أ.فيصل عبدالله الحرازي..خبير تنظيم المجتمع
مقدمة..
في
بادئ ذي بدء لابد من ان نتناول نبذة تاريخية عن التطورات الاجتماعية وذلك من خلال
ما اذا جاز لنا المقارنة في فهم الواقع الاجتماعي بين ما كان عليه مجتمعنا بالمشهد
الثوري لثورة 26 سبتمبر 1962م وبين ما هو عليه اليوم بالمشهد الثوري ثورة 11فبراير
2011م سنجد البون شاسع من حيث الادارة الشعبية والاستطاعة في التغيير وبالتالي قد
يستشف القارئ عن فهم هذا الواقع لأهمية الحاجة الى الفعل الاجتماعي المنظم وضرورة
الحاجة الى استخدامات طريقة تنظم المجتمع لإحداث التغير الجذري نحو تحقيق اهداف
الثورة 11فبراير 2011م المباركة
والاستجابة للمطالب الشبابية والشعبية في بناء الدولة المدنية الحديثة فيما
يلي:
الملاحظة بالمشهد الثوري لثورة 26سبتمبر 1962م كما هو
معروف لدى الاجيال التي عاصرت المرحلة من
مراحل التطور الاجتماعي في اليمن
كان الفعل الثوري لثورة 26 سبتمبر عسكريا اكثر من كونه شعبي ادى الى تغير
نظام الحكم من نظام ملكي الى نظام جمهوري كهدف اول من اهداف هذه الثورة . في ذات الوقت ظل الواقع
الاجتماعي والمجتمع كما هو لم يتخذ له اي شكل للتغير المناسب للنظام الجمهوري بل
يقوم في سياق الانظمة الاجتماعية السائدة وهي تقليدية مغلقة وكانت تقوم بوظائفها
الاجتماعية بالصورة التي تناسب مع ذلك الواقع, الذي يقيد الحريات والخيارات
الحياتية للناس ويشلك الثقافة المجتمعية
السائدة الذي يجسد فيه التميز العنصري,
الطائفي , المذهبي ,القبلي ,يشكل من مكونات المجتمع والانتماءات التنظيمية
الاجتماعية على اساس وراثي مقيدة بالثقافة المجتمعية والنظم المكونة للبناء
الاجتماعي الذي ينظم حياة الناس في تلك المرحلة.
وان كان الرغبة الكامنة في المجتمع للتغير الا انه
يستحيل ان يتحقق الارادة الشعبية للتغير فحينه لان الضبط الاجتماعي الرسمي والغير
رسمي للبناء الاجتماعي محكمة الامر الذي شكل من القوى الاجتماعية التقليدية هي
المسيطرة على الارادة الشعبية وفي تقرير للشعب مرهون في سياق الصراعات تقاسم
المصالح فيما بين هذه القوى التقليدية والسيطرة على الشأن العام في ادارة البلاد
.
وتغير هذا الواقع كان يشكل اعقد واصعب التحديات تجاه
تحقيق اهداف ثورة 26 سبتمبر 1962م .الامر الذي يقتضي لتحقيق ذلك واحداث التغيير
الجذري لهذا الواقع يتطلب ان يتم على المدى الطويل.
وبعد مرور خمسون عاما من تاريخ الثورة من الطبيعي ان يتأثر
المجتمع بقوانين التطور الاجتماعي التغير في النواحي المادية مثل تشييد وتوسع
المدن وسلفته وشق الطرقات والكهرباء وانتشار التعليم وتنامي الوعي المجتمعي وتقدم
الفكر الانساني تجاه حقوق الانسان وفي تطوير ادوات الانتاج وما الى ذلك ادت الى
احداث تغيير تلقائي في البنية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية و أي تلاشي في النظم
الاجتماعية التقليدية السائدة في تلك المرحلة بل وفقدت اجزاء لا يستهان من وظائفها
بل عجزت في مواكبة التغير والتطور
الاجتماعي في ذلك الوقت لم يتم التغير في النواحي الاجتماعية والتنظيمية وبناء
النظم البديلة المناسبة مع مرحلة التطور الاجتماعي. الامر الذي ادت الى وجود
اختلالات بين النواحي المادية والاجتماعية, مشكلا من هذه الهوة واقعا اجتماعيا
لدرجة اننا نتصور بان المجتمع الذي نعيش فيه ما هو الا نموذج من المشكلات يتخذ من
مسار التغيير باتجاه ما يشبه بالدائرة التراكمية الخبيثة ويتضح في ذلك في ان
الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة تتضافر فيما بينها في دائرة تراكمية خبيثة فتتفاقم
الاحوال الاجتماعية والاقتصادية اكثر سوء والى مزيدا من التخلف وان اي تغيير يتكون
عليه ردود فعل في شكل تغيرات اخرى تتجه في مجموعها باتجاه مضادة للتغيير الاول
وهكذا ستستمر دوران هذه الدائرة الخبيثة مالم يتم التدخل لكسرها ومن ثم التحول الى
الفعل الاجتماعي المنظم لعكس هذه الدائرة الى دائرة تراكمية حميدة.
وعملية كسر الدائرة التراكمية الخبيثة غالبا ما يتم عن
طرق الفعل الثوري ومن ثم الفعل الاجتماعي المنظم باستخدام طريقة تنظيم المجتمع لإحداث
عدد من التغيرات المباشرة في النظم
الاجتماعية بحيث تؤدي من اي تغيير باتجاه ما يشبه بالدائرة التراكمية الحميدة ان
اي تغيير لتحسين الظروف الاجتماعية تؤدي الى تحسين الظروف الاقتصادية والعكس صحيح
وتؤدي الى تضافر النظم نحو التكامل فيما بينها في دائرة تراكمية حميدة تزيد
الاحوال الاجتماعية والاقتصادية الى مزيدا من النمو والتقدم وان اي تغيير يتكون له
ردود فعل ايجابية في شكل تغييرات اخرى تتجه في مجموعها باتجاه التكامل مع التغيير
الاول وبالتضافر فيما بينها نحو مزيدا من النمو الكلي والتنمية الشاملة المتوازنة والمتكاملة
والمستدامة
ومساهمة منا في ذلك نحاول ان نقدم رؤيا علمية ومنهجية
متطورة حول استخدامات طريقة تنظيم المجتمع ولأهمية الدور الايجابي الفعال الذي
يمكن ان تؤديه للفعل الاجتماعي المنظم نحو تحقيق اهداف الثورة واحداث التغيير
الموجه باتجاه الاستجابة للمطالب الشعبية
والشبابية في تحقيق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل
للثروة وما الى ذلك متصلة بضرورة بناء الدولة المدنية الحديثة فيما يلي:
اولا: تعاريف طريقة تنظيم المجتمع:
1) تعريف
شلر
ينظر الى طريقة تنظيم المجتمع على انا الطريقة او
العملية التي تؤثر على التغير الاجتماعي وفي هذه العملية ينظم سكان المجتمع ومن ثم
يمكن تحديد مشكلاتهم ويحددون اوليات احتياجاتهم ويضعون برنامجا للعمل ويتحركون
لتنفيذ هذا البرنامج.
2) تعريف
عبدالمنعم شوقي:
طريقة تنظيم المجتمع بانها العملية التي تبذل بقصد ووفق
سياسة عامة لإحداث تطور في تنظيم اجتماعي واقتصادي للناس وبيئاتهم سواء كانو ا في
مجتمعات محلية او اقليمية بالاعتماد على المجهودات الحكومية والاهلية المنسقة على
ان تكتسب كلا منها قدرة اكبر على مواجهه مشكلات المجتمع نتيجة لهذه العمليات.
3) تعريف هدى
بدران :
تنظيم المجتمع بانه طريقة من طرق الخدمة الاجتماعية يستخدمها
المنظم للتأثير في القرارات المجتمعية التي تتخذ على جميع المستويات لتخطيط وتنفيذ
برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية بحيث يؤدي هذا الى تقوية الترابط بين سكان
المجتمع وبين المجتمع المحلي والمجتمع الاكبر.
ثانيا
: وحدة عمل طريقة تنظيم المجتمع:
لكون طريقة تنظيم المجتمع هي طريقة من طرق الخدمة
الاجتماعية لها قوانينها العلمية واساليبها الفنية تختص بالتعامل مع المجتمع فهي
في ذلك تمارس عن فهم وادراك عميقين لخصائص المجتمع الذي تتعامل معه وتتركز عن ثلاث
جوانب كي تحدد التي تتعامل معه فيما يلي:
1.
لكل مجتمع مقومات اساسية .
2.
فهم المجتمع كنسق اجتماعي له انساق فرعية.
3. فهم المجتمع في حالة تغير مستمر.
تأسيسا على فهم الثلاثة الجوانب لتحديد وحدة عمل الطريقة
يمكننا تحديد ذلك النحو الاتي:
1.
المجتمع الجغرافي على مختلف المستويات الجغرافية في
خارطة الجمهورية .
2.
المجتمع الوظيفي.
3.
المجتمع السياسي.
مجتمع المشكلة
مجتمع الحاجة
|
ثالثا:
استخدامات طريقة تنظيم المجتمع في بناء مقومات الدولة المدنية الحديثة:
لضرورة المشاركة الشعبي في بناء مقومات الدولة المدنية
ومن ثم تمكين بالقدرة على تحمل مسئولياته تجاه اشباعات سكان المجتمع يقتضي ذلك الى
ضرورة ان تمارس طريقة المجتمع على مسارين اساسيين يكمل كلاهما بالأخر في اتجاه
بنائي لتغيير وتطوير التنظيمات الاجتماعية وبناء النظم الاجتماعية الذي يجب ان
تحدد بعامل الطريقة وعامل الميدان مثلا النظام الاجتماعي التعليمي له طريقة وله
ميدان النظام الاجتماعي للصحة لها طريقة ولها ميدان النظام الاجتماعي الزراعي لها
طريقة ولها طريقة وميدان وهكذا لكل نظام من
النظم الاجتماعية لابد ان يتحدد لها الطريقة والميدان من خلال التنظيمات
الاجتماعية المتصلة في بناء هذه النظم والمكونة للبناء الاجتماعي الذي ينظم حياة
الناس وبما يتناسب مع ظروف مرحلة التطور الاجتماعي.
لسنا هنا بصدد الخوض في تفاصيل عمليات وادوات طريق تنظيم
المجتمع بل على سبيل العرض للرؤية والتوضيح لاهمية مخرجات العمل بطريقة تنظيم
المجتمع فيما يلي:
نماذج لبعض مخرجات العمل بطريقة تنظيم المجتمع:
1) تمكين المجتمع
بالقدرة على تحمل مسؤولياته في مواكبة التغير والمستمر بالتغيير.
2) تكوين رؤية واضحة
موحدة لدى الرأي العام الرسمي والشعبي لماهية مقومات بناء الدولة المدنية الحديثة
وبالتالي تمكين المشاركة الشعبية للعمل نحو ذلك.
3) تكوين ادوات الممارسة
اللازمة لإدارة الدولة وايجاد الدولة وايجاد آليات عمل حقيقة متصلة بسعة التمكن الاداري والتنظيمي لممارسة الدولة في
ادارة البلاد.
4) تمكين القدرة والمعرفة على صياغة الدستور عن
فهم ادراك عميقين لأهمية التنظيمات الاجتماعية باعتبارها وحدات بنائية وبناء للنظم
الاجتماعية المكونة للبناء الاجتماعي الذي ينظم حياة الناس وبما يتناسب وظروف
مرحلة التطور الاجتماعي والمستمر بالتغيير .
5) تمكين السلطة التشريعية في تكوين ادوات التعامل
مع مكونات المجتمع والمتصلة بالنظم الاجتماعية ومن ثم القدرة على التعاطي مع
مشاريع سن التشريعات من واقع الفهم والادراك لاحتياجات التطوير ومواجهة المشكلات
ومعالجتها من خلال التشريعات اللازمة لذلك.
6) بناء القدرات المجتمعية التنظيمية اللازمة
لاستقلالية القضاء وقوة القوانين النافذة وتفعيل ادواتها المتصلة بتحقيق العدالة
الاجتماعية في سياق الحاجة الى تماسك وتكامل وتوازن النظم المجتمع.
7) تمكين الاحزاب
السياسية بأدوات العمل السياسي الحقيقية اللازمة لخيارات الارادة الشعبية في
التغيير وتمكين المجتمع بالقدرة على مواكبة التغيير.
8) في سياق العمليات
التنظيمية وبناء النظم الاجتماعية تضح جليا ملامح البناء الاقتصادي في المجتمع
والبنية الاقتصادية في تجلي انشطة التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في مكونات
المجتمع ومكونات المجتمع الوظيفي باعتبارها المجتمع الانتاجي والمكونة للمجتمع
الجغرافي باعتبارها المجتمع الاستهلاكي وذلك على المستويات الافقية والراسية تحدد
بوضوح خارطة التخطيط الجغرافي لعمليات التنظيمات الاجتماعية بالمجتمع.
9) تمكن الخبراء
والاختصاصيين الاقتصاد في الجهات المعنية في رسم السياسات الاقتصادية الناجعة لمنو
الاقتصاد.
10) فضلا عن ما اوردناه من مخرجات تنظيم المجتمع وهناك
الكثير لا تقل اهمية عن ما ذكر فضلا عن
اهميتها في تحقيق المقاصد الشرعية في الاسلام حيث يمكن الامة (الشعب) بالعمل نحو
تجسيد قول الله تعالى : (كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن
المنكر وتؤمنون بالله) (ال عمران: 110).
واننا ان كنا نتقدم بهذه المحاولة المتواضعة للإسهام
في تنفيذ رؤية موحدة عامة لكسب تأييد الراي العام الرسمي والشعبي لأهمية الحاجة
الى استخدام طرق مهنة الخدمة الاجتماعية بصفة العامة وطريقة تنظيم المجتمع بصفة
خاصة في المرحلة الراهنة من مراحل التطور الاجتماعي لمجتمعنا اليمني الا اننا نرى
لضرورة الحاجة الى من يتبنى هذه الرؤية العلمية والمنهجية المتطورة لبناء مقومات
الدولة المدنية الحديثة من القيادات الشعبية والشبابية والحزبية بما فيها حزب
المؤتمر الشعبي العام والقوى الاجتماعية لمختلف القطاعات الشعبية ومن ثم الشعور
بعمليات الفعل الاجتماعي المنظم ويتم ذلك بالاستعانة بالخبراء والاختصاصيين
لممارسة تنظيم المجتمع علما بان خريجي تخصـص خدمة اجتماعية من جامعتي صنعاء وعدن
ومن عدد جامعات العربية وجامعات الدول الصديقة
يصل عددهم من اليمنيين اكثر من ثلاثمائة
متخصـص يمنيين ومعظمهم بدون درجات
وظيفية وبدون عمل. الامر الذي يجعل الحاجة الماسة لتشغيل هذا العدد في ميادين سوق
العمل المتوفر بشكل واضح لاعتبار هذا التحول والتغيير المطلوب يقتضي الحاجة الى
الاستفادة من خبرات تخصـصات هذا المجال
والذي يقوم اساسا عن فهم اعمق للجماعات الرسمية او الغير الرسمية – والمجتمعات
والتنظيمات التي نتعامل معها وفي ممارسة المناهج العلمية والاساليب الفنية والاستراتيجيات
المختلفة والوسائل المتنوعة التي نستخدمها في ممارسة اعمالنا للمساهمة في احداث
التغيير وتوجيهه نحو تحقيق الاهداف المرجوة من خلال الشروع بعمليات الفعل
الاجتماعي واحداث نقله نوعية سريعة قد
تجسد الحكمة اليمانية في تقديم نموذج ريادي قد يحتذى به ليس فقط على مستوى المنطقة
بل على مستوى العالم من حيث التكلفة للجهد والوقت وسرعة البناء للدولة
المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق