العلمي  الأدبي .



الرسائل وذكر الدعوة الإسماعيلية
       وانتقلت كتب الدعوة الإسماعيلية الفاطمية المصرية في أيام خلافة المستنصر بالله والمستعلي لدين الله والآمر بأحكام الله ، ثم بعد انقراض الدولة الفاطمية في مصر إلى اليمن لأن الصلات كانت موجودة بين الأئمة الفاطميين في مصر والسلاطين الصليحيين في اليمن . ثم اتخذت الدعوة اليمنية تدرس الرسائل ، ومن حيث ما بلغه علمي أن أول من ذكر الرسائل والرسالة الجامعة في تاريخ آداب الدعوة الإسماعيلية هو الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي المتوفى سنة 557 هـ . ثم لم يقع نظري إلى اليوم في تآليف الدعاة الذين كانوا في أيام الخلفاء الفاطميين على ذكر الرسائل . ولكن الدعاة اليمنيون أكثروا مباحثهم في الرسائل وأمعنوا في مطالعتهم إياها وتآليف الدعاة المتقدمين . فصارت الرسائل عندهم " قرآن الإمامة " ويحترمونها كما يحترمون " قرآن الأمة " كما قال الشيخ إبراهيم السيفي المتوفى سنة 1236 هـ في كتابه المسمى  " تحفة رسائل الإخوان الذي هو شرح الرسائل الأربعة الرياضية من القسم الأول من رسائل إخوان الصفا " : " وسمعت بعض العلماء يقول إن رسائل إخوان الصفا هي القرآن بعد القرآن وهي قرآن العلم كما أن القرآن قرآن الوحي وهي قرآن الإمامة وذلك قرآن النبوة " .
     وهم يعتقدون بأن الرسائل ألفها " الإمام الهمام قطب الأقطاب مولانا أحمد المستور ابن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق " في أيام الخليفة المأمون العباسي كما صرح به ونص عليه إدريس عماد الدين المتوفى سنة ( 872 هـ - 1467 م ) في كتابيـه
( عيون الأخبار) و ( زهر المعاني) وهاهنا نورد بيان الداعي إدريس في أمر الرسائل حيث قال في الجلد الرابع في كتاب " عيون الأخبار " ( ص 229 ) :
" وقام الأمام التقي أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بعد أبيه بأمر الإمامة وبث دعاته في الآفاق من سلمية واتصل به الدعاة ودعوا إلية وهم مخفون لمقامة كاتمون لاسمه .... وكان المأمون حين احتال على علي بن موسى الرضي بن جعفر ظن أن أمر الله قد انقطع وحجته عن الأرض قد ارتفعت... فحين ظن المأمون العباسي .. ذلك الظن ووهم ذلك الوهم سعى في تبديل شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وتغييرها وأن يرد الناس إلى الفلسفة وعلم اليونانيين... وخشي الأمام ع م من أن يميل الناس إلى ما زخرف المأمون عن شريعة جده ... فألف رسائل إخوان الصفا .
( ثم ذكر مؤلف كتاب عيون الأخبار بعد هذا فهرست الرسائل على التمام ) فهذه فهرست الرسائل التي ألفها الأمام ع م جمع فيها أنواع العلوم الفلسفية والهندسية والشرعية ... وجعل الجامعة هي منها الغاية التي يتبين فيها لمراد . و يتضح المعنى للمرتاد ، وقصرها على خلصاء شيعته وخيرة خاصته ... وإنما ألف الأمام أحمد ... تلك الرسائل.... لتقوم الحجة على المأمون وأتباعه ....وقد انحرفوا عن علم أهل النبوة ، وآثروا الفلسفة ، ثم إن الأمام أمر أن تبث تلك الرسائل في المساجد ... فحين وقع الناس عليها رفعت إلى المأمون .... فعلم أنه لم يمنع شيئا، وأن ما رامه من قطع حبل الإمامة لا يكون.
     ثم أنه اتصل به أحد دعاة الإمام.... وسأله عن شيء من غامض العلم ليدله عليه فأنبأه  بذلك بما أمكن أن يبينه .... فباء بذنبه معلناً وللإصرار مبطناً وقال : ليتني أجد خلف الرسول ، فأبوء إلية بإثمي .... وأدفع إلية ملكي ... فاغتر ذلك الداعي بقوله ووعده إلى موعد ليدله على الإمام بعد أن أخذ عليه في ذلك العهود و المواثيق.... وهاجر ذلك الداعي إلى حضرة إمامة ع م . وعرفه بما دار بينه وبين العباسي من الكلام ، ... فعرفة  الإمام ع م أن ذلك الجبار لا يوفي محلفه .... فأبى ذلك الداعي إلا التمادي في مطالبة الإمام ، .... وكرر على الإمام ذلك المقال ، قال له " أذهب وعرفه أنك الأمام ، .... وأنك إنما سترت عنه ذلك تقية وامتحانا..... وستعلم أنه في كل ذلك يمكر بك وأنه سوف يبين راسك عن جسدك " فودعه الداعي ، ورجع إلى المأمون ... فأظهر المأمون البشر لقدومه ... ثم خلا لهما المجلس ، قال...  فهات إلى عنوان الخبر ، وعرفني بالأمام من أبناء إسماعيل بن جعفر، فأعاد عليه الداعي مؤكدات الأيمان ... فحين أعطاه من المواثيق ما طلب ... قال له ذلك الداعي " إني أنا الإمام... وإنما كتمت عنك لخوف سطوتك "   ... وقد كان سمع عن علمه ما دله أن ذلك لا يوجد إلا في معدن النبوة والإمامة فحين ظن المأمون أن المخاطب له هو الإمام ، دعا سيافه ، وأمره أن يضرب عنقه بالحسام ، فقال : " صدق صلى الله عليه لقد نبأني أنك من الظالمين " فعلم المأمون عند ذلك أنه لم يقع على مراده فقتل ذلك الداعي .... وكان الداعي يكنى الترمذي قس.    
     وقد قال بعض المتأخرين ... إن الرسائل ليست لأحد الأئمة المستورين ، واحتج ببيت سطر في الرسائل وهو من قول .... المتنبي.
" وفي الجسم نفس لا تشيب بشيبه ***
ولكن ما في الجسم منه خراب ".
" وهذه الرسائل ألفها الأمام المذكور أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر   صلى الله عليه وسلم بغير شك .. ولان هذا البيت أورده بعض الناسخين من المتأخرين".
    وقد وجدنا في العبارة المتقدمة بيانا يختلف عن بيان المؤلف في كتابه الآخر " زهر المعاني " في بعض التفاصيل مع أنه لا يريد إلا أنتساب تأليف الرسائل إلى إمام مستور من العلويين فبين إدريس في" العيون " أن على بن موسى الرضى قتله المأمون قبل ظهور الرسائل وفي " زهر المعاني " على خلاف ذلك قال أن علي بن موسى الرضي وصل إلى المأمون بعد ظهور الرسائل.
فمن أين أخذ إدريس هذا البيان وما مصادره لنظريته الجديدة ؟ أظن أن الداعي إدريس لعله استنتج روايته من المصادر الآتية التي وجدت في كتب الدعوة:
قال الداعي شرف الدين جعفر بن محمد بن حمزة ( المتوفى سنة 834 هـ) في رسالته  " الموقظة " :
     " .... حتى هم المتسمى بالمأمون أن يرد الأمة إلى دين الفلسفة والقول بالنجوم وقال ما جاء محمد صلى الله عليه وسم إلا بناموس ملك به الناس وحقيقة وأساس حتى أظهر ولى الله وأبن رسول الله رسائل إخوان الصفاء فيها ما تحير فيه جميع العالم من العلوم في كل فن والاستشهاد على شريعة الرسول .... وهو صلى الله عليه وسلم إذ ذلك في كهف التقية مستتر، ودعاته الباقون مفرقون لتلك الرسائل في كل مشهد وقطر، فرجع اللعين عما هم به من ذلك.... " .
 ثم قال الداعي على بن محمد الوليد الأنف المتوفى سنة (612 هـ - 1216 م ) في كتاب " دامغ الباطل " ( ج 2 ، ص 47 – 49 ) :
   " ليس بجحد الجاحدين للحق يبطل ويستحيل ، ولا بإجماع أهل الباطل عليه يعلو على الحق ويستطيل ، وعلوم هذا الإمام وآبائه الكرام عليه أفضل التحية والسلام في جميع الفنون الدينية ... جايلة في الآفاق بين أهل الدعوة الهادية ، كاشف نورها لظلم الاختلاف الحادث بين الفرق الإسلامية وغير الإسلامية ، وليس إذا ضعف بصر الخفاش عن نور الشمس يبطل ، ولا إذا جحد جاحد المشاهد يجوز جحدانه عند أهل العقول ويقبل ، ...وقد كان من أحد أئمة الهدى سلام الله عليهم من إظهار جل العلوم ، المحتوية على كل فن جامع للفوائد في باديها والمكتوم ، في الرسائل التي فرقها في الجهات ، وعمر بها سائر المدارس والاجتماعات ، حين رام المأمون العباسي نسخ الشريعة بإحياء علم النجوم والتطريف والتعطيل للملة الإسلامية فلم يمكنه أن يبلغ من ذلك ما يروم ، بل جعلوا تلك الرسائل جامعة من كل فن من العلم لجملة وتفاصيله ... فحين لمع برهان تلك التأليفات لكافة أهل العراق وسطع شعاع حقها في سائر الآفاق ، أنكفى المسمى بالمأمون عما رامه راجعا، وأعمل فكره وصرف همه إلى منشئ ، ذلك ظاناً أن يظفر به فيكون بقتله إياه سلب الحق منتها ، وينسب له اغتصاب أهل بيت النبوة الذي فيه كدح وأسلافه وسما ، فأظهر التشيع متظاهراً به وتسارب إليه من الفاطميين من اغتر بتمذهبه فأفنى منهم نفرا ، ولم يظفر بالشخص الأشرف الإمامي ولا أدرك منه وطرا.... "
وقال القاضي النعمان(المتوفى سنة 363 هـ- 973 م) في كتاب " شرح الأخبار" :
     " وقيل إنه وقع إلى المأمون رجل من الشيعة ، فكاسره ، فقامت حجة عليه وانقطع المأمون وأراه القبول لما جاء به وجعل يستبحثه عن إمام الزمام عندهم ، فأومى له إلى على بن موسى بن جعفر بن محمد ، فرأى أنه قد ظفر ببغيته ، ودبر أمرا ، وأراد الحيلة فيه أن يظهر ويدعو إلية ، ثم يعمل في قتله ، ولم يطلع أحدا من الناس على باطن مراده في ذلك أن لا يفشوا ذلك عنه " .
(4)  ثم قال الداعي جعفر بن منصور اليمن باب الأبواب في دعوة المعز بالله الفاطمي في كتاب " سرائر النطقاء " :
    " ثم وجدنا الفرق التي بعد هؤلاء اجتمعت على ولده أحمد بن موسى وهو المسمى بعلي الرضي ، الذي نصبه المأمون ، وجعله ولى عهده ،والإمام بعده ، .... ولم يشك أحد من العلويين والشيعة أن الأمر منصرف إلية بعد المأمون ، .... وذلك أن المأمون جمع الفقهاء والعلماء من سائر البلدان ، وناظرهم في الفدك والعوالي . حتى ردها على ولد فاطمة ع م بعد  إقامة الحجة عليه ، كل ذلك حيلة على صاحب الأمر ،فلم يجد إلى ذلك سبيلا لستره نفسه عن الظهور قبل أوانه واختفائه عن أعدائه وانتظار الفرج في حينه وأوانه ... واتصل خبره برجل كان منصرفا في الشام من قبل ولى الزمان وكان دار هجرته بيت المقدس، وكاتب صاحب الجزيرة بالتوجه إلية فسار نحوه باذلا نفسه ابتغاء مرضاة الله ... وسار الرجل حتى دخل إلية وبذل نفسه وجاهد في الله حق جهاده . فكان من خطاب المأمون له في وقت دخوله إلية فلما أفلح بالحجة علية قال أرجو أن تكون الحجة الخفية المطلوبة ، والنعمة الواسعة الموهوبة ، وباب الرحمة الموجودة ، فتحك الله لي ، فقال له أما الحجة المطلوبة ، فلا يجاب رحمة فتحت لك فيهم ، فاسمع استماع من يخشى الصمم ، وتثبت تثبت من يخاف الزلل ، ولقد جرى بينهما ما يطول شرحة أن تقصيناه ويخرج عن حد الكتاب حتى أنه بسط إلية يدا كانت عن الحق مقبوضة . وفي الجور مبسوطة ، وأنعم عليه ، وعرفه بمولاه ، وأفاض عليه من نوره وهداه ، فساواه في مجلسة ، فشرح له ما جرت به السنة الماضية ، وتركه على حالة إلي أوان الظهور ، وتمام المقدور بالوقت المعلوم ، والأجل المحتوم وأقام معه مدة طويلة ، بذل له في خلواته ،ويبذل نفسه في مرضاته ولم يزل يطارحه شيئا بعد شيء، حتى استكمل رضاعة ، وأكتفى بما أخذه منه ، ورآه الرجل قد قوى أمره ، وحسن مذهبه . وانصرف عما كان عليه ، فعند ذلك عرفه بحال المنصوب ، وما يكون منه ، وودعه وسار ... فلما لم يجد عند على بن موسى شيئا من الحق المطلوب ، ... وعلم أن حكمة الله مستورة عن أعداء الدين ، والجالسين مجالس الأئمة المهديين ، ومذخورة في أوليائه إلى أوان الظهور ، فعند ذلك قلب الرأي في أمره ، وأنه رآه خاليا مما طلبة فيه ، وغير مستحق لما أهله له ... فعند ذلك قتله .
       فنرى أن الداعي علي بن محمد الوليد المتوفى سنة 613هـ - 1216 م جد إدريس و"والد الجميع " كان أول من قال بهذا الرأي في كتابه المسمى" دامغ الباطل " ثم أخذه إدريس وصرح به في كتابيه " عيون الأخبار " و " زهر المعاني ". ومخطوطات هذه الكتب موجودة محفوظة في خزائن الدعوة غير معروفة إلا عند أرباب الدعوة. وكان ناشر مطبوعة بومبائي يتدين بدين الإسماعيلية وكان عالما بكتب الدعوة وحاويا لعلومها وتاريخها فأورد رأي إدريس – لا لنيل احتكار اختلقه كما زعم الأستاذ أحمد زكي باشا – لأنه وجد هذا البيان في كتاب " عيون الأخبار " وأما ما قاله على بن محمد بن الوليد وإدريس عماد الدين في أمر الرسائل فيجب علينا أن ندرس قولهما الجديد كما درسنا آراء مختلفة ونظريات متباينة عديدة . ولا غرو أن هذا الرأي يفيدنا في درس مسألة الصلة بين الرسائل والحركة  الإسماعيلية في الإسلام . وإذا درسنا مذاهب شتى في أمر تأليف الرسائل فأي شيء يمنعنا أن ندرس هذه النظرية ؟ وقد بذلت الجهد الجهيد في حل هذه المسألة العويصة ولكنني لم أتحصل على شواهد تاريخية وبينّات علمية التي تؤيد وتصدق هذه النظرية .
فلذلك ما أتيت برأي إدريس ههنا وفي مقالتي :
Rasail lkhwan as – Safa in the lileralure of the Ismaili Dawat ,der Islam Bd XX Heft 4                                               
إلا ليعرف العالم العلمي ماذا تعتقد الإسماعيلية  في أمر الرسائل ، وما أتيت بهذا البحث إلا لكيما يرى الطالب اعتقاد الإسماعيلية ونقطة نظرهم في أمر الرسائل لعل هذه النقطة تفيدنا في درس الرسائل وفي حل بعض معضلاتها إذا درسناها من الوجهة العلمية التاريخية .

فلسفة الرسائل وعقائد الإسماعيلية
دعوة الرسائل إلى علوم أهل البيت
معرفة الحدود وحقيقة الجنة
     وتدل هذه الشواهد الخارجية على أن الرسائل لا بد لها من صلة بين فلسفتها وعقائد الإسماعيلية. وهذه نتيجة توصلنا إليها بعد درس الرسائل نفسها. فالآن أذكر طرفا من مذهب الرسائل وفلسفتها التي تؤيد رأينا هذا . فمنها دعوى إخوان الصفا أن الرسائل تتضمن علوم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الرسائل:-
   " واعلم يا أخي بأنا قد عملنا إحدى وخمسين رسالة  في فنون الآداب وغرائب العلوم و طرائف الحكم كل واحدة منها شبه المدخل والمقدمات والأنموذج لكيما إذا نظر فيها إخواننا وسمع قراءتها أهل شيعتنا وفهموا بعض معانيها وعرفوا حقيقة ما هو مقرون بها من تفضيل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم  لأنهم خزان علم الله ووارثو علم النبوات تبين لهم تصديق ما يعتقدون فيهم من العلم والمعرفة الخ " (ج 4 ص 222 ) .
 فمن أراد أن يدخل مدينة العلم وجنة الدين فليأت الباب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا مدينة العلم وعلى بابها . ومن أراد أن يستفيد من هذه العلوم فيجب عليه أولا معرفة الباب وهي معرفة الحدود ومن عرف حدود الدين فقد دخل الجنة – جنة الدعوة والدين الاختياري إذ لا إكراه فيه         ( ج4 ص 406 ).

ولاية على بن أبي طالب
النطقاء والاختلاف في شرائعهم والدين دين الإسلام
دعوة الرسائل إلى إمام مستور

    تقيم الرسائل دعوة إلى محبة النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وولاية على بن أبي طالب وهذه المحبة والولاية هي " العماد " الذي تشير الرسائل إلية و " يجمع الإخوان حرمة الأدب والخروج من جملة العوام " ( ج 4 ص 229 ).
    وأما القول بالنطقاء والاختلاف في شرائعهم ووضائعهم والدين دين واحد ففلسفة هذا الاختلاف والائتلاف مشبعة في كتب الدعوة الإسماعيلية . ودليل ذلك في الرسائل قولها هذا " أن الأنبياء عليهم السلام لا يختلفون فيما يعتقدون من الدين سراً وعلانية ولا في شيء منه البتة كما قال تعالى" أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه":"ولكلٍ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً ". وأما النواميس والسنن والشرائع فهم فيها مختلفون كما جاء في الرسائل:
     " .... فهكذا شرائع الأنبياء واختلاف سننهم بحسب كل زمان وما يليق بهم أمة أمة وقرناً قرنا ،مثل شريعة نوح عليه السلام في زمانه ، وشريعة إبراهيم عليه السلام بعده في زمان آخر وقوم آخرين ، وشريعة موسى عليه السلام في زمان آخر وقوم آخرين ، وشريعة المسيح عليه السلام بعده في زمان آخر وقوم آخرين ، وشريعة سيد الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام والتحية والرضوان في زمان آخر وقوم آخرين كما قال تعالى : " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ... "  فهؤلاء كلهم دينهم واحد وإن كانت شرائعهم مختلفة " ( ج 4 ص 61 – 62 )
      وأما دين الإسلام فلم يتغير منذ خلقت السماوات والأرض ولن يتغير إلى يوم القيمة كما جاء في القرآن: " إن الدين عند الله الإسلام " ولكن الشرائع الأولى قد نسخت وبدلت بالأخرى الجديدة لأن معنى نسخ الشريعة تبديلها بالشريعة الجديدة. ما ينسخ ناطقا من شريعة إلا يأت بخير منها . وليس النسخ بإبطال ما يأتي به الأمام الأول بل هو تجديد شريعة السابق .
      وإن " الإمام " هو مركز دعوة الرسائل وهو الذي تدعو إليه الرسائل من أولها إلى آخرها . " وإذا اجتمعت خصال النبوة في واحد من البشر في دور من أدوار القرانات في وقت من الزمان ، فإن ذلك الشخص هو المبعوث وصاحب الزمان والإمام للناس مادام حيا "
( ج 4 ص 181 ) والإمام هو صاحب الأمر ( ج 4 ص 225 ) وصاحب الناموس الأكبر ( ج 4 ص 107 ) والشخص  ( ج4 ص 171 ) .
ولا توجد رسالة من الرسائل إلا وفي خطبتها " الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ءآلله خير أما يشـركون " . والمعنى فـي كلمـة
" العباد " في القرآن عند الإسماعيلية الأئمة من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم.

دور الكشف ودور الستر
القوة الإمامية الملكية وإزاءها القوة الإبليسية

      والإمام هو خليفة الله وبه صلاح العالم وربما كان ظاهراً بالعيان موجودا في دور الكشف وربما كان مستورا في دور الستر من تصاريف الزمان ونوائب الحدثان. وأما القول بأن الأمام المنتظر لا يظهر من خوف المخالفين فمن الآراء الفاسدة والاعتقادات المؤلمة (ج4ص87 )، لا يكون مفقود الوجود بل يعرفه أولياؤه. لا يخلو زمان من الإمام لأنه "حجة الله على خلقه وهو تعالى لا يرفع حجته ولا يقطع الحبل الممدود بينه وبين عباده" (ج4ص354) إن الأئمة هم أوتاد الأرض وهم الخلفاء بالحقيقة في الدورين جميعا. ففي دور الكشف يظهر ملكهم في الأجساد والأرواح . وفي دور الستر يجري أمرهم في الأنفس والعقول " ( ج4 ص354) ويكون الأمام مستترا في "كهف التقية" وهو " كهف أبينا آدم " مدة من الزمان ولا يكون ظاهراً للعيان موجودا للمكان حتى جاء وقت الميعاد . ( ج 4ص107) .
    وفي دور الستر يكون فعل إبليس إزاء القوة الأمامية أقوى ما يكون لأن الإمام يكون مختفيا مستورا " وإن كانت أنواره تضئ في نفوس العارفين به" . قد صرحت الرسالة الجامعة ما كان مرموزاً في الرسائل حيث جاء في الرسالة :- "إن إبليس كان بالحقيقة شخصا من بقايا أشخاص آخر دور الكشف الأول ممن كان قد لحق بعد شرائطه ووقف على شئ من معلوماته فلذلك قيل : إنه كان من الجن وإنه فسق عن أمر ربه ... فلما جهل أهل دور الستر إلى أن يسجد للذي هو أول خليفة قام به بأمر الله تعالى وأراد إبليس أن يكون هو القائم بذلك الأمر فأخلف الله ظنه وجعله تابعا لا متبوعا . فلما استكبر أبى وفسق .... وخدع أدم وغره وعارضه بمذاكرة علم دور الكشف وما فيه من الفوائد العقلية الباقية الخالدة الخ ". فإذا بهذا البرهان أن إبليس كان شخصا من دور الكشف تكبر عن قبول رياسة آدم دور الستر. وكذلك الأبالسة والشياطين أجمعهم أشخاص موجودون في كل دور من الأدوار إزاء الأئمة( وهم الملائكة المعصومون ) يخالفونهم ويضادونهم بقدر قوة صاحب الزمان حتى يكون زوال دور الستر ، فعند ذلك يُذبح إبليس ولا يبقى من ذريته أحد ، ويكون العالم سعادة كله ويكون الدين كله لله . وكذلك رموز الدين وأسرار العلوم ومعرفة قائم القيامة محجوبة عن أضداد الأئمة الذين هم الأبالسة في كل عصر من العصور ودور من الأدوار إلا عند إخوان الصفا وخلان الوفاء لأنهم ذرية آدم بالحقيقة كما جاء في الرسائل :- " أعلم يا أخي أيدك الله وإيانا بروح منه بأن علم البعث وحقيقة القيامة محجوبان عن إبليس وذريته وأتباعه وجنوده من شياطين الإنس والجن وهو سر الله الأعظم لا يطلع عليه أحد من خلقه إلا من أرتضى من أوليائه وأصفيائه وأهل مودته من ذرية آدم ومن ذرية نوح " ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً "  الخ ( ج 3 ص 84 ) . فهذه حقيقة الدورين – دور الكشف ودور الستر . ولها مرتبة عظيمة في فلسفة الإسماعيلية .




فلسفة العقول والأعداد
معنى الشر والخطيئة. معنى الأعياد عند الإخوان ومزج الفلسفة بالدين
     وأما فلسفة العقول وفلسفة الأعداد فمن أهم عقائد الإسماعيلية , وهذه الفلسفة التي اتخذوها من الأفلاطونية الحديثة والفيثاغورثية الحديثة مبثوثة في جميع الرسائل . ومنها أن " العقل " هو أسم مشترك يقال على معنيين أحدهما ما تشير به الفلاسفة إلى أنه أول مبدع أبدعه الباري المبدع . والمعنى الأخير ما يشير به جمهور الناس إلى أنه قوة من قوى النفس الإنسانية. والنفس الإنسانية هي قوة من قوى النفس الكلية . والنفس الكلية هي فيض فاض من العقل الكلي الذي هو أول فيض فاض من الباري ( ج 3 ص 37 ) . فلا توجد في الرسائل والرسالة الجامعة ذكر العقول العشرة التي أوردها الفارابي وبصورة أخرى معاصره الداعي أحمد حميد الدين الكرماني في كتابه " راحة العقل " .  ولكن الرسالة الجامعة تذكر أمر الخطيئة الأولى وتقاطر الرتب في العالم الروحاني اللطيف كما جاء في الرسالة :- " فقد بان بالبرهان وصحّ أن الشّر لا أصل له في الإبداع وسمي عجز الأشياء بحدوث بعضها عن بعض شرا بمعنى التخلف عن اللحوق بدرجة الفاضل المتقدم عليه ، ومتى غفل المفضول عن اللحوق بدرجة الأفضل ورضي لنفسه بالمقام الأخس الأرذل فهو الشر المحض البعيد عن الخير ... الخ " . فهذه الشواهد أوردتها لكي نعلم أن فلسفة الرسائل هي عين المذهب الإسماعيلي وهي تؤيد رأي العلماء الذين قالوا بأن الرسائل لابد لها من صلة بين فلسفتها وبين مذهب الإسماعيلية .
ولا تقيم الرسائل دعوة لإمام مستور في " كهف التقية " في كل موضع بصراحة القول ،بل تشير إلى الأمام وأمر الإمامة بعبارة غامضة فلسفية علمية وقد أوردت الرسائل ذكر الأيام الأربعة التي أتخذها الفلاسفة أعياداً ، ثم قابلتها بأعياد الشرعية الإسلامية لأنها وجدتها موافقة لها . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سن لأمته في شريعته ثلاثة أعياد . فالأول منها عيد الفطر ، وهو أعظم فرح يكون بخروج الناس من شدة الصوم إلى الفطر كفرح أهل الأرض بقدوم الربيع ، والثاني منها عيد الأضحى ، وهو يوم تعب ونصب يوافق للعيد الثاني الفلسفي ، ثم اليوم الثالث من الأعياد الشرعية هو يوم انصرافه من حجة الوداع بغدير خم  " وفرحة ممزوج لأنه خالط ذلك بنكث وغدر موافقآ للعيد الثالث الفلسفي المتقلب فيه الزمان من الصيف إلى الخريف" . والعيد الرابع من السنة الشرعية هو يوم الحزن والكآبة "فهو يوم وفاة النبي وعيد له غير أنه مشوب بمصاب أمته ..... كما حزنوا أهل بيت النبوة لما فقدوا سيدهم وغاب عنهم واحدهم وتخطفوا من بعده وتفرق شملهم وطمع عدوهم واغتصبوا حقهم وتبددوا. ثم ختم ذلك بيوم كربلاء وقتل من قتل من الشهداء ما افتضح الإسلام به ومن قبلة ما أنال أحق الناس بما قاسى أولاهم بالأمر من بعده . ثم من بعد غيبة صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم قتل من بعده من أجلة أصحابة المساعدين له في إقامة الناموس معه مثل صديقة وفاروقه وذي النورين وما تواتر على أهلة وأقاربه من المصائب . فصار ذلك سببا لاختفاء إخوان الصفا وانقطاع دولة خلان الوفا إلى أن يأذن الله بقيام أولهم وثانيهم وثالثهم في الأوقات التي ينبغي لهم القيام فيها إذا برزوا من كهفهم واستيقظوا من طـول نومـهم  " , وكانت الأخوان
" أحق الناس بالعبادة الشرعية ... وأحق الناس أيضا بالعبادة الفلسفية والقيام بها والتجديد لمادثر منها " فإذا أكمل الإخوان ذلك كانت لهم "سنة ثالثة " يتميزون بها . ولهم في هذه السنة الثالثة أعياد وهي لا تشابه أعياد الشريعة ولا أعياد الفلسفة بالحقيقة ولكن بالمثل لأن أعيادهم ذاتية قائمة بذواتها تظهر الأفعال عنها وبها وفيها .
 " فأعيادنا أيها الأخ هي أشخاص ناطقة وأنفس فعالة تفعل بإذن باريها " فاليوم الأول من هذه السنة يظهر فيه أول القائمين منهم وهو يوم فرح واستبشار لجميع الإخوان . وفي اليوم الثاني يقوم ثانيهم إذ كان فيه " تصرم دولة أهل الجوار " . واليوم الثالث هو يوم قيام ثالثهم وهو يوم " مقاومة الباطل الحق وكون الأمر على خلاف ما كان عليه . وفي اليوم الرابع يرجع الأخوان إلى كهفهم كهف التقية والاستتار و يكون الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم"بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء" .
وأما ما أوردناه من ذكر الأعياد فهو مهم لكونه في فصل يسمى"الفصل الجامع " من خاتمة الرسالة الثامنة من الجلد الرابع  ( ص 276 – 277 ) وهذا الفصل من الرسائل" بمنزلة القلب من الجسد والرأس من البدن وهو نهاية الغرض بعد الوقوف على ما فيها والارتسام بجميع ما رسمناه والاعتماد على ما وصفناه ".
وفي هذا الفصل الجامع نكات فلسفية ومسائل علمية تتميز الإسماعيلية بها . وفيه أيضا إحدى مساعيهم لتوفيق الدين بالفلسفة والعلم لأن الإسماعيلية أكثر الناس في تاريخ الإسلام ممن أدخل الفلسفة والعلم في الدين . ولأجل ذلك سموهم مخالفوهم " الملا حده "  و" الزنادقة " و " الثنوية " وهكذا نسبوا الإلحاد والزندقة إلى الرسائل لمزجها المسائل العلمية والنكات الفلسفية بالعقائد الدينية . وفي هذا الفصل دليل واضح على الصلات بين فلسفة الإسماعيلية ومذهب الرسائل .
دعوة الرسائل إلى قلب النظام السياسي
وإلى الحرية في الدين والسياسة

     وكأنك بالإخوان يريدون قلب النظام السياسي المسيطر على العالم الإسلامي. وكانوا يعملون في الخلوات لهذا الغرض السياسي كما استنبط الأستاذ طه حسين – وما أحسن استنباطه – حيث يقول : " كأن هؤلاء الناس إذا يعملون من وراء ستار ويؤلفون جماعة سرية . وكان قوام جماعتهم هذه فيما يظهر ، سياسي وعقلي " ، وكانوا يتوسلون إلى قلب هذا النظام السياسي " بتغيير النظام العقلي وإنشأ فلسفة جديدة تكون الحياة العقلية والعملية للفرد والجماعة تكوينا جديداً " ( طبعة مصر ص 8 ) . وكانوا يجتمعون لهذا الغرض ويبحثون في مجالسهم السرية عن خفيات الأمور . " فتذاكروا يوما من حوادث الأيام .... ومن تغييرات شرائع الدين والملل وتنقل الملك والدول من أمة إلى أمة ومن بلد إلى بلد ومن أهل بيت إلى أهل بيت . فاجتمع رأيهم واتفقت كلمتهم على أنه لابد من كائن في العالم قريب وحادث عجيب فيه صلاح الدين والدنيا وهو تجديد ملك في المملكة وانتقال دولة من أمة إلى أمة".( ج 4 ص225) . وكانوا يعقدون بينهم عهدا وميثاقاً يتناصرون ويتعاونون ويكونون " كرجل واحد في جميع أمورهم وكنفس واحدة في جميع تدابيرهم "  ( ج 4 ص 223 ) . وكانوا يريدون هدم بناء الدين القديم والمملكة القديمة وتأسيس " دولة أهل الخير يبتدى أولها من قوم علماء حكماء أخيار "(ج 4 ص 144 ).  وكانت دعوتهم إلى طلب العلوم والمعارف كلها ، ولا يعادون علما من العلوم ، ولا يهجرون كتابا من الكتب ، ولا يتعصبون على مذهب من المذاهب ، لأن رأيهم ومذهبهم يستغرق المذاهب كلها ويجمع العلوم جميعها . ( ج 4 ص 124 ) وكانت دعوتهم إلى طلب " معلم ذكي ، جيد الطبع حسن الخلق ، صافي الذهن ، محب للعلم ، طالب للحق غير متعصب لرأي من المذاهب " ( ج4 ص 130 ) وترك الاشتغال بإصلاح " المشائخ الهرمة الذي اعتقدوا من الصبا آراء فاسدة ، وعادات رديئة ، وأخلاقا وحشية . فإنهم يتعبونك ثم لا ينصلحون , وإن صلحوا قليلاً فلا يفلحون" ( ج 4 ص 131 ),ثم يحثون إلى طلب " الشباب ، السالمى الصدور ، الراغبين في الآداب ، المبتدين بالنظر في العلوم ، .... المستعملين شرائع الأنبياء عليهم السلام ، الباحثين عن أسرار كتبهم التاركين الهوى والجدل ، غير متعصبين على المذاهب ، بأن الله ما بعث نبياً إلا وهو  شاب ، ولا أعطى لعبد حكمة إلا وهو شاب ، كما ذكرهم ومدحهم فقال عز اسمه :
" إنهم فتيةٌ أمنوا بربهم و زدناهم هدىً " وأعلم بأن كل نبي بعثه الله فأول من كذبه مشايخ قومه .... كما وصفهم تعالى فقال " ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون ، وقالوا ءآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خَصِمُونَ "  (ج4 ص 131 ) .
وتدل هذه الشواهد كلها على أن الأخوان كانوا يريدون تغيير النظام السياسي المسيطر على العالم الإسلامي. واستخدموا الدين الإسلامي والعلوم والفلسفة المتداولة بين الناس في هذا العصر – وكان هذا العصر " من أنظر العصور الفلسفية في الإسلام " لهذا الغرض السياسي. وأقاموا دعوتهم إلى حرية الفكر وحرية القول وحرية النفس.






الإسماعيلية
رسائل إخوان الصفا
تلخيص النحلة والرسائل في عبارة

بقلم ( مصري)( القاهرة ) في جريدة  (البلاغ )في عدد 9 يونيه 1934 م

    كنت قد اطلعت منذ مدة في مجلة أسبوعية على مقالة عنوانها :
(هلموا إلى الصناعة) قيل فيها: " ولو كانت عندنا جمعية كتلك الجمعية التي تألفت أيام الدولة العباسية باسم ( إخوان الصفا ) لنشر المعارف الحقيقية لترقية الجمهور لجعلت مهمتها الأولى تعليم الناس مبادئ الكيمياء الصناعية لكي تهيئهم للدخول في غمار المدنية الحديثة "
ثم قرأت في مجلة أسبوعية غير الأولى كلاما في ( بيان ) وهو " وسنتبع ذكرى المتنبي بذكريات رجال الأدب السالفين وسيكون أول هؤلاء إخوان الصفا".
    ثم رأيت في هذه الأيام في جريدة يومية شيئا في"إخوان الصفا" قاربه ماش في ليل فيه فدفعني ذلك أن أقص في ( البلاغ ) هذه القصة مجتزئا في البحث عن الإسماعيلية ورسائل إخوان الصفا بها.
***
للنحلة الإسماعيلية دعوتان :- دعوة قديمة ،وأهلها اليوم إسماعيليو اليمن ، في جبال ( حراز ) في ذلك الإقليم ، وعددهم ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف . وكانوا أكثر من ذلك فأباد الأمام يحيى حميد الدين إمام الزيدية وصاحب اليمن فريقا كبيرا منهم .
وإبادة نحلتهم بالتي هي أحسن ، بالدعوة الحكيمة إلى حقيقة الإسلام هي – عند الإسلامية والعربية – خير وأكرم .
الإسماعيلي ( وشبيهه في الانحراف ) هو أخونا، وهو مسلم أفسد خصوم العربية والإسلام معتقدة، فما أسهل عودته إلى منزله الأول !
ودعوة حديثة ، وأهلها في الهند ، وفي بر الشـام ، وإمـامها
( آقاخان ) المشهور وقد بنى في السنة الماضية على حسناء فرنسية . وأخال أن لسان حالة يردد قول خالد بن يزيد الأموي في رملة بنت الزبير :
فلا تكثروا فيها الملام فإنني                       
                    تخيرتها منهم زبيرية قلبا
أحب بنى العوام طراً لحبها
               ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
فإن تسلمي أسلم وأن تتنصري
                 يعلق رجال بين أعينهم صلبا

هذا البيت مزيد في الشعر – فيروى أن عبد الملك ذكر له هذا البيت فقال له يا خالد، أتروى هذا البيت "فقال يا أمير المؤمنين، على قائله لعنه الله "
  وجماعة الدعوة القديمة في اليمن لا تأتم بـآقاخان ولا تعرفه

 وقد جاء الدكتور حسين الهمداني أستاذ تاريخ الإسلام في جامعة بومباي    ( القاهرة ) منذ ثلاث سنين ، وأراد أن يتعرف بنا . فاستقبلناه وصاحبا له وهو ( م .ى . ح . ) من المتخصصين بالمباحث الإسلامية استقبال مثله من أهل الفضل وكانت عند اللقاء أحاديث جمة
***
    قال:- وقد ذكرنا الإسماعيلية ورسـائل إخـوان الصـفا :-
" إن الإسماعيلية يرون القرآن الكريم كتاب العامـة ، الجمـهور( ثم لطف اللفظة فقال : الأمة ) ويرون رسائل إخوان الصفا كتاب الأئمة.
       فعالناه رأينا في تلك الرسائل ثم ذكرنا له – قاصدين الآلاف والإيناس – ( قول المعلمة ) أو إدارة المعارف الإنجليزية في التربية والتعليم – وهي غير تلك الكبرى – في رسائل إخوان الصفا وهو :
( إن الإسماعيلية قد أفضلت افضالاً كبيراً إلى فن التربية والتعليم برسائل إخوان الصفا ) . 
     ثم قلنا له: كنا قد قرأنا تلك الرسائل ولخصنا نحلة الإسماعيلية في هذه الجملة" الإسماعيلية هي قنطرة ( جسر ) بين الإسلام والإلحاد ".
فأخرج الدكتور الهمداني على الفور – كما تقول الفقهاء – دفتراً وكتب قولنا وقال : " ما سمعت بأحسن من هذا " .
على أن لحجة الإسلام ( الإمام الغزالي ) كلمة هي أحسن من قولنا وهي     ( الباطنية ظاهرها الرفض وباطنها الكفر المحض ) .
غير أن ( والله ) ما أخذنا ما قلنا من ذلك الإمام العظيم، وإنما أملت علينا جملتنا تلك الرسائل.
***
   أظن هذه القصة الموجزة تزيل كل اشتباه في رسائل إخوان الصفا، وتحق الحق، والقوم أدرى بكتبهم وأحوالهم.
   وما أريد بما سطرت أن أصد الباحثين عن بحث، أو أكره – بتشديد الراء رسائل إخوان الصفا إلى العلماء والأدباء. لكن أحب أن يمشى الكاتبون في النور لكيلا يوطئوا قومهم عشوة ( كما يقال )

¨ (المؤلف) 
   

ليست هناك تعليقات: