الاثنين، 29 مارس 2010

المرأة في التراث والتاريخ العربي والاسلامي

المرأة في التراث والتاريخ

العربي والإسلامي

الباحث

عبدالله هاشم يحيى الصنعاني

المقدمة

منذ نشأ المجتمع البشري والمرأة تقوم بدورها مع الرجل في تطبيق الحياة في العلاقات الجنسية بينهما وتقوم معه بمسئوليتهما في بناء الأسرة واستمرار النوع الإنساني ،وقد تطورت علاقة المرأة بالرجل على مرور الزمن وازدادت وضوحا ووثوقا في إطار العلاقات الزوجية بجميع أشكالها وهي إنجاب النسل كشأن جميع الأزواج من المخلوقات وفق الحكمة الإلهية.

وعليه فان علاقة الرجل بالمرأة ليست جنسية وإنما هي علاقة إنسانية شاملة فكما أن الليل والنهار يكونان اليوم ولا يمكن أن يكونه أحدهما ولا فضل لأحدهما على الآخر كذلك هي المسألة بالنسبة (للرجل والمرأة) اللذان يكونان (الإنسان ) والمجتمع البشري من الإنسان البدائي الى الإنسان المتمدن يعيش حياته الاجتماعية دائما في ظل أنظمة تفرضها العادات والتقاليد المعاشة والمعتقدات الدينية فلذا نجد في كل فئة أو طائفة أو شعب مقررات خاصة بشؤون المرأة ووفق ذلك يتم تحديد شكل وطبيعة هذه العلاقات .

ونظراً لبساطة الحياة كانت الواجبات الزوجية بسيطة ،ولكن تطور الحياة أدى الى تعقيدها ، هنا أخذ الرجل والمرأة يتجاذبان مسئوليات الحقوق والواجبات ،فإذا ما اتخذ الرجل موقفا اتهمته المرأة بتجاوز الحق والحد

ونظراً لاختلاف العادات والتقاليد والمعتقدات الدينية في العالم ؛ اختلفت مكانة المرأة و دورها في الحياة ونظرة المجتمع إليها و طبيعة علاقتها بالرجل ،مما أدى ذلك بدوره الى مقارنة بين وضع المرأة في الوطن العربي ووضعها في الدول الغربية وانقسم الناس إزاء ذلك الى قسمين الرافضين والمعارضين لهذه النداءات والشعارات ورأوها ليست إلاشعارات فارغة وأفكار هدامة ، البعض منبهر بذلك الوضع فأخذ التذمر يسلك فيهم مسلكه ساعد على ذلك التشددات المفرطة في الجانب الديني وفي الجانب العرفي وأخذوا ينادون بحرية المرأة اقتداءً بمثيلتها الغربية وظهرت كذلك دعوات خارجية وأصبح شعار المناداة بـ( حرية المرأة) دلالة حضارية وسبباً لنيل القروض والمساعدات من الجهات المانحة في نظام العالم الجديد خاصة للدول العربية والإسلامية ،ثم زادت الأصوات من هنا ،ووجدت تجاوبا من هناك حتى أصبحت (حرية المرأة،ومشاركة المرأة ،...المرأة..) قضية العصر إذا جاز التعبير .. ،

في هذا البحث أحاول أن القي الضوء على أوضاع المرأة ومكانتها على كافة المجالات والأصعدة لنخرج بصورة واضحة عن أحوال المرأة ومكاناتها ومدى مشاركتها في الحياة نظرة المجتمع إليها عبر التاريخ ،وذلك ابتداءً من العصور القديمة خصوصا اليمن القديم مروراً بالعصر الجاهلي والإسلامي وانتهاء بالعصر الحديث..

اسأل الله التوفيق والقبول..

هو حسبنا ونعم الوكيل ،

مقدم البحث

عبد الله هاشم يحيى الصنعاني


الفصل الأول

المرأة في المجتمعات القديمة

المكانة الاجتماعية للمرأة ودورها الاقتصادي

الحياة الاجتماعية للمرأة في المجتمعات البدائية

الوضع السياسي والديني للمرأة والدلالات الرمزية

المرأة في الحضارات القديمة


الفصل الأول

المرأة في المجتمعات القديمة

إن المجتمع الإنساني الأول لم يؤسس بقيادة الرجل المحارب الصياد بل تبلورتلقائيا حول الام التي شهدت عواطفها وحبها ورعايتها للأبناء حولها في أول وحدة إنسانية متكاتفة في العائلة الأمومية فالمبداء الأمومي يوحد ويجمع كما أنه عدالة ومساواة أما المبداء الأبوي فانه يفرق ويضع الحواجز والحدود كما أنه تملك وتسلط وتميز .

المكانة الاجتماعية للمرأة ودورها الاقتصادي :-

ففي المجتمع الأمومي سلم الرجل قيادة للمرأة لالتفوقها الجسدي بل لتقدير أصيل وعميق لخصائصها الإنسانية وقواها الروحية وقدراتها الخالقة وإيقاع جسدها المتوافق مع إيقاع الطبيعة فبالإضافة إلى عجائب جسدها الذي بدا للإنسان القديم مرتبطا بالقدرة الإلهيه وكانت روحها أقدر على التوسط بين عالم البشر وعالم الألهه فكانت الكاهنه الأولى والعرافه والساحره الاولى وبهده الأسلحة مضت تتبوأ عرش الجماعة دينيا وسياسيا واجتماعيا ولقد عزز الدور الاقتصادي للمرأة مكانتها هذه فلقد كانت بحق المنتج الأول في الجماعة لكونها المسئولة الأولى عن حياة الأطفال وتأمين سبل العيش لهم وكانت مسئوله عن تحضير جلود الحيوانات فحولتها ملابس ومفارش وأغطيه كما أنها أول من صنع الأواني الفخارية ،و بسبب قضائها وقتا طويلا في البحث عن الجذور والأعشاب الصالحة للأكل تعلمت خصائص الأعشاب السحرية في شفاء الأمراض فكانت الطبيبة الاولى وكانت من يبني البيت ويصنع أثاثه وكانت تاجرة تقايض بمنتجاتها منتجات الاخرين كما أنها أوقدت شعلة النار الاولى وكانت أول حارس حافظ لأسرارها حتى أن في المعابد والحضارات المتأخرة لازالت تقوم عذارى المعبد بحراستها والإبقاء عليها مشتعلة :وأبقت عليها مشتعلة حيث كانت النار تستخدم كسلاح فكانت الحيوانات لا تقترب من المناطق التي توجد فيها نارا مشتعلة فكانت سلاحا للدفاع عن النفس ناهيك عن فوائدها الأخرى وأخيرا توجت المرأة دورها الاقتصادي الكبير باكتشاف الزراعة ونقل الإنسان من مجتمع الصيد والالتقاط الى مجتمع إنتاج الغذاء(1)


فقد اكتشفت المرأة الزراعة بعد أن عاشت البشرية آلاف السنين قبل ذلك لا تعرف إلا إلتقاط ما تجود به الطبيعة من ثمار وخيرات غير أن المرأة كانت تقوم بادخار الثمار وما يلتقط في فصول الخيرات الى فصول الشتاء حيث لا توجد ثمار يلتقطونها فقد كانت تدخر لمثل هذه الأوقات ،من هنا اكتشفت الزراعة حيث نمت البذور فاكتشفت أنها بذور تساقطت في أيام التخزين لتصبح أشجاراً مثمرة بعد ذلك ، من هنا خصصت المرأة أماكن للزراعة ( لرمي البذور فيها) واعتنت بها...

وهنا يظهر جليا دور المرأة التي حولت المجتمع من مجتمع متنقل يعيش على الالتقاط وينتقل من مكان الى آخر بحثا عن ما تجود به الطبيعة الى مجتمع مستقر مؤمن غذائيا ، ثم بعد ذلك اكتشفت دجن الحيوانات ورعيها، وبذلك فان نمط الحياة قد تغير تغيرا كليا وكل ذلك يرجع الفضل فيه الى المرأة .

ومن هنا فقد تمركز المجتمع حول الام التي فاضت طباعها وصفاتها وصبغت حياة الجماعة بعلاقاتها ونظمها وجماليتها ، فقد ميزت علاقاتها بالمحيط الأوسع من خلال عاطفتها لحب أطفالها كما أسست روح العدالة والمساواة الاجتماعية فكان هذا هو النموذج الأساسي للعلاقات السائدة بين أفراد ينظرون لبعضهم علي أنهم إخوة في أسرة كبيرة تتسع لتشمل المجتمع الأمومي صغيرا كان أو كبيرا، كما كان ابتعاد سيكولوجية المرأة عن التسلط والاستبداد هوا لذي أعطى هواء الحرية الذي تتنفسه الجماعات الأمومية طيلة عهدها فالتحولات الجذرية التي تمت هنا نقلت الإنسانية من مرحلة الصيد والالتقاط الى مرحلة الاستقرار وتربية المواشي ، ولقد كانت نقطة انطلاق هذه التحولات مجموعة من الصيادين واللاقطين التي بدأت تدريجيا بالخروج من كهوفها والتجمع في وحدات قروية صغيرة شبه مستقرة وكان اقتصاد هذه المستوطنات يعتمد على القمح البري أكثر فأكثر، ومن هنا فإن بعض المجتمعات في فجر الإنسانية لم تجعل للرجل شيئا مذكور بجانب المرأة فقد كانت هي المسيطرة على الحياة العائلية بما لها من الأثر الأكبر في حفظ النوع(1) ، ومن هنا نستطيع القول أنه لأهمية دور المرأة الاقتصادي ، فقد استطاعت أن تفرض لها مكانة اجتماعية مرموقة ، فبعد استقرار العيش والحياة ـ بفضل المرأة ـ تطورت الحياة ولم تعد محصورة على الجمع والالتقاط بل وصل الإنسان إلى شيء من الرخاء ،في الوقت نفسه كان السكان في تزايد فتكونت جماعة هنا وجماعة هناك كما أن الالتقاط وجلب الخيرات لم يعد بالأمر السهل كما كان في السابق ، مما دفع أفراد بعض العشائر الى غزو عشائر أخرى لسلب خيراتها ونهب ممتلكاتها وأصبح الرجل هو من بجلب الرزق كما انه هو أيضا من يدافع عن القبيلة ضد أي هجوم خارجي ... وهكذا برز الدور الاجتماعي للرجل وتراجع دور المرأة وبالتالي تقهقرت مكانتها الاجتماعية

الحياة الاجتماعية للمرأة في المجتمعات البدائية :-

بعيداً عن مكانة المرأة في المجتمع فقد كانت لها حياتها الاجتماعية الهامة والمتمثلة في نظام الأسرة والتي تأتي من أجل الحفاظ على النوع الإنساني بمعزل عن علم الإنسان البدائي أن اللقاء الجنسي سبب التوال

الزواج في المجتمعات البدائية :-

في البدايات السحيقة للتجمعات الإنسانية كانت العلاقات الجنسية حرة تماما دون ضوابط أو قوانين فكانت كل امرأة لكل رجل وهذا الطور موغل في القدم الى درجة استحالة تقديم القرائن المباشرة على وجوده إلا أن إثباته يأتي من أطوار لاحقة له منبعثة منه، ثم حل فيها نوع من التنظيم المتطور، ومن هنا فان التنظيم لا يأتي الا بعد مرحلة سبقها حال من التخبط والفوضى وعدم النظام ، وكان نظام عائلة قرابة الدم هو الشكل الأول الذي ورث وضع الفوضى البدائية ووفق هذا النظام انقسمت الجماعات الزوجية حسب الأجيال، وهنا حرمت العلاقة الجنسية بين الإباء والأبناء من دون الأخوة والأخوات، ثم بعد ذلك في المرحلة الثانية حرمت العلاقة بين الإخوة والأخوات، كل هذا أدى الى تفتيت المشاعات القديمة وظهور علاقات زواجية أضيق فنشأ الزواج المشترك(1) ..

ومع خروج الرجل في رحلات الصيد وتعرضه للأخطار والافتراس من الحيوانات المتوحشة الأمر الذي أدى إلى قلة عدد الرجال عن النساء فانعدم التكافؤ في العدد بين الجنسين مما دفع المجتمع إلى وضع نظام للزواج مختلف عن النظام الأحادي ومع ظهور المرأة وعلو مركزها في تلك الفترة كان نظام تعدد الأزواج حيث يدخل العدد من الرجال على المرأة الواحدة وتنفرد المرأة بنسب الطفل فيما سمى بالعصر الأمومي ، وربما اتخذ هذا النظام أشكالاً معينة كأن يدخل عددٌ من الأخوة على المرأة الواحدة أو رجال الأسرة الواحدة وليس غيرهم .

وبعد استقرار الإنسان وحدوث الحروب من أجل الفائض ،والزيادة الكبيرة في عدد النساء ومع تحول السلطة للرجل بمعيار القوة وانتشار السبي والرق في الحروب ظهر نظام تعدد الزوجات حيث كان باب التعدد مفتوحاً وغير مقيد فلا مانع من أن يحصل الرجل الواحد على مائة امرأة بل وربما يزيد.

وقيل إن الزواج الأحادي هو الزواج السائد قبل تعدد الأزواج وأنه الزواج الطبيعي ، وأكد ذلك قصة آدم وحواء وأولادهم التي وردت في الكتب السماوية ؛ وعليه فقد كان هناك أشكال متعددة للزواج.

أنواع الزواج في المجتمعات القديمة :-

1. الزواج الأحادي:ويكون بين رجل واحد وامرأة واحدة.

2. تعدد الزوجات:ويكون بين رجل واحد وعدة نساء.

3. تعدد الأزواج :ويكون بين امرأة عدة رجال .

4. الرق والعبيد

الوضع السياسي والديني للمرأة والدلالات الرمزية:-

كان الدور الأول للمرأة هو ذلك الدور الاقتصادي والاجتماعي الذي تحولت المرأة من خلاله الى سيدة مطاعة فهي منظمة لشؤون المنزل كما أنها مكتشفة النار والزراعة ودجن المواشي وكان دور الرجل مهمشا حيث لم يكن دوره سوى الذهاب الى الصين في ذلك الحين صارت مكانة المرأة مكانة راقية ومرتفعة، فكانت السيدة المطاعة لأنها رمز العطا وشبهت بالأرض ، فكان الإنسان حينما يراها تلد يرجع ذلك الى تفسيرات غيبية لاهوتية كما كان يرجع مالا يستطيع تفسيره، وِلمَا وصلت المرأة إليه من مكانة وبعد هذه الأفعال التي غيرت مجرى الحياة وبعد فشلهم في تفسير ظاهرة الولادة التي تم تفسيرها بالتفسير اللاهوتي بأنها خارقة فوق مستوى البشر من هنا فقد عوملت المرأة على أنها فوق البشر فاتخذت معبودةََََ لهم ،ومن الأسماء التي استقرت نجد في رسوم أسماء الإلهة ، فنجد ( نمو) الإلهة البدائية والمياه الاولى و (انانا) آلهة الطبيعة والخصب والدورة الزراعية ، وفي بابل نجد ( ننخرساج) و( عشتار) وفي كنعان ( عناة ) و( عشتارت) و ( ارتميس ) و( افرودين) ، وفي أسيا الصغرى ( سبيل)

وفي روما ( سيريس) و( ديانا) و( فينوس ) وفي الهند ( كالى ).... وتقول (ايزيس) عن نفسها في احد النصوص من الفترة الرومانية : أنا ام الأشياء جميعا سيدة العناصر وبائدة العوالم حاكمة ما السماوات من فوق وما في الجحيم من تحت مركز القوة الربانية أنا الحقيقة الكامنة وراء الآلهة والالهات عندي يجتمعون في كل شكل واحد وهيئة واحدة بيدي أقدار أجرام السماء وريح البحر وصمت الجحيم يعبدني العالم بطرق شتى وتحت أسماء شتى أما اسمي الحقيقي فهو (الزيس) به توجهوا الى بالدعاء .

من هنا يتضح جليا أن المرأة الإله كانت عند هم هي ربة الحياة وخصب الطبيعة وهي الهلك والدمار وربة الحرب ، في الليل عاشقة وفي النهار مقاتلة ترعى المواقع وتخشى المذابح هي الام الروؤم الحانية راعية الحوامل والمرضعات الحاضرة أبدا قرب سرير الميلاد وهي البوابة المظلمة الفاغرة لالتهام جثث البشر، هي ربة الجنس وسرير اللذة هي من يسلب الرجال ذكورتهم ويخصي تحت قدميها الأبطال ، هي الكوكب المنير وكوكب الزهرة هي النور ورمزها الشعلة الأبدية هي العتم والظلمة وما يخفى ، هي القاتلة والشافية وهي الغدر الأبدية وهي الام المنجية وهي البتول وهي البغي المقدسة وهي ربة الحكمة وهي سيدة الجنون وهي الإشراق بالعرفان وهي غيبوبية الحواس وسباتها التقت عندها المتناقضات وتصالحت المتظافرات(1) ..

ومن هنا فان المجتمعات البشرية أولت المرأة اهتماما خاصا لأنها رمز للخصوبة و النما ،ولمالها من آثار مترتبة على ذلك فلقد استطاعت الوصول الى أعلى المناصب السياسية في تلك المجتمعات من أمثال كليوبترا ونفرتيتي أجمل جميلات مصر القديمة وحتشبسوت راعية حركة الكشوف الجغرافية الأولى في العالم وبلقيس ملكة سبأ وغيرهن ....كما أن الملك الأكادي الكبير صارغون والذي كان أول مؤسس إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف في الشرق القديم عن اعلان ابنته (انخدوانا) رئيسة كهنة آلهة القمر من مدينة اورا

فالظاهرة الرئسية والبارزة في حضارات الشرق القديم تعظيم المرأة وتأليهها(1) باعتبارها مصدر للموت والحياة في آن واحد وكذلك انتشرت أنواع من الطقوس الدينية تدور حول فكرة لإخصاب وإثارة الرغبة في التناسل لدى كافة الكائنات الحية وعليه فلقد كانت العلاقات الإنسانية الجنسية البدائية كانت تنشد طاعة الإله وهو يعرف بالبغاء المقدس وهو نوعان:-

الأول :تمارسه المرأة مع رجل غريب عنها وغالبا ما تكون عذراء ويجري لإرضاء آلهة إناثا فقد روى"هيرودوت" أن المرأة في بابل كان ينبغي عليها أن تجلس مرة واحدة في حياتها في فناء هيكل الآلهة "ميليتيدياء"أي "عشتار" وان تضاجع غريبا عنها ، وكان النسوة يجلسن في ممرات مستقيمة في الفناء ويمر الغرباء ليختاروا من النساء من يرتضون فإذا جلست المرأة هذه الجلسة كان عليها الا تعود الى منزلها حتى يلقي أحد الغرباء قطعة من الفضة في حجرها وعليها أن تأخذها مهما قلت لأنها مقدسة ويضاجعها الغريب خارج المعبد وعلى من يلقي القطعة أن يقول للمرأة أضرع الى الألهه( مليتديا) أن ترعاك فتنالين بما فعلت رضاء الألهه وبركتها وتعود بعد ذلك الى منزلها ولا يمكن لأحد نعد ذلك ان يغريها أو ينال منها مأربا مهما بذل لها من مال وان فعلت تكون زانية تستحق العقاب ويرى هيرودوت ومؤرخون ورحالة آخرون: أن هذه العادة سرت الى آسيا الصغرى وبلاد اليونان وكانت مخصوصة بالعذارى يمارسنها مع رجل غريب قبل زواجهن لينلن بركة آلهات الخصب والحب والجمال، ففي قبرص كانت العذارى يذهبن الى ساحل البحر في أيام معينة من السنة وتضاجع الفتاة من يطلبها من الغرباء لقاء أجر تقدمه للآلهة (فينوس) ، وفي بعلبك كانت الفتيات يقصدن معبد (افروديت) للقاء غريب يضاجعهن ، وفي (ارمينية) كانت العذارى يفعلن مثل ذلك لنيل بركة الآلهة (انائيس) ،ومثل ذلك كانت تفعل عذارى (ليديا) و(كورنت) وغيرها من بلاد اليونان واسيا الصغرى.

الثاني: كانت تمارسه النساء لمدة طويلة مع كهان العبد وزواره وكان يجري إرضاء للآلهة ذكور ففي مصر القديمة كانت العادة حتى الفتح الروماني سنة 30 ق م أن تختار أجمل البنات الأسر الشريفة في مدينة طيبة العاصمة وتنذر نفسها للإله (آمون) وكانت تضاجع من تختاره من الرجال إرضاء للالهه ، فإذا أسنت وأضحت عاجزة عن إرضائه أخرجت من خدمته بمظاهر التشريف والتعظيم وتزوجت في أرقى الأوساط ، وفي الهند كانت تقوم على خدمة المعبد فتيات يرقصن أمام الألهه وينشدن الأناشيد الدينية لإثارة الحماس الديني في المتعبدين ويدعون راقصات المعبد فإذا فرغن من الرقص والنشيد فتحت لهن حجرات حول المعبد وفيها يضاجعهن الكهان والزائرون إرضاء للآلهة وتحول المعبد الى ماخور، وفي بابل كان قانون حمورابي يميز بين النساء اللاتي يزرن المعبد ويمارسن الحب فيه لأول مرة وبين نساء يلازمنه ويقمن على خدمة كهنته زواره ومنها مضاجعتهن ، وفي بلاد كنعان كان من النساء من تهب نفسها لخدمة المعبد ومضاجعة زواره وكهنته وجاء في دائرة المعارف اليهودية أن عبادة يهوه في مملكة الشمال قد دنست بممارسة البغاء وقد جاء تحريمه في سفر التثنية ، ويفسر علماء الاجتماع ظاهرة البغاء الديني بأن مضاجعة الغريب تقوم على الاعتقاد بأنه قد يكون ملكا ظهر على صورة إنسان وإن بركته تفيض على المرأة اذا ما ضاجعها ، والاعتقاد بأن الملائكة قد تظهر على صورة بشر نجده عند العبرانيين والنصارى والمسلمين وأما مضاجعة كهنة المعبد وزائريه لنسوة وقفن أنفسهن لخدمة المعبد فيقوم على الاعتقاد بأن هذا العمل إنما يجري لإشباع نهم آلهة الإخصاب الموكلة بإخصاب الحقول الإنجاب والأشجار وازدياد المواليد في الناس والحيوان.(1)

وكان ينشد من المضاجعة المتعة ، أما الانجذاب فبعد أن اكتشفوا انه بسبب تلك العلاقات ظل أمر ثانويا محل ذلك في سبيل إرضاء الأنثى الإله الام ، وبعد تكاثر الناس أصبحوا جماعات متعددة وقبائل متفرقة ، وعرف الإنسان القديم السطو على القبائل المجاورة الضعيفة لسلب ممتلكاتها و خيراتها ومن هنا ازداد دور الرجال أهمية كونه هو من يحمي القبيلة و بالتالي انتقلت الريادة إليه فعزل المرأة عن منزلتها ، وأنزلها من مكانتها فلم تعد الآلة ، بل ظهر الآلة الذكر وأصبح الأطفال ينسبون الى الأب بدلا عن الام كما أن الميراث أصبح يذهب الى الذكور بدلا عن الإناث ولم تكن قصة ادم أبو البشر و حواء الا مؤيدا ومعززا لذلك حيث كانت سببا في إخراجه من الجنة وهنا ترسخت فكرة إن المرأة جزا من الشيطان ، وبرغم ذلك الانحدار السياسي والاجتماعي والديني الا أن بعض الإلهة الأنثوية صمدت وقاومت وكانت رمز تلك المقاومة الإلهة عشتار .

المرأة في الحضارات القديمة :-

عندما نتكلم عن الحضارات القديمة فإننا نعنى الحضارات التي تكونت مع قيام الدول الكبرى وفق نظم وشرائع وقوانين وتركت آثار ومخطوطات تدل عليها ومنها حضارة بلاد الرافدين وحضارة وادي النيل والحضارة الصينية والهندية والحضارة الفارسية وحضارات الأغريق والرومان وحضارة العبرانيين في العهد القديم والجديد (2) .

مكانة المرأة عند الإغريق:ـ

كانت المرأة عند الإغريق تعد من المخلوقات المنحطة ،فكا نوا يعتبرون المرأة متاعا كما كانوا يعرضونها للبيع في الأسواق ،فكان الرجل يبيع زوجته في أي وقت شاء وكان هذا الفعل سائدا في مجتمعهم وكانت القوانين عندهم تسمح بذلك ، كما أن حال المرأة في ذلك المجتمع ساءت الى درجة أنهم كانوا يعتبرونها رجسا من عمل الشيطان وكانوا يحرمونها من كافة الحقوق الإنسانية ويقدمون البنات قربا الى آلهتهم ويتوجهون الى هذه الآلهة بهذه القربة في رفع المصائب عنهم .

وكان أرسطو ينظر الى المرأة كنظرته الى العبيد وكان يعاملها معاملة الخدم ،فالمرأة عنده كائن ناقص ،مسلوب الإرادة،ضعيف الشخصية.

أما أفلاطون ،فقد نظر الى المرأة مثلما نظر إليها أرسطو ،اذ جاء ترتيبها في كتابة (الجمهورية)في مكان وضيع ،فقال :ـ(شجاعة الرجل في الأمر،وشجاعة المرأة في تأدية الأعمال الوضعية)

مكانة المرأة عند الرومان: ـ

كانت المرأة في المجتمع الروماني أكثر ذلة وانحطاطا مما كانت عليه في المجتمع الإغريقي ،لأن الرومان كانوا يعتقدون إن المرأة هي جهاز الانحواء ووسيلة للخداع،تفسد قلوب الرجال يستعملها الشيطان لإفشاء الفساد ،ففرضوا عليها عقوبات صارمة ،فحرموها من الكلام والضحك وأكل اللحم ، وكان عليها أن تقضي كل حياتها في خدمة زوجها وطاعة الأصنام ،وكانت عندهم تباع وتشترى ،وكانت تورث ولا ترث ،وتملك ولا تملك.ولقد بلغ من المهانة التي لحقت بالمرأة عند الرومان أن قرر احد مجامعهم في روما:إن المرأة لا روح لها ولا خلود ،ولكن يتحتم عليها العبادة وتلزم بالخدمة ،وان يكتم فوها كالبعير والكلب العقور حتى لا يتأتى لها الضحك ولا الكلام .هكذا كان الرومان ينظرون الى المرأة نظر ة احتقار وازدراء ويعاملونها كما يعاملون الحيوانات ويشككون في إنسانيتها . وكان فقهاء الرومان القدامى يعللون فرض الحجر على النساء بقولهم:"لطيش عقولهن

مكانة المرأة في الحضارة الهندية : ـ

كان علماء الهنود الأقدمون يرون أن الإنسان لا يستطيع أن يحصل العلوم حتى يتخلى عن جميع الروابط العائلية ،ونصت شرائع الهند على :أن الوباء والموت خير من المرأة ،فهي عندهم تعد زانية إذا خلت بالرجل مدة تكفي لإنضاج بيضة ،ولم يكن للمرأة حق في الحياة بعد وفاة زوجها بل يجب أن تموت يوم موته فإذا مات زوجها حكم عليها بالموت ،وأحرقت معه وهي حية على موقد واحد ،وكانت تقدم قربانا للآلهة لترضى ،وفي بعض مناطق الهند شجرة يجب أن يقدم لها أهل المنطقة فتاة تأكلها كل سنة .

مكانة المرأة عند اليهود : ـ

كانت المرأة عندهم سلعة من السلع الرخيصة تباع وتسبى ويتزوج بها وتطلق وتكاد تنتقل بالإرث وكان الواحد منهم يبيع ابنته بيع الرقيق وكان الزوج يشتري الزوجة بما يؤديه لها من مال واليهود يعتبرون المرأة لعنة لأنها أغوت آدم وعامل اليهود المرأة معاملة الخدم ونظروا إليها باحتقار،وكان رجال الدين يحتقرون المرأة ولا يرون لها قيمة ولا مكانة في المجتمع اليهودي .

مكانة المرأة عند النصارى :ـ

كانت مكانة المرأة عندهم في الغالب كما عند اليهود من الانحطاط وكانت الكنائس تنظر إليها بعين الاحتقار ويلقون عليها حمل الرذيلة متوهمين بأنه ملتصق بها من الفطرة وإنها غير طاهرة فقرروا أن الزواج دنس يجب الابتعاد عنه وان العزب عند الله أكرم من المتزوج وأعلنوا أنها باب الشيطان وأنها من الواجب عليها أن تستحي من جمالها لأنه سلاح إبليس وبالجملة كانت المرأة عندهم منحطة ومهانة ،وكانوا يعتقدون أنها سبب إخراج آدم من الجنة .

مكانة المرأة في شريعة حمورابي : ـ

كانت شريعة حمورابي تنظر الى المرأة نظرة مهينة فكانت منزلتها في الأسفل ،وعلى من يقتلها ان يقدم قيمتها الى وليها ،أو يقدم بنتا غيرها عوضا عنها ،ولا شك أن هذا العمل في غاية الامتهان ،وكانت المرأة تعد وتحسب في عداد الماشية المملوكة .

مكانة المرأة في المجتمع الفارسي :ـ

كانت المرأة في منزلة كبيرة من الانحطاط والذلة والمهانة،فكانوا ينظرون الى المرأة نظرة احتقار وتشاؤم ،وكانوا يظلمون النساء ويضطهدونهن بشتى أساليب التعذيب الوحشية وكانت الأعراف والتقاليد الفارسية عندهم تعطي الزوج الحق في قتل زوجته لأنها ملكا له مثل ماله ومتاعه وبلغ اضطهادهم لبعض نسائهم أن تقضي حياتها مسجونة ضمن جدران بيتها وكانت المرأة الفارسية في أدوارها الطبيعية تبعد عن المنازل وتقيم في خيمة صغيرة في الضواحي لا يخالطها احد من الناس وكان الخدم الذين يقدمون لها الطعام والشراب يلفون أنوفهم وأذانهم وأيديهم بلفائف من القماش الغليظ خوفا من النجاسة بمسها أو بمس خيمتها حتى أنهم يجتنبون الهواء المار عليها خوفا من النجاسة .

مكانة المرأة في الحضارة المصرية القديمة : ـ

كانت المرأة عندهم ممتهنة فلا تعطى من الميراث وكانت تقدم هبة للنيل في احتفالات سنوية ،وكان الولد يتمتع في الأسرة المصرية بمكانة أعلى من مكانة المرأة فالأسرة تؤثر المولود الذكر وكان من المعتقد عندهم أن المرأة هي سبب الخطيئة بعد الميلاد وأنها حليفة الشيطان وشرك الغواية واس الرذيلة ولا نجاة للزوج الا بالنجاة من حبائلها .


الفصل الثاني

المرأة في المجتمع اليمني القديم

المكانة الاجتماعية للمرأة في مجتمع اليمن القديم

الدور الاقتصادي

الوضع السياسي

الأوضاع الدينية للمرأة.


الفصل الثاني

المرأة في المجتمع اليمني القديم

القينا نظرة في الفصل السابق على المرأة في المجتمعات القديمة بشكل عام وخصصنا هذا الفصل للحديث عن اليمن نشكل خاص لما تمتاز به من خصائص كونها مركز الحضارات العربية والإسلامية ومهد العرب الأول

إن المعلومات حول مكانة المرأة في المجتمع القديم قليلة وناقصة وليست أكيدة لأنها مستشفة من النقوش وعليها تبنى الفرضيات التي لا نستطيع الجزم بصدقها من عدمه إلا بدليل مادي من النقوش والآثار

المكانة الاجتماعية للمرأة في مجتمع اليمن القديم:-

رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الباحثون فان ملامح مكانة المرأة تظل صورا باهتة وغير مكتملة وتحتاج الى المزيد من البحث والتنقيب

تؤكد بعض الأبحاث أن كثيرا من الموضوعات التاريخية: أن اليمن تميز ببعض الملامح الحضارية وبالتالي كانت مكانة المرأة متميزة عن سائر المجتمعات فالقوانين المكتشفة والخاصة بالمرأة تدل على تقدم باهر، حيث كفلت للمرأة حق الملكية والوصاية على الأولاد والحضانة والملكية والبيع والشراء وان تستمتع بدخلها وان ترث وتورث وان تمتهن الكتابة والتجارة الى غير ذلك من الحقوق وشواهد ذلك موجودة في النقوش ومكتشفة في مواقع الآثار، فقد ورد في النقش (95) أن كاتب النقش يشكر الآلهة لأنها منحته عملا ناجحا منذ ذلك الوقت الذي أتى فيه الى مدينة عمران ليقوم بخدمة سيدته وهذا دليل على أن سيدة العبد كانت تتمتع بمكانة مثل مكانة الرجل في الامتلاك وربما ورثة ذلك عن أبيها أو زوجها المتوفى وهو دليل على درجة الاستقلال التي كانت تتمتع بها المرأة(1)

والشواهد كثيرة جدا إلا أن هذا التميز النوعي لا يعني المبالغة في حجمها ومكانتها ولا يعني أنها متساوية الدور والمكانة في كل القبائل .

كما يقول أ.ف.ل.بستون في بحث نشره عن المرأة في مملكة سباء وهو يتحدث عن ظاهرة الوأد في بعض القبائل "إن الإناث كانت لهن قيمة على الأقل كونهن أمهات الأطفال الذكور وان وأد البنات ليس لأنهن كارثة على المجتمع الرجالي ، وإنما خوفا من السبي والاسترقاق وأحيانا بسبب الفقر والحاجة ، وكان العربي القديم يضطره الفقر لعرض بناته للبغاء أو الزواج ، وكانت القبائل المنتصرة تفاخر وتعير القبائل المنهزمة بسبي بناتها.

وقد كانت المرأة في مجتمع سباء بمقدورها أن تشغل وظيفة كبيرة فكانت تمارس ما يمارسه الرجل دون استثناء في إطار الواقع الاجتماعي وبدون أي نظرة دونية من قبيلتها أو عشيرتها أو كره لوجودها كونها أنثى(1).

كما كان نظام السلالة يتبع الأب أحيانا والأم في أحيان أخرى كما كان الرجل يتقرب الى الآلهة ببعض الهدايا حمدا لها على ما منت عليه من غلال ومن تحقيق الآمال ومن الأولاد الذكور الصالحين أو لكي ترزقهم الأولاد الصالحين

فلماذا تهتم الأسرة بالذكور الصالحين دون الإناث ؟ وهل يجوز أن نعمم هذه الظاهرة على كل القبائل اليمنية ؟

إن الإجابة لا تكون بلا أو نعم بل بالبحوث الجادة والاكتشافات الجديدة ويؤكد بعض الباحثين على أن اهتمام الرجل بالأولاد الذكور في المجتمع اليمني القديم لم يكن بسبب أن المرأة مكروه لذاتها أوانها خلقت غلطا كأنثى كما كان يعتقد بذلك بعض المجتمعات اليمنية القديمة ، لكنه ربما الخوف من الفقر والسبي والإملاق وأنها مطلوبة جنسيا من الرجل أ وان القبيلة المنتصرة تفا خر على القبيلة المهزومة وأنها واسترقت نسائها من اجل هذا فضل الذكور.

إنما السبب الرئيسي هو العبودية التي تؤل إليها المرأة المسبية واستعبادها وامتهانها من قبل المنتصرين ، وقد يكون من حظها السيئ أن يستعبدها ويمتلكها أكثر من رجل ويتداولونها كسلعة في المضاجع وفي الأسواق(2)

ويقال إن السبئيين لم يفضلوا الذكور على الإناث فقد جاء في أحد النقوش:أن سيدة سبئية تدعى حيوة قدمت لمعبودها (المقه) وهي ضارعة له فبشرها بغلام كما وعدها بأن يطيل حياة ابنتها أخت أيل مما يعني حب الوالدين للولد والبنت على سواء أو على وجه التقريب(3)

، كما وجدت العديد من النقوش التي أشارت إلى أن المرأة في تلك الفترة كان منهن سيدة كما كان منهن الخادمة ، وقد شاركت في مجلس الأقيال ومثلت الطبقات الاجتماعية المختلفة في المجتمع ، كما حملت نقوش أخرى رسائل تهاني بمناسبات اجتماعية بين النساء ونذوراً للمعبد لشفاء أحد أولادها أو خادمتها وهذا يدل على النظام الأسري والروابط الاجتماعية القوية القائمة في المجتمع كما دلت النقوش على احترام المجتمع للرابطة الزوجية وتقديسها ومما دل على ذلك اعتبار المرأة التي تمارس الجنس خارج نطاق الزواج زانية وعليها أن تقدم قرباناً للمعبد للتكفير عن خطيئتها وربما كان جزائها الموت في بعض الأحوال.(1)

**** **** **** ****

ولعدم توفر المعلومات الكافية حول أوضاع المرأة في المجتمع اليمني القديم فإننا سنتكلم عن ملكة سباء كونها كانت ملكة لليمن لنستشف من خلال قصتها أوضاع المرأة في ذلك المجتمع

الجدير بالذكر أن ملكة سبأ أو ملكة الجنوب قد ورد ذكرها الكتب السماوية الثلاثة (القرآن والتوراة والإنجيل)وفي النقوش القديمة لكن لم يشير أيا منها أومن النقوش بذكر اسمها وكانت في أيام النبي سليمان الذي كانت لها قصتها معه كما ذكر القرآن الكريم ذلك أما اسم بلقيس الذي أطلق على هذه الملكة فقد ورد ذكر في التفاسير للكتب السماوية والتي تفصل في شرح قصة الملكة بلقيس ولقاءها مع سليمان عليه السلام ، لكن هذه الشروح والتفاسير معتمدة على الأسطورة في ذلك(2).

* وهناك اختلاف في حقيقة بلقيس وحول اسمها....

* هناك من يرفض أصول بلقيس الجنية رفضا قاطعا بينما نجد من يتمسك بذلك .

وقد وجد قي جزيرة العرب حكاية تناقلتها العرب تقول بان بلقيس - ملكة سبأ- كانت من الجن، وهذه هي بلقيس الأسطورة والميثولوجيا

* وهناك اختلاف في اسمها واسم أبيها وفي ما إذا ما تزوجت وفي اسم الزوج واسم أمها، أدى ذلك الى المزج بين أسطورة بلقيس وقصة ملكة سبأ.

*هناك ملكة سبأ التي التقت سليمان وأسلمت معه لله ،وهذه بلقيس المسلمة .

هناك من يربط بلقيس ببابل ونهاوند وأذربيجان والصين وهناك من يتجاهل هذه المسألة وهذه بلقيس الفاتحة .

*وهناك من يربط بناء الصروح والقصور في غمدان وسلحين ...الخ وهناك من يتجاهل هذه المسألة وهذه بلقيس المعمرة

*وهناك اختلاف في الألغاز التي طرحتها بلقيس على سليمان وهذا مرتبط الى حد ما باليهوديات(3)

وتحكي الأسطورة قصتها من بدايتها حين أخرجها أبوها من القرية وبنا لها بيتا خارجها خوفا عليها من الملك الذي كان يستحل نساءهم ، فعلم الملك بأمرها فطلبها وتزوجها ، فقتلته ليلة الزفاف وأقنعت الوزراء بفعلتها بحيلتها ودهائها وهكذا أصبحت هي الملكة .

يتضح لنا من قصة هذه الملكة أنها لم تكن امرأة عادية بل كانت من الشخصيات المتميزة جداً على مدى تاريخ البشرية عموماً ، ويؤكد ذلك الإشادة بها في القرآن وما أوتيت من ملك عظيم ، وهذه دلالة على رجاحة عقلها و حكمتها ،بل وزيد من التأكيد لذلك تصرفها حين القي عليها كتاب سليمان والذي كان شديد اللهجة ، بل ربما وصل الى التهديد فلم تتعامل معه معاملة المغتر بقوتها وشعبها أولو البأس الشديد - كما كان جواب كسرى الفرس عند وصول رسالة النبي عليه الصلاة والسلام التي يدعوه فيها إلى الإسلام – بل تعاملت معه بالروية والحكمة والعقلانية فأرسلت إليه الهدايا وبعد أن تأكدت من صدق رسالته وحديثه آمنت به وأسلمت معه لله رب العالمين.

إذا فقد كانت امرأة جمعت بين القوة والحكمة فصارت نموذجا يحتذى به ، بل تحولت عند الصينيين الى آلهة ذات جلال وبهاء تحوم فوق عالم غامر بالسعادة واليمن وذلك بعد أن عرفوها من خلال معاملاتهم التجارية معها ، وبعد زيارة ملكهم الى اليمن حيث قدم الملك الصيني في زيارة الى اليمن - وهذا دليل على أن لسياستها ومملكتها شهرة سياسية واسعة جعلت ملك الصين يقوم بزيارة مملكتها - قاطعا آلاف الأميال في طريقه إليها فقد ظل يسير في سفره قرابة شهر كامل وبرغم ذلك كله فلم تجلس معه الا في وقت مأدبة الطعام التي إقامتها ترحيبا به فقط وهذا دليل على انشغال الملكة وكثرة أعمالها.

ومنه نستنتج عظمة هذه الملكة وعظمة مملكتها ومكانتها عند الاخرين فقد استطاعت إقامة علاقات سياسية واقتصادية ودبلوماسية.

إذا فان هذه التصرفات لا تنجم عن امرأة عادية ، من هنا نشأة الاحتمالات وتكونت الأسئلة واحتارت العقول في وصفها هل هي إنسية ام نصف جنية ؟ وكيف وصلت الى الحكم ؟ وهل قتلت زوجها ؟ وكيف أقنعت الوزراء بتنصيبها ملكة ؟

عدد من الأسئلة تقف حائرة قابلة للأخذ والرد لعدم وجود دليل مادي يحسم الخلاف ويسد باب الاجتهاد ونحن هنا لا نكذب الأسطورة مطلقا لأن فيها صدق وحقيقة واقعة نسبيا ، لأن العظماء كثيرا ما تتحدث عنهم الأساطير المبالغ فيها ، وتبنى على حقيقة تصل الى العشرة في المائة والبقية إضافات غير صحيحة

أما من يقول بأنها نصف جنية فقد يكون من باب التفسير اللاهوتي لما فعلته من أعمال غير عادية مثيرة للدهشة والانبهار، وبما يتطابق مع معتقداتهم فاليهود يعتقدون في توراتهم بأن المرأة رمزا للشر وشريكة الشيطان وسبب خروج آدم من الجنة

فالمرأة ممتهنة ومحتقرة عندهم، وعليه فإنهم إذا قالوا بأنها امرأة عادية فسيخالفون ويناقضون كل هذه المعتقدات وتجنبا لذلك يجب أن يقال أنها نصف جنية.

فالأمر في حقيقتها لم يحسم بعد ومازال مفتوحا للبحث والدراسة ..

**** **** ****

الدور الاقتصادي:-

تظهر جليا مشاركة المرأة في أعمال الزراعة وحقها في التملك وبالتالي في البيع والشراء والنذر وغيره فقد جاء في نص مهشم تحتمل دلالته على أن نعمود ونعم جد وبنات نبال يهصبح ....،أوقفن أنصبتهن من أرض تبل أو تبال ورصدنها من أجل معبودهن تألب ريام السبئى وبقية البعول وهو مما يزكي حق الأنثى حينذاك في ملكية الأرض وورثتها واقتسامها والتصرف فيها بالوقف والهبة.

كما كان النساء يقمن ببعض الصناعات إذ كن يصنعن من الأعشاب الأدوية وبعض الدهانات والمساحيق كالدهان المصنوع لحماية شعورهن وجلودهن من أشعة الشمس "دهان ورق السدر"(1) وقد أشير الى القوافل السبئية في الحوليات الآشورية منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد وكانت لمنتجات اليمن سوق رائجة في مصر ناهيك عن موقعها التجاري الهام فقد كانت كما يقول هيرودوت في وصف الجزيرة العربية بأنها: المكان الوحيد الذي ينتج اللبان والمر والقرفة والكافور وصمغا يطلق عليه لادن(2)

كما اشتهرت بإنتاج وتجارة البخور والطيب الصمغ والعسل كذلك بتوافر معادن الذهب،بالإضافة الى المعادن الأخرى والأحجار الكريمة الى غير ذلك من المصنوعات والمزروعات التي كانت تقوم النساء بأغلبها الم يكن الاعتماد عليها في ذلك كليا خاصة وأن المرأة كانت تتولى جميع الشئون الاقتصادية في حالة غياب الزوج أو سفره أو موته ...

الوضع السياسي :-

قد لا نجد في النقوش ما يدل على وضع المرأة السياسي في اليمن القديم بشكل عام،غيرما ذكر عن ملكة حكمت( والتي نسميها بلقيس) و نستشف ذلك من خلال قصة بلقيس فمن المنطقي أن تكون قد تبوأت المناصب قبل الوصول الى الحكم والعرش ، وما تنصيب الكهنة لها ملكة عليهم وطاعة جنودها المطلقة لها عندما استشارتهم فأرجعوا الأمر إليها ، كما انه لم تذكر أي حالة تذمر، فما هذه إلا أدلة واضحة بأن وجود المرأة ملكة عليهم ليس بالغريب وان للمرأة الحق في تولي بزمام الأمور كما أنها كانت كانت تتولى مناصب القضاء وغيرها...


الأوضاع الدينية للمرأة :-

اما على الصعيد الديني فقد كان للمرأة أدوارها التي لا تنسى ،حيث كانت ديانتهم تقوم على أساس ثالوث من الكوكب فكانت الشمس هي الألهه الأم وكان القمر الأب وكان الابن كوكب الزهرة وهذا الثالوث هو (القه) و(ذات حميم) و(عثتر)(1)

الجدير بالذكر أن المرأة شاركت في الحياة الدينية وكان هناك نوع من النساء مخصصات للأمور الدينية وأن المراسيم الدينية لم تكن اختيارية بل كانت تنم عن التفاني والإخلاص والتقوى ، فقد عملت المرأة في خدمة المعبد و كانت تعمل الأعمال المرضية للإله فقد كان البغاء المقدس عند النساء اللاتي يقمن بعمله من مضاجعة الكهان وزوار المعبد نوع من أنواع العبادات والطاعات المرضية للإله الموجبة لسخطه فلا يجب عصيانها،

كما ثبت في النقوش أن المرأة قدمت النذور للآلهة في ظروف مختلفة ولأسباب متعددة منها: توسلا لزيادة في الرزق ولإنجاب الأطفال ، و طلبا للشفاء وحمدا و شكرا للالهه ، كما قدمته كذلك تكفيرا عن العصيان و طلبا للغفران الى غير ذلك(2) ...

إذا فالمرأة عملت خادمة للمعبد وباغية فيه ، وارتقت الى أن وصلت الى درجة الكهانة وربما عبدت واتخذت إلهه (تجسيدا رمزيا في الشمس )وهنا تشابه في وضعها الديني في اليمن القديم ووضعها الديني ووضعها الديني في بابل(3)


الفصل الثالث

المرأة في المجتمع الجاهلي

الحياة الاجتماعية للمرأة في المجتمع الجاهلي

الجانب الديني.

الدور الثقافي والمعنوي

الدور الاقتصادي.والتجاري

الدور السياسي.


الفصل الثالث

:المرأة في العصر الجاهلي :

يظلم العربي من يزعم أنه امتهن المرأة وحط من قدرها ، لأنه كرم المرأة واحتفى بها ووضعها في مكانها الصحيح عندما أحبها وأعزها وقدم القصيد بذكرها ، ومن علامات الحب الصادق الذي غرسته المرأة في قلب الرجل هي تلك التضحية الصادقة و الاستبسال الذي وصل إلى الحد الذي قدم العربي نفسه قربانا لحبها، الفناء في ذاتها، ليس هناك أحد مات في حب والديه أو ولده أو ثروته كما يموتون من عشق النساء ،ويبدو أن الحالة كانت مألوفة عند العرب في ذلك الوقت ومما يؤكد ذلك شيوعها في كثير من نصوص الشعر الجاهلي مثل قول عروة بن حزام :-

وإني لتعـروني لذكــــراك هــــــزة لها بين جلدي والعظام دبيب

بنا من جـوى الأحزان والبعد لوعة تكـاد لها نفس الشـفـيق تذوب

وما عجبي موت المحبين في الهوى ولكن بقـــاء العاشقين عجيب

مكانة المرأة العربية في المجتمع الجاهلي:-

وهناك من الأدلة ما يعزز مكانة المرأة وحضورها في العصر الجاهلي تلك المكانة السامية ، حتى أنهم منحوا أهم الآلهة منهم (اللات والعزى ومناة ) صفات الأنوثة والولادة والخضرة والخير ، وكذلك كان الرجل يتكنى بها، وينسب إليها دون أن يرى في ذلك عيب أو منقصة، ولم يحد الأشراف والملوك بأس من التكنى بأمهاتهم والانتساب إليهن(1)

.فالمناذرة نسبوا جميعا إلى أمهم ماء السماء وعرف عمر بن المنذر ملك الحيرة بانتسابه إلى أمه هند فسمى عمر بن هند كما انتسب بعض الأفراد إلى ,أمهاتهم وكذلك بعض الشعراء كشيب بن الرضاء وبن ميادة ومنظور بن حية ...الخ ، وألف محمد بن حبيب رسالة في ذكر من نسب إلى أمه من الشعراء ذكر منهم 39 شاعرا منهم 36 في الجاهلية بل انتسب بعض القبائل الى الام مثل :بجيله ،خندق،طهيه.

وكان في هذا المجتمع نوعان من النساء إما حرات وإما إماء ، وكان منهن عاهرات يتخذن الاخدان وقينات يضربن على المزهر، وكان منهن جوار يخدمن الشريفات, وقد يرعين الإبل والأغنام وكن في منزلة دونية، وكان العرب إذا استولدوهن لم ينسبوا الى أنفسهم أولادهن الا إذا اظهروا بطولة تشرفهم على نحو ما هو معروف عند عنترة بن شداد فإن أباه لم يلحقه بنسبه إلا بعد أن أقلت شجاعة فائقة ردت أليه اعتباره(1)

أما الحرات، فكانت تربطهن بالقبيلة رابطة الدم ويتمتعن بكل الحقوق وتحد ثنا المصادر عن الصفات الأخلاقية التي كانت تتمتع بها الحرة كالجرأة والعفاف والكرم والنجدة والوفاء فالمرأة العربية شريكة الرجل في هذه الصفات كما كان للحرة أعمالها المنزلية فقد كانت تقوم بإعداد الطعام وإصلاح الخباء كما كانت تقوم بإعمال الرعي كما كانت تقدم الطعام للماشية وغيره...

الى جانب هذه الأعمال قامت المرأة بالأعمال الزراعية في البقاع الصالحة لذلك كاليمن وحوف الفرات وعوطة دمشق وبعض الأماكن في يثرب والطائف أما إذا كانت المرأة من ذوات الغنى والتفضل فإنها توكل بعض أعمالها الى جواريها..

وكانت المرأة تخالط الرجال وتحادثهم متبرجة سافرة وكان تبرج النساء في الجاهلية تبرجا واضحا ظاهرا حتى نهى الله المسلمات من ذلك

إشكال الزواج :-

1-الاستبضاع :هو أن تذهب المرأة لمباضعة رجل معين لصفة فيه ،كالكرم أو الشجاعة ...فإذا باضعها وحملت يتركها زوجها حتى تلد وينسب الولد الى الزوج ليكتسب تلك الصفات من ذلك الرجل

2-المضامرة : وهو أن تذهب المرأة الى رجل غني يلجاؤها الفقر الى ذلك .

3-المخادنة :يدخل على المرأة رهط من الرجال فإذا وضعت أرسلت إليهم فلا يستطيع أحدا منهم أن يمتنع، فتنسب الولد لمن شاءت منهم .

4-البغاء:وتستجيب المرأة فيه لكل طالب، وهذا هو الفارق بين هذا وسابقاته مع أنه لقاء اجر وبدافع الكسب أو بما دعت الحاجة إليه .

5-نكاح الضيزن (المقت):وراثة النكاح يموت الأب ويترك زوجة ينكحها ولده الأكبر .

6-الشغار : يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوجه الأخر ابنته أو أخته وليس بينهما مهر .

7-نكاح البدل وتبادل الزوجات: وكان الرجل في الجاهلية يقول للرجل انزل لي عن إمرتك انزل لك عن امرأتي أو بادلني بامرأتك أبادلك بامرأتي.

8-نكاح المسبيات والمخطوفات : كان العرب إذا غزو قوما نهبوا أموالهم وأسرو رجالهم وسبو نسائهم , فيتخذوا الرجال عبيدا والنساء سراري وإماء، وكانوا يقسمون النساء بالسهم فمن وقعت في سهمه امرأة أخذها وحل له الاستمتاع بها لان ملكها بالسبي وتسمى (الاخيذة).

9-الزنا : وطء الرجل امرأة لا تحل له بقصد الاستمتاع ، ويسمى سفاحا لأنه بمنزله الماء السفوح بلا حرمة ويشمل الزنا أنكحة الجاهلية وكل وطء أخر لا يتم بعقد وصداق .

10- الزواج المؤقت أو زواج المتعة: ويكون العقد لمدة محدودة فيكون مؤقتا وتحل عقدته بانتهاء المدة المتفق عليها بين الطرفين(1).

وينسب صاحب الأغاني أن الجاهليات عرفن الشذوذ الجنسي كما كان بين هند بنت النعمان وزرقاء اليمامة تلك التي كانت تبصر القصي والدني(2) .

ومن الأمور التي تظهر مكانة المرأة في العصر الجاهلي أن تقاليد الزواج كانت تقتضى أن تستشار الحرة في أمر زواجها ولا يجوز للرجل أن يزوج ابنته الا بعد أن يستشيرها ويقف عند إرادتها ، وبل وربما اختارت هي الزوج لنفسها ، وأم المؤمنين خديجة خير شاهد على ذلك،كما أن بعض النساء اشترطن أن تكون العصمة بأيدهن فتطلق الرجل متى شاءت، فقد كان بعض النساء في الجاهلية تطلق الرجال دون الحاجة الى مصارحتهم بالطلاق بل كان حسبهن أن يحولن أبواب اخبيتهن أو خيامهن إن كان من الشرق فإلى الغرب تحوله الى جهة أخرى أو عندما ترفض إحداهن تحضير الطعام لزوجها فهذا يعني أنها قد طلقته . فمن اللواتي كانت العصمة بأيدهن سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش وهي ام عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وفاطمة بنت الخرشب الانمارية وأم خارجة ,وماريه بنت الجعيد بن ضبرة ,وعاتكه بنت حرة وهي ام هاشم وعبد شمس والمطلب من بني عبد مناف.(3) أما فيما عرف عند بعض العرب أنهم كانوا يؤدون بناتهم فقد أشار جملة من الباحثين الى أسباب نشوء هذه الظاهرة عند العرب في العصر الجاهلي فأرجعها بعضهم الى العامل الاجتماعي الذي يتمثل بشعور العرب بالغيرة والخوف من العار الذي تجليه البنت في حالة تعرضها للسبي ، وقال بعضهم خوفا على مشاعرهم من الإهانة إذا تعرضت للسبي ، وكذلك يئدونها خوفا عليها من الاستبداد والمذلة بعد موت أبيها، وليس عارا منها

و إرجاعها البعض الى أن سبب(1) الوأد يعود الى صفات في الموؤدة ذاتها يتشاءم منها أهلها كأن تكون كسحا أو برشاء...أو غيره...وقال بعض الدارسين بأن هناك اعتقاد عند العرب بأن الملائكة هن بنات الله ولابد من إلحاق البنات بالله فيكون هذا العمل من باب تقديم الضحايا إلى الإلهة جريا على عادة الأمم السابقة.

أما القران الكريم فقد صرح بأن السبب الرئيسي إنما هو الفقر، وعجز الرجل عن إعالة أسرته ، وفي هذا يقول تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)[الأنعام 151] (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطَأً كَبِيرًا).[الإسراء 31]

وقال بعضهم أن الدفن كان يشمل الذكر و الأنثى المعدمة الأكثر فقرا، ولم يكن واد البنات مقصورا على قريش فقد عرفت ذلك معظم قبائل العرب كتميم وكندة وقيس وهذيل وأسد وبكرين وائل وخزاعة وكنانة ، ويقال لم يعرف الوأد الا في تميم وأسد وهذيل .. بل نجد بعض السادة والأشراف من العرب من عارض هذه العادة الذميمة واستهجنها ودعا الى منحها ودفع تعويضات مادية الى آبائهن والتعهد بتربيتهن من أمثال صعصة بن ناجيه التميمي الذي اخذ على عاتقه فداء الموعودات وكذلك عمر بن نفيل.

الجانب الديني :

فقد وصلت المرأة في العصر الجاهلي الى درجة الكهانة وهذا دليل على رفعة منزلتها وعلو مكانتها لان الكهانة ضرب من العلوم الغيبية التي يزعم مزاولوها أنهم يعرفون بها ما خفي من أمور الكون والمخلوقات وكان العرب يعتقدون بالكاهنات أكثر مما يعتقدون بالكهان من الرجال(2) ، لذلك كانوا يثقون بأقوالهن وينفذون أحكامهن، كعرافة الحجاز التي احتكم إليها عبد المطلب بن هاشم حين هم بذبح ابنه عبد الله فحكمت بفديته ، وكاهنة بني مرة التي تنبأت ببعثة النبي صلى الله عليه واله وسلم ومنهن من كانت من ذوات الحسب كأم مرثد وسلمى الهمدانية وسجاح التميمية التي لم تكتف بالكهانة بل وادعت النبوة، والخثعمية التي عرضت على عبد الله بن عبد المطلب الزواج منها لأنها تنبأت بأن النبي سيكون من صلبه .

من هنا كان لهولا مقام رفيع في القبائل العربية لم يكن يرقى إليها الا أصحاب المواهب ممن تميز برجاحة العقل وحسن التدبير، الأمر الذي يؤكد آن المرأة العربية كانت تتمتع بوعي فكري يتناسب مع طيبة الحياة


الدور الثقافي والمعنوي :

فثمة سيدات ذوات الشخصيات القوية والمواقف الفذة والعارفات بالقراءة والكتابة وربات الفصاحة في النثر من مثيلات فاطمة بنت مر الخثعمية والشفاء بنت عبد الله الدرية القرشية وأم حماد زيد بن أيوب وفي قرض الشعر ورواية الحكم فيه من أمثال الخرنق أخت طرفة وهند بنت النعمان والخنساء وزوجة امرئ القيس التي حكمت بين زوجها وعلقمة الفحل وأخريات ، ومثيرات همم الرجال خلال الحروب بالكلمة والمشاركة العملية ، كما كانت المرأة العربية في الجاهلية تشارك في موسيقى الأعياد العائلية والقبلية كما وجدت طبقة معروفة بالقينات أو القيان ، وكن كذلك يغنين أيام الحرب حيث كانت النسوة تغني وتمدح الرجال وتهجو العدو، ويلاحظ أيضا وقوف المرأة العربية جنبا الى جنب مع أخيها الرجل في ميادين القتال ،فقد كانت تقدم على الموت حين يتجافى عن حياضه الفرسان مقارعة الأعداء مرة وموثبة الرجال مرة أخرى ، وغالبا ما كانت تخرج مع الرجل إلى ساحات الوغى لتشعل الحماس في قلوب الفرسان وتثير الهياج في قلوبهم فضلا عن إسهامها في تضميد الجرحى والسهر على راحتهم وتقديم الزاد والماء لهم بل تجد من بين النساء من تزعمت قبيلتها في القتال كرقاش الطائية التي كانت تغزو بقومها وكان قومها يأتمرون بأمرها، وسجاح التي تزعمت قومها وكانت تتقدمهم قي الحرب فقد اشتركت المرأة في الحروب مشاركة فعلية ....

من ناحية أخرى فإن من سادات العرب من كرموا بمدح بناتهم. وان من هؤلاء البنات من استجير بها فأجارت(1)كبنت عوف الشيباني وفكيهة بنت قتاد التي جارت (السلك بن السلكة حين وقع أسيرا في يد عشيرتها من بني عواد وأجارت ام جميل الدوسيه ضرار بن خطاب الفهري وحمت ريطة بنت جذل دريد بن الصمة اعترافا بفضله يوم أمر أصحابه أن ينصرفوا عن سبيها وابنة أوس بن حارثه حين دخل عليها زوجها حارث بن عوف ردته وقالت له موبخة كيف تجد وقتا لمداعبة النساء والعرب في الخارج تسيل دماؤهم في مذابح القتال بين عبس وذبيان إسرع بالخروج وحاول الإصلاح بين القبيلتين المتنازعتين ثم عد لزوجتك فركب الحارث على التو الى القبيلتين يقدم من ماله الخاص دية كبيرة يقبلها الطرفان، ويعود السلام بعد قتال دام أربعين يوما كان عدد القبيلة التي زاد عدد قتلاها عن الأخرى بثلاثة آلاف جمل يدفعها لها

كما كان كذلك لبهية بنت أوس دورها من خلال زوجها في إنها حرب داحس والغبراء والتي استمرت زمنا طويلا كما أن البسوس بنت منقذ التميمية قد أشعلت حربا من أجل ناقة رجل نزل ضيفها عليها وكذلك سبيعة بنت عبد شمس قد أجارت في خيمتها آلاف الرجال وكان يكفي لأي رجل أن يعقد رداءه بحبل خيمتها أو سرادقها أو أي شئ يمت إليها الا أصبح آمنا وكانت بيتها في حرب الفجار هو الملجأ الآمن لكل مستجيراوخائف وأيضا وصلت الى مرحلة أنها تهجوا أو توبخ قومها في حال رضاء قبيلتها بأخذ الدية حقنا الى الدماء على نحو ما تصور ذلك(1)

ام عمرو بنت وقذان في أخ لها قتل وقد فكرت عشيرتها في قبول دينه:

إن أنـــتـم لـم تطــلبوا بأخـــــــيكم فذروا السلاح ووحشوا بالأبرق

وخذوا المكاحل والمجاسد والبسوا نقب الـنساء فبئس رهط المرهـق

الدور الاقتصادي والتجاري:-

كانت للمرأة العربية دورها البارز في الجانب الاقتصادي وذلك من خلال اشتغالها ببعض الأعمال أ والحرف التي تكسب من ورائها مالا تعتمد عليه في حياتها كالتجارة والرضاع والغناء والنسيج وتقويم الرماح أو دبغ الجلود0

ورغم أن المجتمع الجاهلي لم يكن يورث المرأة فقد كانت تمتلك ما يدر عليها أموالا كثيرة، ومن خير ما أشيد به عنهن مطلق التصرف المالي، وليست السيدة خديجة بنت خويلد إلا شاهدا على حرية المرأة في امتلاك الأموال(2) الوفير واستئجارها الرجال الأمناء في تجارتها الواسعة إلى الشام من قبل إسلامها ، ولعل ثراءها كان نموذجا لما حازته مثيلاتها ذوات الشرف من ثراء عن وصية أو هديه أو هبه أو تجارة ومنهن أم حاتم الطائي وزوجته ثم ابنته وبنت مهلهل بن زيد وضباعه بنت عامر بني قرط ، وعليه فإن من أهم ما يميز موقع المرأة العربية في الجماعة قبل الإسلام هو أن استقلالها الاقتصادي الخاص كان يوفر لها أكبر قدر ممكن من الحرية ، وأنها بقدر ما فقدت هذه الاستقلالية الاقتصادية في المراحل التاريخية التالية.

الدور السياسي:

هناك في صفحات التاريخ العربي إشارات متعددة وواسعة تؤكد اثر المرأة العربية في مجالات مختلفة تجاوزت إطار اهتماماتها المنزلية والعائلية فقد برزت أسماء عدد من النساء في ميدان السياسة مثل ماوية بنت عفزر وهي إحدى ملكات الحيرة في العصر الجاهلي وكزنوبيا ملكة تدمر التي حصلت على شهرة واسعة بين العرب وذكروا أنها امرأة من العماليق ,وكانت تغزو بالجيوش وهي التي غزت ماردا والأبلق فاستعصيا عليها فقالت تمرد مارد وعز الأبلق فصارت مثلا(1) وحقيقة الأمر أن المرأة العربية كانت تشكل مرجعا للقيادة في جماعتها كما أنها كذلك كانت مرجعا لحل التنازع في الجماعة حين ينشب خلاف بين أفراد ينتسبون الى قبائل مختلفة فإنهم يلجئون الى رجل أو امرأة مشهود لهما بالتعقيل والحكمة.

إذا فمن هنا يتجلى لنا الموقف أو المكانة المرموقة التي توصلت إليها المرأة في شتى المجالات وعلى كل الأصعدة

وعليه فإن أدوارها مكملة ومكانتها مترابطة في المجتمع وبالتالي فإنها حين يتغير على سبيل المثال دخلها أو وضعها الاقتصادي واستقلاليته يتغير ووضعها الاجتماعي ونظرة الرجل نحوها ونظرة المجتمع ككل وبذلك يتغير وضعها السياسي ومكانتها بين قومها .

من خلال ذلك كله يتجلى لنا مدى ظهور الحياة التكاملية بين الرجل والمرأة بمختلف مستوياتها ومكانتها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا... الخ ، فهي للرجل عموما زوجته وشريكة حياته وهي جاريته وهي من يعينه في شئون زراعته وفي الحرب ، كما أنها قد تكون سلعة له إذا كانت جارية وباختلاف مكانتها يختلف تعامله معها وتعاملها معه.


الفصل الرابع

المرأة في عصر النبوة والخلافة الإسلامية

مكانة المرأة في الإسلام

حقوق المرأة في الإسلام

إسهامات المرأة السياسية في عصر النبوة والخلافة الراشدة.

الحياة الاجتماعية للمرأة في المجاتمع النبوي وعصر الراشدين

إسهامات المرأة الثقافية والاقتصادية.

المرأة في الخلافة الاسلامية .

الفصل الرابع

المرأة في عصر النبوة والخلافة الإسلامية

الإسلام شريعة كغيره من الشرائع ،قانون كامل لا يعتريه نقص أو يشوبه عيب لأنه شريعة الله أهداه الى خلقه ، جاء هذا الدين فكان ناصرا للمظلومين قاصما للظالمين ...المرأة التي ظلمها الناس وحرموها حتى من ابسط حقوقها، فجاء الاسلام وحرم ظلمها وامتهانها بل وغمزها ولمزها والتشاؤم منها ، ومن هنا فإن وضع المرأة في العصر الذهبي للدعوة الإسلامية في عهد النبوة والخلافة الراشدة كان متميزا ًجدا، فلا يمكن مقارنته بما جرى من تحول في وضع المرأة ومكانتها في المجتمع خلال الفترات المتأخرة على مدى التاريخ الإسلامي

***

مكانة المرأة في الاسلام :

دفع الإسلام عن المرأة اللعنة التي كان يلصقها بها رجال الديانات السابقة:­­­­­­-

لم يجعل الإسلام عقوبة آدم بالخروج من الجنة مصدره المرأة وحدها وإنما كان منهما جميعا

قال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ)[البقرة 36]، وقال تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءَاتِهِمَا)[الأعراف 20]. وقال سبحانه عن توبتهما :( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ)[الأعراف23]. بل إن القرآن في بعض آياته قد نسب الذنب لآدم وحده ، قال تعالى (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)[طه 121]. ثم قررالإسلام مبدأ آخر يعفي المرأة من مسؤولية أمها حواء وهو يشمل كلا من الرجل والمراة قال تعالى (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[البقرة 141] ،فا لإسلام دفع عن المرأة اللعنة التي كان يلصقها رجال الديانات السابقة فلم يجعل عقوبة آدم بالخروج من الجنة ناشئا منها وحدها بل منهما معا.

المرأة كا لرجل في انسا نيتها في الاسلام

جاء الاسلام على لسان محمد صلى الله عليه واله وسلم وأعلن أن المرأة كالرجل في الإنسانية سواء, قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)[النساء 1] ، وقال:( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الماءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)[الفرقان 54] فالرجال كلهم أولاد نساء ورجال، والنساء كلهن بنات رجال ونساء .

تكريم المرأة في الإسلام :-

لقد الإسلام كرم المرأة لأنها إنسان قال تعالى: (وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)[الإسراء 71] وقال: (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيهِ إِحْسَانًا)[الأحقاف 15]. جاء الإسلام ليقرر المساواة في الكرامة بين الرجل والمرأة فحرم وأد البنات قال تعالى: (وَإِذَا المَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)[التكوير 8،9] حرم الاسلام التشاؤم بها وحرم وأدها وشنع على ذلك ، وحارب الاسلام التشاؤم عند ولادة المرأة كما كان شأن العرب ، قال تعالى منكرا هذه العادة السيئة

(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)[النحل 59،58]

ومن هنا فإن الإسلام كرم المرأة وأماًَ وبنتا وزوجة ،فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم:( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة)(1)، ومما يدل على تكريم المرأة في الإسلام ما روي :( أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي ؟قال : أمك. قال: ثم من ؟قال:أمك. قال :ثم من ؟ قال أمك .قال : ثم من ؟ قال أبوك )(2) . وقال صلى الله عليه وسلم :(خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي)(3) ، وقال: )من ابتلي(4) من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار)(5)هذا الترغيب جاء ليسوي بين الجنسين ،قال النبي الكريم (إنما النساء شقائق الرجال )(6)

المساواة في الإيمان بالله والتكاليف الشرعية بين الرجل والمرأة:-

اعتبر الإسلام المرأة أهل للعبادة ودخول الجنة إن أحسنت ومعاقبتها إن أساءت ،قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النحل97] .

وقال تعالى :( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُم مِّنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ)[آل عمران 195]. جاء الإسلام ليقرر االمساواة بين الرجل والمراة في الايمان والعمل والجزاء قال تعالى (إِنَّ المسْلِمِينَ وَالمسْلِمَاتِ وَالمؤْمِنِينَ وَالمؤْمِنَاتِ) إلى قوله (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب 35]

فالمرأة مخلوق مستقل من حيث المسؤولية عن العمل كالرجل سواء بسواء ، وكل مكلف بالتكاليف الشرعية إلا ما استثني فيه أحدهما .قال تعالى :( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة 9،8]


ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في العقوبات:-

بما أن المرأة مثل الرجل من حيث التكاليف الشرعية فقد أصبحت مثل الرجل في تحمل مسؤولية نفسها في العقيدة والقول والفعل والله سبحانه فرض عقوبات محدودة على من يعتدي سواء كان المعتدي رجلا أو امرأة فالإسلام يقوم على مقومات هي: حفظ الدين والمال والعقل والعرض والنفس والأمن فمن تعدى على إحدى هذه المقومات فله عقوبة مقدره شرعا قال تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)[المائدة 38]؛ فهذه الآية حددت عقوبة السارق وحددت عقوبة الزنا بقوله (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)[النور2] وحدد الإسلام عقوبة القتل أو قطع اليد مع الرجل ،أو النفى من البلاد لمن يحارب الله ورسوله قال تعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُّقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ)[المائدة33]

*****

حقوق المرأة في الإسلام

الإسلام أعطى المرأة حقها في الإرث:- (اجتماعي مادي)

أثبت الشرع أن للمرأة حق الإرث بعد أن حرمها الجاهليون منه وأعطاها حق التصرف في أموالها كما تشاء دون الحاجة إلى إذن أحد ما دامت عاقلة رشيدة. قال تعالى :( وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء7]، وقال تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)[النساء11] ،وقال تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ)[النساء176].و نصيبها من الميراث هو نصف نصيب الرجل إلا أنها بالمقابل فهي غبر ملزمة بأي نفقة وليس عليها أي التزام مادي ونفقتها واجبة على أبيها أو أخيها أو زوجها أو أبنها أو أي شخص له الولاية عليها ولا يلزمها أن تصرف على نفسها على الإطلاق إلا ما كان عن طيب خاطرها

الإسلام أعطى المرأة حق التعلم: (جتماعي ثقافي)

للمرأة حق تعلم العلوم النافعة بشرط الإلتزم بالآداب الإسلامية ،وأعظم ما ينفع المرأة وتعلم شريعة الإسلام ،وجاء الإسلام يحض على تعليم المرأة وتعليم الرجل سواء بسواء قال تعالى :( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)[طه114] ، فما دامت المرأة مكلفة بالإيمان بالله وما جاء من عنده فلا بد لها من التعلم . وحث النبي صلى الله عليه وسلم على طلب العلم فقال :( طلب العلم فريضة على كل مسلم )(1)

ولقد أقبلت المرأة المسلمة على العلم منذ خرج الإسلام ،ولقد وجد نساء اشتهرن بالعلم مثل – عائشة رضي الله عنها –وكريمة المروزية ، وسيدة الوزراء وغيرهن من المحدثات والراويات.

ومما يدل على حرص المرأة على العلم تلك الحادثة التي ذكرها المؤرخون من أنه:(حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي بكت أم أيمن فقيل لها أتبكين؟ فقالت أي والله لقد علمت أن رسول الله سيموت ولكني إنما أبكي على الوحي إذ انقطع عنه من السماء ).

حق المهر في عقد النكاح و حق الحضانة في الإسلام (مادي اجتماعي)

من المبادئ التي أعطاها الإسلام للمرأة حق المهر قال تعالى :( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)[النساء4].

كما أن الإسلام أعطى المرأة حقا في الحضانة على أولادها الصغار إذا وقعت الفرقة بينها وبين زوجها فالمهر حق المرأة والواقع أنه ليس له حد معين وإنما يحدده العرف وقد نهى الإسلام عن المغالاة في المهور لأنه من أسباب الطمع والجشع وجعل المرأة كسلعة توهب لمن يدفع الأكثر.

وكما أعطى الاسلام حقها في المهر فإنه حرم عضلها (التضييق عليها فيضارها لتفتدي بالمهر )

حق ولاية الزوجة ونفقتها:--(مادي)

تعود ولاية الزوجة ونفقتها للزوج وعلى الرجل أن ينفق على زوجته من ماله لمأكلها وملبسها ومشربها ومسكنها وما تحتاجه من زينة وطبابة من دون أن تكلف المرأة شيئا ،ولا تجبر المرأة في الاسلام على رضاع أو طبخ أو غسل أو غيرها من خدمة بيت إلا راضية بحريتها واختيارها(1)

حق اختيار الزوج :(اجتماعي)

أعطى الاسلام الحق للمرأة الحق في اختيار الزوج الكفء لها ورفض غير الكفء وليس لأحد أن يجبرها حتى ولو كان أبوها ،ويكون العقد غير صحيح فيما لو أكرهت عليه

حق الحياة وحق الحرية (اجتماعي )

إن حق الحياة وحق الحرية يعدان من أسمى وأرقى وأهم الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان بشكل عام وللمرأة بشكل خاص على الإطلاق، وهل هناك أهم وأغلى من الحياة والحرية؟

حرم الاسلام إزهاق النفس وقتلها بدون وجه حق - نفس الرجل والمرأة على حد سواء- قال تعالى:( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالحَقِّ)[الإسراء33] وعليه فإذا قتل رجل امرأة فإنه يقتل بها قال تعالى : (النَفْسَ بِالنَّفْسِ)[المائدة45]

كما نسف الاسلام عادة وراثة الأنثى بعد أن كانت تورث كالبعير أو المتاع قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا )َ[النساء19]

حق العمل والكسب والتصرف فيه

لقد منح الاسلام المرأة حرية العمل والإرادة وحق التملك والتصرف بما تملك دون موافقة زوجها وجعل الاسلام حرية عمل المرأة كحرية عمل الرجل ، فكما أنه لا يجوز أن يبخس الرجل أجره كذلك لا يجوز أن تبخس المرأة أجرها ،ولا مانع أتعمل خارج بيتها إذا لم يخش على دينها وشرفها قال تعالى: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)[النساء32]

حق المشاركة السياسية وحق البيعة والانتخاب:-

كما شاركت المرأة في الأمور السياسية وأثبت ذلك القرآن الكريم في عدة مواضع قال تعالى: (وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَّأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[التوبة72] والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ضروب الأعمال السياسية

كما أعطى لها الحق في المشاركة في البيعة والانتخاب فقد ثبت أن النساء بايعن النبي في بيعة العقبة الأولى والثانية وبيعة الرضوان ،قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ......... فَبَايِعْهُنَّ)[الممتحنة12]

إذا فللمرأة الحق في المشاركة في الأعمال السياسية فقد كفل لها الإسلام ذلك ، ماعدا مسألة ولاية المرأة : ففي المسألة اختلاف اجتهادي بين العلماء فقط لا غير..

* * *

اسهامات المرأة السياسية في عصر النبوة والخلافة الراشدة

كان للمرأة المسلمة منذ بزوغ فجر الاسلام الدور الكبير والفعال في نشر الدعوة الإسلامية ويتجلى ذلك في دور السيدة خديجة فقد كانت أول من أسلم على الإطلاق وقد ضحت بأموالها من أجل الدعوة ونشرها والذود عنها فكانت الوزير الأول والداعم الأكبر للنبي (ص) الذي غبر مجرى الحياة في العالم بأسره ، فقد شاركت السيدة خديجة في تلقي أعباء الرسالة ووقفت إلى جانب النبي ماديا ومعنويا ، وذلك من خلال الجو الأسري الدافئ كما دعمته من خلال تثبيتها له في أشد المواقف صعوبة وحرجا، فقد قالت له حينما عاد من غار حراء خائفا يرتجف فثبتته وقالت له:( كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الدهر)(1)، وهكذا فقد كانت قوية صلبة فكانت نعم الوزير والمشارك والمؤيد للنبي الكريم ، وحين توفيت حزن النبي والمسلمين جميعا وسمي ذلك العام عام الحزن ، ولم تجعل خديجة مكانة لها عند النبي والمسلمين فقد وإنما سمت وارتقت لتسجل اسمها في سجل العظماء وليصلها السلام من الله تعالي فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أنه قال :(أتى جبريل الى رسول الله (ص) فقال يارسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولانصب)(1) ومن هنا فقد شاركت المرأة في الحياة السياسية. ولم تشارك خديجة فقط بل شاركن نساء كثيرات ،فهذه عائشة ام المؤمنين التي كان لها دورها في الحرب وقد شاركت مشاركة فعالة ولعبت دورا مهما وخطيرا

كما شاركت النسا ء في كثير من الحروب، فمن منا يجهل الدور الذي لعبته فاطمة الزهراء بنت النبي الكريم (ص) في بيعة أبي بكر ومن ينسى ما قامت به أم المؤمنين عائشة من مطالبة بدم عثمان وتحريض الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ضد علي كما شاركت عكرشة بنت الأطرش وكانت من خطيبات النساء على معاوية يوم صفين ومثلها كانت ام الخير بنت الحريش ،وهند بنت زيد ،وغانمة بنت عامر،و زينب بنت علي بن أبي طالب(2) .

كما كان الدور البارز لأسماء في الهجرة النبوية والتي كابت تزود النبي وصاحبه بالأخبار والطعام ، كما شاركت النساء في الحروب والمعارك كصفية بنت عبد المطلب وخوله بنت الأزور في معركة اليرموك كما شاركت الخنساء في معركة القادسية كما كان لأم سلمة الرأي السديد الذي فعل به النبي (ص) في صلح الحديبية ،كما قامت احدى النساء معارضة لأمير المؤمنين عمر حينما أراد تحديد المهر، فقالت له بكل شجاعة وصلابة :يعطينا الله ويمنعنا عمر فتراجع عن رأيه وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر،كما اعتمد عمربن الخطاب على رأي ابنته في إصدار القانون الخاص بتحديد مدة غياب الرجل على زوجته في الجهاد ،وغير ذلك وكتب التأريخ مليئة بمثل هذه الأخبار

الحياة الاجتماعية للمرأة في المجتمع النبوي وعصر الراشدين:-

مثل الزواج السياج المنيع للمجتمع المسلم من الانحراف والتفسخ التي شاعت في الكثير من المجتمعات على مر التاريخ فقد حث الدين الإسلامي على الزواج كركيزة أساسية للنظام الاجتماعي الإسلامي كما أباح نظام تعدد الزوجات ولكنه قيده في أربع نسوة مع ضرورة توفر شرط العدل بين النساء

وهنا تساؤل يضع نفسه هل رغب الإسلام في التعدد أم أنه مباح لحالات خاصة وأوضاع معينة؟

فالمتأمل في زيجات النبي الكريم يجدها متعددة فقد تزوج النبي إحدى عشرة امرأة وهذه من خصوصياته لكن الملفت أن زواجه الأول كان من امرأة تكبره بخمس عشرة سنة كما تزوج من عائشة وعمرها تسع سنين بينما كان هو في الثالثة والخمسين ورغم ذلك لم يكن له الأولاد إلا واحدا مات وما يزال صغيرا ومن هنا نخرج بنقطتين أساسيتين :

الأولى :إن الزواج من الصغيرات شيء مألوف.وعليه فأن لكل زمان عادته وخصوصياته ومميزاته

الثانية: إن الزواج وإن تعدد لم يكن هناك كثرة إنجاب كما كان بعض المتزوجين يمارسون العزل وأباح لهم النبي ذلك وهي طريقة لتنظيم النسل ولما في ذلك لمصلحة الأم ( الأمومة الآمنة) وبهذا فلإسلام لم يهتم بالكم بل اهتم بالكيف دون الإضرار بالأم

كما جعل الإسلام موافقة المرأة شرطا أساسيا في الزواج فلا يصح إلا بموافقتها وليس لأحد أن يجبره حتى وإن كان أبوها ، فقد جاءت الخنساء بنت خديم الى النبي (ص) وقالت له :إن أبي زوجني من انب أخيه ليرفع بي خيسة ومالي رغبة فيما صنع فقال النبي اذهبي فلا نكاح له انكحي من شئت فقالت :أجزت ما صنع أبي ولكني أردت أن يعلم الناس أنه ليس للآباء من أمور بناتهم شيء

.وبعد الزواج لم تظل المرأة حبيسة المنزل ، ومع الاهتمام الكبير من قبل المرأة ببيتها وأولادها فلم تمنع من الخروج إلى المسجد ولتلقي العلم من الرسول عليه الصلاة والسلام وللمشاركة الفعالة في جميع نواحي الحياة الاجتماعية ، وبالرغم من وجود الحجاب في المجتمع المسلم فإن هذا الحجاب لم يحجب المرأة عن واقع الحياة الاجتماعية ولكن كانوا مجتمعا واحد متخالطا لكنهم أمروا بغض البصر وحفظ الفرج على حد سواء.

ومن هنا فالمرأة كانت تعيش في المجتمع بكل مرونة وبساطة ويسر وتختلط بالناس دون أي معوقات ، وكانت كأي عضو من أعضاء المجتمع فطالبت بجميع حقوقها دون أي وجل فهذه إحدى النساء تذهب إلى عمر بن الخطاب شاكية إليه حالها مع زوجها وتشكوه تقصير زوجها في المعاشرة ، وتقول زوجي يصوم النهار ويقوم الليل ، ومن هنا نرى الى مدى أصبحت المرأة قوية وصلبة واثقة في نفسها ، راسخة لا يثنيها شيء ، كما أن المرأة لم تهمل دورها كأم ومربية وزوجة بل كانت لزجها نعم المعين فكانت تحثه الطاعة وعلى تحري الحلال كما تربي أولادها على ذلك فهذه الخنساء تقدم أولادها الأربعة في سبيل الله وتقول بعد ذلك الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم في سبيل الله

إسهامات المرأة الثقافية والاقتصادية :-

بالرغم من أن المجتمع كان مجتمعا أميا بأسره إلا أن هناك بعض الإسهامات التي قامت بها المرأة كالشعر، فالخنساء مثلا كانت شاعرة مخضرمة كتبت الشعر في الجاهلية وفي الإسلام وليلى العمرية وعيرهن الكثير، كما برز الدور الكبير والهام في هذا الجانب والذي يتمثل في تعليم العلوم الشرعية والتفسير ورواية الحديث ، فكان للسيدة عائشة الدور الكبير في هذا المجال فلم تكن فقيهة وراوية فحسب بل أصبحت المرجع الديني والقاضي بين اختلاف الصحابة بعد وفاة النبي الكريم، كما كان هناك بعض من أمهات المؤمنين عرفن برواية الحديث وزينب بنت جحش وهد وأم سلمة وفاطمة بنت الرسول فضلا عن سبع عشرة راوية(1)

***

آما علي الصعيد الاقتصادي ففي المدينة كان الاقتصاد يعتمد على الزراعة ومن البديهيات أن المرأة كانت تشارك في الأعمال الزراعية إن لم يكن الاعتماد عليها كليا لانشغال الرجال بالحروب والمعارك ،أما في مكة الصحراوية كان النشاط الاقتصادي يعتمد على التجارة فقد مارست النساء التجارة كالسيدة خديجة - كما ذكرنا في الفصل السابق- وماله من آثار على كافة الأصعدة

كما كان هناك من النساء من مارسن صناعة الجلود الدروع وآلات الحروب الى غير ذلك من الصناعات الأخرى.

المرأة في الخلافة الإسلامية-

بالرغم من أن الإسلام شرف المرأة وارتفع قدرها عن ما قبله وعن الشعوب الأخرى إلا أنها بقيت على العموم أقل من الرجل بسبب انكفائها الى داخلية الحياة العائلية والاجتماعية ،أما في العصر الذي تلا الخلافة الراشدة ، فلم يقدم نساء خليفات لعائشة في الفقه وإن كن تميزن بالبطولة الحربية كأم حكيم الخارجية وفي الأدب رواية ونقدا كسكينة وعائشة بنت طلحة وهما من صاحبات الصالونات الأدبية(2)

ولم تكد تمر السنوات القليلة على الفتوحات الإسلامية حتى ابتدأت آثارها تظهر في حياة العرب السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية فانتقلوا فجأة من طور البداوة الى طور الحضارة واستعانو لذلك ببعض الأنظمة الغربية لينظموا شئون دولتهم ، وقد أترفوا ترفا شديدا وكان من الطبيعي أن لا تعيش المرأة بمنأى عما يحصل من تغييرات، فأثرت بما آتاها الله من وسائل وقدرات وتأثرت بما طبعت عليه من حساسية وسرعة انفعال وأخذ كثير من المسلمين بظاهر الآية (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)[النساء3] فقيل إن احد المسلمين تزوج مائتين وخمسين امرأة وقيل ثلاثمائة ، ولم يكتفون بما لديهم من زوجات بل عمدوا الى اقتناء الجواري والإماء يبذلون فيهن الأموال الطائلة ويملأون بهن القصور، وارتفعت أسعار الجواري الى الحد الذي اشترى فيه يزيد جارية بأربعة آلاف دينار ،ووصل سعر أحدى الجواري الى عشرة آلاف دينار ومال الناس الى الجواري وفضلوهن على الحرات وذلك لأن الإماء كن يأتين من بلاد الروم وفرس وغيرها فكن يقدمن حاملات عادات وثقافات البلدان اللاتي يأتين منهن فيبهرن الرجال ،وكذلك لموافقتهن لتلبية نزوات الرجال بعكس الحرات الى غير ذلك

ونشأت طبقة المهجنين وهم أبناء العرب من أمهات أجنبيات يترك المجال للحكم كي تظفر به امرأة

برغم أن الصورة العامة كانت كما شاهدنا إلا أن هناك العديد من النساء اللاتي اسفر التاريخ النقاب فكن نموذجا مشرفا في تاريخ المرأة على مر الدهور، منهن نائلة بنت عمارة الكلبية وموقفها مع زوجها النعمان والضحاك ، وكذلك حضور سكينة بنت الحسين الشاعرة والأديبة في زيارتها لهشام بن عبد الملك ومدى إفاضتها على منتداهم الأدبي ،وكذلك موقفها مع يزيد بن معاوية .(1)

كما أن هناك من النساء من اشتركن مع الرجال في الحروب ، كأم حكيم وغيرها ولم يشاركن في الحروب فقط وإنما قتلن أيضا كابنة عروة بن ادية و البلجاء التي قتلهما عبيد الله بن زياد ...

وزاد الاستهجان الامتزاج بين الأمم في العصر العباسي وظهر أمر المرأة الأعجمية "ام الولد"على المرأة العربية الأصلية في مجال السياسة فهذه الخيزران ام موسى الهادي استطالت في السيطرة على شئون ولدها بينما لم تبلغ زبيدة مبلغها في مد الأنامل لتحريك دفة الحكم و اهتم الأمراء بالترف والبذخ والإسراف و الغناء واللهو الى الحد السفه المفرط ،وعرفت النساء من أدوات وأشكال الزينة ما يثير الدهشة والعجب.

وبدأ حجب النساء وعزلهن وإحاطتهن بالحيضان ،وأصبح ينظر الى عدم مغادرة المرأة للمنزل مظهر من مظاهر العضمة والأبهة

ولم يشتهر من النساء أحد كما اشتهرن المغنيات التي اعترف الأصفهاني بأنه لم يستطع حصرهن

وهناك ظاهرة حضارية لابد من الإشارة إليها وهي أن ثمن الجارية المثقفة كان يزيد أضعافا على ثمن الجارية التي لها حسن بدن فقط

***

انه برغم ما ذكرنا فإن المرأة العربية كانت في عهد الرشيد تذهب الى القتال على صهوات الجياد وتقود الجيوش ،وفي عهد المأمون كانت تناظر الرجال في الثقافة وتشترك في نظم القصائد ،وضلت تنعم بالحرية الى خلافة المتوكل عاشر الخلفاء ،وكان الآباء يفخرون بأن يلقبوا بأسماء بناتهم الجميلات ،وكانت الفتيات العربيات المثقفات يتحدثن مع الرجال دونما حرج أو شعور بالإثم ،وكن يستقبلن الضيوف دونما خجل ، وكن يعرفن قدر أنفسهن فيعاملن من حولهن باحترام وتقدير.

الى جانب ذلك فإن النساء الحرائر في هذا العصر فقن الإماء في مجال الثقافة الدينية وبعض العلوم مثل الفقه والحديث والتصوف مثل:ستيتة بنت الحسين الضبي(ت377هـ)وكانت تفتي وتحدث وكذلك ام الفتح بنت القاضي ابي بكر (ت390هـ) الواعظة البغدادية الشهيرة ميمونة بنت ساقولة(1)

أما وضع المرأة في الأندلس فكان أحسن وضع عند العرب ، حيث تمتعت بمكانة عالية في المجتمع وان لها قيمتها الإنسانية وعدم تسلط من الحكام للسيطرة ،وخرجت نساء الأندلس بنشاطهن الى الحياة العامة وتلقين العلم كالرجال فكان منهن الشاعرات والباحثات في كثير من العلوم وسجل تاريخ الأندلس صفحات من المجد للنساء .

، بعكس الوضع في الدولة الفاطمية خاصة في عصر الحاكم بالله الذي زاد الفساد في عهده ،فشدد عليهن الى أن أصدر مرسومه الشديد و القاضي بمنعهن من مغادرة دورهن ليلا ونهارا شابة أو عجوز على حد سواء(1) ،

كما شدد على النساء في العهد العثماني الذي امتدت سيطرته على العالم العربي والإسلامي لفترة طويلة وفرض الحجاب عليهن ولم يشاركن في الحياة العامة كما كن من قبل ، بل كانت مهمشة ومقيدة الى حد كبير....


الفصل الخامس

المرأة في العصر الحديث

المرأة العربية وحركات التحرير

حقوق المرأة في الوطن العربي


الفصل الخامس

المرأة في العصر الحديث

أخذ ت المرأة العربية تطلع بدورها في الحياة الاجتماعية وظهر في مختلف أجزاء الوطن العربي داعيات الى البروز زعيمات في المجال الاجتماعي وزعيمات لتوجيه الرأي العام وانخرط عد د كبير منهن في بلاط الحكام والأمراء وكان لهن تأثير في الشؤون العامة .

غير أن المرأة العربية أصيبت بنكسة قاتلة في أيام الاحتلال العثماني فقد انحسرت حيوية المجتمع ودب الانحلال في أوصاله وانحدرت المرأة الى رجعية سحيقة وذلك لان هذا الاحتلال جلب على المجتمع العربي تقاليد غريبة تختلف كل الاختلاف عن طبعه وخلقه القومي وتقاليده المورثة

المرأة العربية و حركات التحرير:-

ولما بدا هذا الاحتلال في الذبول قامت قوى وطنية تحررية ،فظهرت طائفة من رواد الفكر وطلائع الأحرار،و بدأت المرأة تمزق الأردية البالية التي تلَُفها، وتتطلع الى غابر مجدها ومن أشهر دعاة الإصلاح جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده الذي دعا الى ضرورة تعليم المرأة وتحسين ظروفها الاجتماعية ثم جاء من بعده قاسم أمين الذي ناضل من اجل المرأة مريرا ونشر كتابين هما (تحرير المرأة ) (والمرأة الجديدة) نادي فيه بتعليم المرأة وان عليها أن تحرر نفسها من رق الجهل وأن تدخل ميدان المجتمع واثقة من شخصيتها ، كما نادى بتدريب النساء على بعض الأعمال ليكسبن معاشهن بدلا من بقائهن عالة على الرجال(1) .

وبرغم من الصعوبات التي واجهت هذه الدعوات إلا أنها أصابت نجاحا وانتشرت في جميع ربوع الوطن العربي وأصبحت قضية العصر، وحذت المرأة العربية حذو مصر فقد دعا المفكرون الى تحرير المرأة العربية وتزعم الرجال حركات تحرير النساء وأخذن النساء يكتبن في قضيتهن ويدافعن عن حقوقهن ووصلن عالم الشهرة مثل مارى زيادة وكانت توقع كتاباتها باسم "مي" وغيرها ، وبفضل هذه النداءات المتكررة وفر المجتمع للفتيات تربية شاملة علمية متوسطة وعالية وجامعية ، وظهر لهن اثر واستطعن أن يصنعن لهن مكانة واسما مثل صفيه زغلول وهدى شعراوي وأخذت البلاد العربية تحذو حذو مصر في تحرير المرأة ؛ فزاد عدد المتعلمات وطلبت المرأة المزيد من المساهمة في الأعمال العامة ، ثم تطلعت الى نيل حقوقها السياسية فقد منحت النساء حق الانتخاب في دول كثيرة مثل مصر وسوريا ولبنان وتونس ونصبت التشريعات والقوانين في كثير من البلدان العربية بمراعاة خصوصية النساء أو بان جعلت لها قوانين تراعي خصوصيتها كامرأة ،فعلى سبيل المثال لا يجوز تشغيلها في الأعمال الضارة صحيا أو أخلاقيا ولا أثناء الليل وكذلك إعطائها إجازات وضع ....الخ وغيرها من القوانين الخاصة بها ، كما أننا لا نجد في تشريعات بعض الدول نصوصا متعلقة بتشغيل النساء و لا تنص على ما ينبغي اتخاذه للحرص على حقوقها كامرأة عاملة وهذه اعتبارات لها ما يبررها من الرواسب والتقاليد الموروثة وخاصة في المجتمعات القبلية والعشائرية(1)

وما اشرنا إليه يدلنا على مبلغ اهتمام البلاد العربية النامية اقتصاديا بشؤون المرأة بصفة عامة وحقوق وواجبات المرأة العاملة بصفة خاصة لان الحركة النسائية بلغت منها مبلغا من الرقي بحيث أصبحت تمارس نشاطا ملحوظا في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية بصفة عامة وحركة التصنيع بصفة خاصة ، فقد غزت المرأة كل ميادين الخدمات والوظائف وقطاعات الإنتاج ولم تعد في المجتمع وظائف مقصورة على عنصر الرجال فقد كما كان في السابق ..

وغني عن البيان أن إسهام المرأة في العمل السياسي بجانب إسهامها في كل أنشطة المجتمع ، ثم إسناد منصب الوزارة إليها كتجربة رائدة كل ذلك يعد تتوجا للانتصارات الباهرة والوثبات التقدمية التي أحرزتها النسائية العربية وساندتها قوى الدفع الثوري والديمقراطي في طننا الجيب...

حقوق المرأة في الوطن العربي

المكانة الاقتصادية:-

لقد استطاعت المرأة تفرض لها مكانة ومنزلة في الحياة الاقتصادية بشكل عام وذلك بعملها في أكثر من مجال

فقد ساهمت في العديد من الصناعات التمويلية كصناعة الدواء والمأكل والملبس والتطريز والحياكة والأشغال اليدوية وصناعة الاجبان والألبان وتربية الدواجن والعمل بالزراعة والحقل والبيع والشراء والتجارة ...الخ ، وما يترتب على ذلك من تنمية الأسرة والمجتمع إلى جانب أداء وظيفتها كربة بيت ، فضلا عن أهميتها في أسرتها ومحيطها ، وكيف يتأثر كل فرد من تنظيمها وتصرفها وحالة الصحية والمعنوية وينعكس تأثيرها على عملهم أو انتباههم كما أنشئ العديد من المراكز من اجل تنمية المعارف والمهارات للإناث في مجالات متعددة من اجل المشاركة في العمل الاقتصادي ، كما وضعت الخطط والبرامج التي تهدف زيادة الإنتاج وضرورة الاستفادة من الجهود الذاتية على مستوى الريف والمدينة ودعم الصناعات(2) .

كما أن المرأة ربت البيت (غير المنتجة في نظر المجتمع ) تساهم في عملية الإنتاج وذلك بتهييئ الجو النفسي لأولادها وزجها لمساعدتهم وتحفيزهم على الإنتاج وهذا دور هام جدا بل ربما فاق دور أحدهم

المشاركة السياسية :ـ

المشاركة السياسي هي من أكثر ما يثير القلق لدى السياسيين والنساء معاَ ،بل والمجتمع بأسره و لقد منحت المرأة في هذا المجال العديد من المزايا مثلها مثل الرجل فقد كفلت لها القوانين حق التعليم ،وحق العمل، وحق الانتخاب والاقتراع ، وحق الترشيح ،بل وارتقين الى مناصب مرتفعة كالوزارات ...فلقد كفل الدستور للمرأة مساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية كما أن الدستور لم يميز بين الرجل والمرأة بسبب الجنس في الباب الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة .

والحقوق الخاصة في عالمنا العربي كما ألاحظ أن هناك استغلال لها، فكل حزب وتنظيم يدفع بالمرأة للمشاركة في الأعمال السياسية وأخص هنا حق الانتخاب ليصعدوا على أكتافهن وليس ليصعدوهن على أكتافهم

غير أننا نلاحظ أن مشاركة المرأة الفعلية اضعف مما هي عليه في القوانين كنصوص لعل ذلك يعو د الى أسباب من أهمها :-

· عدم اقتناع الطرف الآخر الحقيقي فالحقوق ليست إلا شعارات مغرضة

· اختلاف العلماء في شغل المرأة لبعض المناصب وبالتالي والاستشهاد بالفتوى واو في غير محلها.

· العادات والتقليد والموروثات القديمة

· انتشار الأمية الأكبر في الأوساط النسائية

· عدم معرفة النساء بحقوقهن التي كفلتها لهن القوانين

· هناك تتبع للعثرات التي تقع من بعض النساء أو التي تشير الى عدم مقدرة المرأة على القيام ببعض الأعمال كما يقوم بها الرجال نشرها وتعميمها والعكس من كتم وتعتيم الأعمال التي ا ثبتت المرأة فيها جدارتها

المشاركة في العمل الاجتماعي :ـ

لاشك في أن للمرأة دورها في العمل الاجتماعي لا يستطيع احد إنكاره أو تجاهله حيث شاركت فيه وبرز دورها من خلال عدة أنشطة أقيمت من اجلها :ـ مراكز الأسر المنتجة بل وكافة خدمات وزارة الشئون الاجتماعية وكذلك إنشاء دور الحضانة وذلك من اجل رعاية الأطفال أثناء غياب أمهاتهم والتعاون مع الأسرة في تربية أطفالها التربية السليمة الى غير ذلك من أندية نسائية ومراكز نسائية ومراكز لرعاية الأمومة والطفولة ومراكز لمحوا لامية وتعليم الكبار وأندية اجتماعية....الى غير ذلك ..

ومما يزيد تأكيد اهتمام الوطن العربي والإسلامي على أهمية المرأة ومالها من منزلة ومكانة عظيمتين فقد أقيمت الدراسات وأجريت الأبحاث وخصصت مراكز لمثل هذه الدراسات وما تزال هذه القضية في طور الدراسة والأبحاث حتى اليوم ..،


الخاتمة

من خلال الفصول السابقة ألقينا نظرة إلى وضع الأنثى عبر مراحل تاريخية مختلفة ونخرج بفوائد هامة فالمرأة في العصور البدائية عبدت وكان رمزا للخير والعطاء وبعد تراجع دورها الاقتصادي نلاحظ تقهقر مكانتها الاجتماعية لأن المكانة الاجتماعية هي الاساس الذي تقوم عليه الأدوار و الأنشطة على كافة الأصعدة السياسية والتجارية وغيرها

وعلى كل حال فالمرأة لم تظلم لكونها انثى ،وإن كان هناك بعض الامتهان أو الدونية في قيمتها الاجتماعية فالأمر عائد على دورها الاجتماعي و الاقتصادي ،لأنه كلما برز زادت أهميتها وانعكس ذلك على مكانتها وقيمتها الاجتماعية ، سلباًَ أو إيجاباًَ ، وعليه فإن الأمر بيدها وليس بيد أحد سواها ، فهي التي تستطيع أن ترفع من مكانتها بإيجاد أدوار هامة تميزها ،أما المزايدات التي يدعيها بعض الإسلاميين من انتهاك ووأد وقتل .... فتأتي من أجل تلميع الدين الإسلامي الغني عن مزايدتهم تلميعاتهم الشامخ بقيمه، لا على حسب الآخرين ...

وفي حقيقة الأمر إذا كان هناك ثمة امتهان فنحن من امتهن المرأة في هذا العصر والذي ندعي أنه عصر تحررها ،فالمرأة في أيامنا لم تعد سوى غلاف في مجلة،أودعاية مسخرة أما حقوق المرأة فما هي في العالم الإسلامي بشكل عام والعربي بشكل خاص إلا حبر على ورق إن كانت هناك حقوق ..وهنا سؤال يضع نفسه :هل المرأة مخلوق جديد تسببت في إحداث هذه الضجة؟وإذا كان هناك ظلم للمرأة على مدار التاريخ فلماذا لم نسمع صراخ المظلومين؟؟؟


المصادر والمراجع

  1. القرآن الكريم
  2. احمد زكي تفاحة ،المرأة والإسلام ،دار الكتاب اللبناني 1979

3. أ.ل.رانيلا ،ترجمة د.نبيلة إبراهيم الماضي المشترك بين العرب والغرب ،سلسلة عالم المعرفة (241)

4. د.بدر الدين عرودكي "ترجمة"معهد العلم الربي ،1999م

5. د.بلقيس الحضراني ،الملكة بلقيس التاريخ والأسطورة والرمز ،صـ44

6. د.جبار عباس اللامي،شعر المرأة في العصر الجاهلي مركز عبادي للنشر ،صـ16

7. حسين الشيخ ،نساء غيرن وجه التاريخ ، دار العلوم العربية للنشر،بيروت،ط1،1996م

  1. د.خليل أحمد خليل ،المرأة العربية وقضايا التغيير دار الطليعة ،بيروت ،ط3 ،1985م
  2. سليم التنير ،الشاعرات من النساء أعلام وطوائف ،دار الكتاب العربي ،سوريا ط1 1988م

10. د.شوقي ضيف ،العصر الجاهلي ، دار المعارف ،الطبعة الثامنة ،صـ72

11. د.عبد السلام الترمانيني ،الزواج عند العرب ،سلسلة عالم المعرفة ، العدد(80)

  1. د.عبد العزيزصالح المرأة في النصوص والآثارالقديمة، مجلة دراسات جامعة الكويت رقم (14)الكويت ،ط1 1985م
  2. عصام نور ،دور المرأة في تنمية المجتمع ،مؤسسة شباب الجامعة ،2002
  3. علي عثمان ،المرأة العربية عبر التاريخ ،صـ -ار التضامن للنشر والتوزيع بيروت

15. (فراس الهواح،لغز عشتار ،دار علاء الدين للنشر ،دمشق ط1996م

16. مجموعة من المؤلفين ،الرأة ودورها في حركة الوحدة العربية ،مركز دراسات الوحدة العربية ،الكويت

17. الأمام محمد بن إسماعيل البخاري ،صحيح البخاري

  1. الإمام محمد بن يزيد القزويني ،سنن بن ماجة
  2. محمد عبدالعزيز السويلم ، مكانة المرأة ووظيفتها في المجتمع ، دار عالم الكتب للطباعة والنشر ، السعودية 2002 م

20. محمد وحيد خياطة ،المرأة والألوهية ،دار الحوار للنشر اللاذقية سوريا،ط1 ،1984م

21. الأمام مسلم بن الحجاج النيسابوري ،صحيح مسلم

22. د/مصطفى الخشاب – دراسات في علم الاجتماع العائلي – دار النهضة العربية -1981 م د.

  1. مصطفى محمود سليمان رحلة في أرض سباء الهيئة المصرية للكتاب2002

24. منى زياد ،بلقيس امرأة الألغاز وشيطان الجنس ،رياض الريسي للنشرصـ73

  1. الموسوعة اليمنية ،الجزء الرابع مؤسسة العفيف ،صنعاء

26. مجلة بحوث جامعة تعز،سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية العدد1، 1998م



(1) فراس الهواح،لغز عشتار ،دار علاء الدين للنشر ،دمشق ط1996م صـ33

(1) د/مصطفى الخشاب – دراسات في علم الاجتماع العائلي – دار النهضة العربية -1981 م صـ133

(1) فراس الهواح ، لعر عشتار ،مصدر سابق

(1) فراس الهواح ، لعر عشتار ،مصدر سابق

(1) انظر: محمد وحيد خياطة ،المرأة والألوهية ،دار الحوار للنشر اللاذقية سوريا،ط1 ،1984م صـ14 وما بعدها

(1) د.عبد السلام الترمانيني ،الزواج عند العرب ،سلسلة عالم المعرفة ، العدد(80) صـ23

(2) محمد عبدالعزيز السويلم ، مكانة المرأة ووظيفتها في المجتمع ، دار عالم الكتب للطباعة والنشر ، السعودية 2002 م، صفحات متفرقة.

(1) انظر الموسوعة اليمنية ،الجزء الرابع مؤسسة العفيف ،صنعاءصـ2595

(1) المصدر السابق صـ2593

(2) الموسوعة اليمنية، مصدر سابق صـ2597

(3) د.عبد العزيز صالح، المرأة في النصوص والآثار العربية القديمة مجلة دراسات جامعة الكويت رقم (14)الكويت ،ط1 1985م صـ38

(1) نفس الصدر السابق

(2) أ.ل.رانيلا ،ترجمة د.نبيلة إبراهيم الماضي المشترك بين العرب والغرب ،سلسلة عالم المعرفة (241) صـ42

(3) منى زياد ،بلقيس امرأة الألغاز وشيطان الجنس ،رياض الريسي للنشرصـ73

(1) مصطفى محمود سليمان رحلة في أرض سباء الهيئة المصرية للكتاب2002

(2) د.بدر الدين عرودكي "ترجمة"معهد العلم الربي ،1999م

(1) د.بلقيس الحضراني ،الملكة بلقيس التاريخ والأسطورة والرمز ،صـ44

(2) د.عبد العزيز صالح المرأة في النصوص والآثار القديمة، مصدر سابق، صـ37

(3) مجلة بحوث جامعة تعز،سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية العدد1، 1998م

(1) د.جبار عباس اللامي،شعر المرأة في العصر الجاهلي مركز عبادي للنشر ،صـ16

(1) د.شوقي ضيف ،العصر الجاهلي ، دار المعارف ،الطبعة الثامنة ،صـ72

(1) د.عبد السلام الترمانيني ،الزواج عند العرب ،سلسلة عالم المعرفة ، العدد(80) صـ18

(2) مجموعة من المؤلفين ،الرأة ودورها في حركة الوحدة العربية ،مركز دراسات الوحدة العربية ،الكويت صـ17

(3) د.جبار الللامي ،شعر المرأة في العصر الجاهلي ،مصدر سابق صـ19

(1) سليم التنير ،الشاعرات من النساء أعلام وطوائف ،دار الكتاب العربي ،سوريا ط1 1988م صـ20 وما بعدها

(2) المصدر السابق،صـ17

(1) المصدر السابق صـ15

(1) د.شوقي ضيف ،العصر الجاهلي ،مصدر سابق

(2) سليم التنير ،الشاعرات من النساء أعلام وطوائف،مصدر سابق،صـ17

(1) د.جبار اللامي شعر المرأة في العصر الجاهلي ،مصدر سابق صـ17

(1)صحيح مسلم 1467

(2) صحيح البخاري 5649

(3) صحيح البخاري

(4) "من ابتلي "إنما سماه ابتلاء لأن الناس يكرهونهن في العادة ؛لما تحتاج إليه الجارية من الصبر على تربيتها وحسن رعايتها

(5) صحيح مسلم 2629

(6) سليم التنير مصدر سابق (نقلا عن مسند الأمام أحمد)

(1) سنن بن ماجة 224

(1) احمد زكي تفاحة ،المرأة والإسلام ،دار الكتاب اللبناني 1979 صـ44

(1) حسين الشيخ، نساء غيرن وجه التاريخ ،مصدر سابق صـ126

(1) الصدر السابق ،صـ119

(2) سليم التنير ،الشاعرات من النساء ،مصدر سابق ،صـ30

(1) د.خليل أحمد خليل ،المرأة العربية وقضايا التغيير دار الطليعة ،بيروت ،ط3 ،1985م صـ56

(2) مجموعة من المؤلفين ،المرأة ودورها في حركة الوحدة العربية ،مصدر سابق ،صـ26

(1) ِعلي عثمان ،المرأة العربية عبر التاريخ ،صـ89

(1) مجموعة من المؤلفين ،المرأة ودورها في حركة الوحدة العربية ،مصدر سابق صـ28

(1) علي عثمان، المرأة العربية عبر التارخ ،مصدر سابق صـ111

(1) مصطفى الخشاب ، دراسات في علم الاجتماع العائلي ،دار النهضة العربية بيروت 1981

(1) مصطف الخشاب ، المرجع السابق

(2) عصام نور ،دور المرأة في تنمية المجتمع ،مؤسسة شباب الجامعة ،2002

ليست هناك تعليقات: