الأحد، 8 أبريل 2012

ورقة عمل :الاسماعيليون ومعاناتهم في اليمن


ورقة عمل :الاسماعيليون ومعاناتهم في اليمن

المحامية/فيروز أحمد محسن الجرادي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحو يمن للجميع يمن حضارة  وعروبة  وآصاله.  بعيدا عن ما مضى من سلبيات الماضي وتطلع لما نريد وإرجاعا لماضي اليمن المزهر يمن يتسع للجميع .
نشارك أنا وإياكم في مؤتمر مبادرة الحق في المواطنة المتساوية . مقدمة لسيادتكم ورقتي هذه عن الإسماعيليون ومعاناتهم في اليمن .
وتسليط الضوء اليوم عن معاناتهم ما هو إلا القليل من اعترافنا بأحقيتهم في المواطنة المتساوية . وإزاله كافة الأقاويل والخرافات وإظهار الحقيقة لعين الباحث والمواطن بأحقية الشيعية الإسماعيلية في  المواطنة المتساوية في اليمن حيث وأن حقوق الإنسان وحرياته هي قضية أنسانيه  ومنحة إلهية للإنسان بمجرد كونه أنسانا .
الجميع يذكر بأنهم مسلمين شيعيين على المذهب الاسماعيلي يقطنون في بعض المناطق اليمنية مثل ( حراز , همدان , بعدان , نجران .......... الخ ) أذن  فما هي المشكلة وما هي معاناتهم  !
 لكي نعرف معاناة الاسماعيليون في اليمن نعرج بشكل مختصر  لنشأتهم   وأماكن تواجدهم في  اليمن وما هو أثر اتفاقية الطائف ومعاهدة جدة بين اليمن والمملكة العربية السعودية    :
أولا: الأصل  التاريخي
يعود الإسماعيليون في اليمن إلى زمن الدولة الصليحية العبيدية وإلى عهد الملك الكامل السلطان المظفر  ملك اليمن عظيم العرب علي بن محمد الصليحي ولي أمير المؤمنين المستنصر بالله من بلاد همدان وينتمي إلى عبيد بن أوام بن حجور بن حاشد ورث السلطان  علي بن محمد الصليحي العلامة عامر الصليحي الذي توفى وعهد إليه بكتبه وكان دليلاً لحجاج اليمن على مدى 13عاما وفي عام 428هـ اجتمع بـ60رجلاً من قومه همدان كانوا معه في الحج
فدعاهم إلى نصرته والقيام معه فبايعوه وعند عودته إلى اليمن أقام في مسار وهو حصن في جبل حراز وفي عام 429هـ بناه وحصنه واستمر فيه عشر سنوات حتى توطد حكمه وزعامته  في أرجاء الدويلات اليمنية  . وفي عام 439هـ بدأ الصليحي في مواجهة اجتياح الدويلات والكيانات وتوحيد اليمن  إلى 473هـ (1080م) وكان الصليحي من دعاة المذهب الإسماعيلي في اليمن . معروف عنه التسامح الديني.
بعد أن وحد اليمن التي كانت مقسمة إلى دويلات وسلطنات عاد إلى صنعاء وشيد قصورها وأسوارها من الجص والحجارة وبنى أبوابها السبعة تختلف الروايات حول تاريخ مقتله حيث يؤكد الكثير من المؤرخين أن مقتله كان يوم السبت 12ذي القعدة سنة 473هـ  وروايات أخرى كان في 459هـ  .
بعد وفاته تولى ابنه المكرم أحمد بن علي بن محمد الصليحي وتزوج المكرم أحمد عام 444هـ بالسيدة أروى بنت أحمد الصليحي التي نشأت في كنف والديه وبعد وفاة المكرم علي تولت زمام الأمور في عام 484هـ وحظيت بلقب السيدة من الملك الفاطمي كبديل للقب المكرم وحكمت اليمن نصف قرن حتى وفاتها عام 532هـ الموافق 1137م وكان عمرها يناهز الـ88عاماً . (  صحيفة الميدان بتاريخ 13/12/2009م ).
ثانيا : أماكن تواجدهم 
يتواجدون في بعض القرى اليمنية كما ورد في الصحيفة سابقة الذكر :  قرى حراز التي تتواجد فيها معالمهم المذهبية الواقعة في نطاق مديرية مناخة محافظة صنعاء ويعيش الآلاف منهم في أوساط العاصمة صنعاء.  وقيل أن هناك أسر تعيش في عدن ومناطق مختلفة من اليمن أما المكارمة فيعيشون في 13 قرية من أصل 60 قرية يقطنها الإسماعيليون من بهرة نفس تلك المناطق ويتركز عدد منهم في مدينة دوكم التاريخية الواقعة في منطقة طيبة في وداي ظهر همدان وكذلك يعيش جزء كبير منهم في وايلة في محافظة صعدة ويتبعون مكارمة نجران التي تحتوي على معالمهم الروحية ، ويعيش في نجران عدد منهم  والذين سنوضح  لعدالتكم مدى ا لضرر الواقع عليهم جراء التمسك بمذهبهم  وكيف تم التخلي عنهم منذ عهد الإمامة واتفاقية الطائف عام 1934 م واتفاقية جدة عام 2000م  حتى وقتنا الحالي   .
           بحسب التقارير الحقوقية  وأخص بالذكر تقرير  منظمة هيومن رايتس ووتش  :حيث اشار تقرير صدر عن المنظمة حمل عنوان ) الاسماعيليون في نجران مواطنون سعوديون من الدرجة الثانية ( وقد أشار التقريرانه يتوجب على السلطات السعودية وضع حدا للتمييز الديني بحق أتباع الطائفة وان تتم محاسبة المسؤولين عن ارتكاب الإساءات بحق الإسماعيليين. واعتبر تقرير المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها ان اتباع الاسماعيلية واجهوا تمييزا متزايدا في العمل الحكومي على مدار العقد الماضي واضاف التقرير ان عدد من الإسماعيليين لايمكنهم تأمين وظائف لهم مما يجعلهم مضطرين إلى مغادرة نجران كون الحكومة شغلت المناصب الحكومية باتباع المذهب الرسمي من خارج المنطقة بالرغم من قلة كفاءتهم.
 وبينت المنظمة ان المسؤولين الحكوميين من المنتمين للمذهب الإسماعيلي يواجهون حدا أقصى لايمكنهم عبوره فيما يتعلق بالترقيات الوظيفية, مشيرة الى ان قسما واحدا من بين 35 قسما حكوميا في نجران يترأسه شخص من الإسماعيليين. وذكرت هيومن رايتس ووتش ان التمييز بحق الاسماعيليين يمتد الى الجيش برغم كثرة أتباع الإسماعيلية الذين يعملون في هذا القطاع, لافتة الى ان الاسماعيليين لا يترقون إلى المناصب الرفيعة إلا بدرجة استثنائية باعتبار ندرة قبول كليات الضباط التي تحضر الكوادر لمراكز القيادة أشخاص ينتمون الى الطائفة.
وطبقا لتقرير المنظمة الذي استند الى مقابلات اجريت مع 60 شخصا من اتباع الطائفة فان فعاليات الطائفة ارسلت وفودا وتظلمات لأمير نجران مشعل بن سعود والسلطات المركزية في الرياض بما في ذلك هيئة حقوق الإنسان لكن لم يجدوا إلا اهتماما قليلا بمشكلاتهم.
وقد وضح  التقرير ان أعلى رجال الدين المعينين من قبل الحكومة وأصحاب أعلى المناصب القضائية يهاجمون بشكل علني الطائفة الإسماعيلية متهمين أتباعها الذين قد يصل عددهم في السعودية الى مليون نسمة بالكفر.
كما جاء في التقرير بأن الحكومة السعودية تقوم بحملة اعتقالات وتعذيب للطائفة الإسماعيلية ومصادرة كتبهم وعدم السماح لهم بممارسة شعائرهم .
من جهته قال جو ستورك نائب مدير شؤون الشرق الاوسط في المنظمة ان الحكومة السعودية تدعو للتسامح الديني في الخارج ولكنها تعاقب بصورة منهجية أبناءها المنتمين للطائفة الاسماعيلية بسبب معتقداتهم الدينية.
 توصف نجران  في نفس التقرير السابق بأنها أرض سهلية خصيبة دخلت ضمن حكم السعودية عام 1432 هـ برغم تمسك اليمنيون في المنطقة بأصلهم التاريخي وبعاداتهم اليمنية  حتى زراعتهم القات المجرم وفقا للقانون السعودي    . 
ثالثا : اتفاقية الطائف ومعاهدة جدة بين اليمن والمملكة  العربية السعودية .
بعد الحرب العالمية الأولى وهزيمة العثمانيين شرعت السعودية لاستغلال الوضع لبسط نفوذها علي اليمن بحجة الدفاع عن الادارسة . وأوقفت تحرك الإمام يحيى في إتجاه بسط سيادة الدولة وشنت عليه حرب لم توقفها حتى تم الموافقة علي اتفاقية الطائف بين المملكة المتوكلية  (الأمام / يحي حميد الدين )  والمملكة العربية السعودية ( عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود )  والتي تنازل فيها الأول عن أي حق لليمن في نجران وعسير وجيزان  .
وعندما جاءت ثورة سبتمبر المجيدة وأطاحت بحكم الأئمة في اليمن معلنين اليمن دولة جمهورية رافضين التنازل عن أراضى  اليمن بدأت العلاقات بين اليمن والسعودية بمراحل من الشد والجذب على الصعيد الحدودي حتى جاءت معاهدة جدة  عام 2000م التي تقضى بإلزامية اتفاقية الطائف  في البند الأول منها  .
ويعتقد البعض بأن معاهدة آلفين بجدة لا إلزامية لها لعدة أسباب قانونية أهمها على سبيل المثال :
ــ أن التنازل عن الأراضي اليمنية مخالف للدستور الذي يحرم  التنازل عن الأراضي اليمنية   وأهداف ثورة سبتمبر المجيدة  
ــ أنها جاءت تعطي شرعية لمعاهدة الطائف الملغية بحكم الثورة . و لو افترضنا قانونيتها فقد  كانت محددة بفترة زمنية محددة وهي عشرون سنة قمرية وان المعاهدة جاءت بعد انتهاء الفترة الزمنية واليكم نص المادة( 22)  من اتفاقية الطائف  
(تبرم هذه المعاهدة وتصدق من قبل حضرة صاحبي الملكين في أقرب مدة ممكنة نظرًا لمصلحة الطرفين في ذلك، وتصبح نافذة المفعول من تاريخ تبادل قرارات إبرامها مع استثناء ما نص عليه في المادة الأولى من إنهاء حالة الحرب بمجرد التوقيع. وتظل سارية المفعول مدة عشرين سنة قمرية تامة، ويمكن تجديدها أو تعديلها خلال الستة الأشهر التي تسبق تاريخ انتهاء مفعولها، فإن لم تجدد أو تعدل في ذلك التاريخ تظل سارية المفعول إلى ما بعد ستة أشهر من إعلام أحد الفريقين المتعاقدين الفريق الآخر رغبته في التعديل)                       
برغم أن الحديث عن إلزامية اتفاقية جده يحتاج دراسة قانونية كاملة لبنود الاتفاقية وهل التزم الطرفان ببنودها عقب المصادقة عليها ! وهل يحق لرئيس الجمهورية المصادقة علي اتفاقية تخالف بنود الدستور !                                                                        
وأيهما أعلى الدستور أو الاتفاقيات والمعاهدات !!!!!!!!!!!!!!!! برغم معرفة الجميع بسمو الدستور على جميع القوانين . كل ذالك لا يسعني أن أضعه لسيادتكم في بضع ورقات ولكني هنا أوضح لكم كيف تم بيع الأراضي اليمنية بمن عليها .
وبرغم كل ذلك نجد أن السعودية لم تلتزم بمعاهدة جدة عام 2000 التي تقضى بإلزامية اتفاقية الطائف وشرعت عام( 2004,2003 ) م ببناء جدار عازل على طول الحدود البرية مخالفة ما نصت علية الاتفاقية من اعتبار تلك الأجزاء منا طق رعى وقامت بترحيل كثير من اليمنيين واستبدالهم بعمالة أجنبية وصار الحد منهم  سياسية  تتبع بعد حرب الخليج  خلافا لما في الاتفاقية التي زعمت وجود علاقة صداقة وأخوه.                                               
و هكذا نجد بعد  أن تنفس اليمنيون  الصعداء للتخلص من مخلفات الماضي  بثورة سبتمبر المجيدة والإطاحة بحكم الإمامة إلا أن الإرادة السياسية بمثل تلك التعاقدات الغير قانونية  تعنى  الخضوع للرغبة السعودية خاصة وان الاتفاقيتان  جاءت  بذات أسلوب الضغط والإكراه  وفرض سياسية الأمر الواقع على الرغم من الحقوق التاريخية اليمنية في مناطق النزاع التي يعرفها الجميع
   ومن هنا يتبين لنا معاناة اليمنيون وخاصة  الاسماعيليون الذين تنتهك حقوقهم والذي تم  التخلي عنهم في  نجران التي لا نستطيع طمس التاريخ واستثنائها من يمننا الحبيب .
أما في باقي المناطق اليمنية نجد معاناتهم تكمن  بتناقل الخرافات  التي لا يقبلها عقل عن ممارساتهم لعقيدتهم .  وعلى سبيل المثال نسلط الضوء على  ما يقال عن أعيادهم وقد جاء على لسان أحدهم وهو أحد رجال الدين عندهم  في مقال عن صحيفة الميدان  :-
 (حقيقة ما ينسب للإسماعيليين من بهرة ومكارمة كان أحد أهم محاور لقائنا بالملا المحلة والذي فرق بين ليلة الغدير وليلة الغادرية فليلة الغادرية حسب تأكيد المحلة يتم إحياؤها في ليلة 23رمضان من كل عام من قبل أبناء المذهب الإسماعيلي رجالاً و نساء ويقيمونها بالصلاة حتى الصباح الرجال منعزلين عن النساء وأضاف رغم أن أبواب جوامعنا مفتوحة للجميع إلا أننا نواجه حربا مذهبية من قبل البعض فينسبون إلينا ارتكاب الفاحشة وأضاف منزعجا هل يعقل ما يقال أن فرقة إسلامية تشهد ألا إله إلا اله وأن محمداً رسول الله وتحب النبي وآل بيته الطاهرين وترتكب الفاحشة التي يروج وينسب لها ظلما وتسببت في اضطهادنا عدة قرون حتى أن كتب المذهب الإسماعيلي نهبت وحرقت وأضاف نحن لا نكفر أحدا بل يكفرنا الآخرون مشيرا إلى أن سجادته التي يصلي عليها في الجامع الكبير والواقعة أمام عمود المسمورة الذي يتبرك به البهرة دفعت آخرين إلى تكفيره )
وقد ذكر  الرئيس السابق / على عبد الله صالح  في أكثر من مناسبة بأنة لا خوف منهم وإنهم تحت السيطرة بمغزى تهدئة بعض مشائخ السنة الذين يخافون من توسع الفكر الاسماعيلي . ولكن مثل تلك التصريحات  دليل علي حصرهم في دائرة غير مسموح بتجاوزها   وهذا ما جنبهم الانصهار داخل شرائح المجتمع اليمني خوفا من المصادمات التي قد تجني عليهم كثير  من الشائعات التي هم في غني عنها . 
وبالتالي نجد بأن تهميشهم وإقصائهم من الاندماج في الحياة الاجتماعية مخالف  لتطبيق مبادئ  المواطنة المتساوية الكاملة  التي تؤكد أحقيتهم الكاملة في المجتمع وتؤكد مبدأ المساواة  دون التمييز القائم علي معايير الدين والموقف الفكري .
لذلك نجد بأن الوقت قد حان  للعمل على  إزالة الأحقاد بين أبناء وطن واحد ودين واحد ولسطوع شمس الحقيقة أمام الجميع . وترسيخ  مبدأ المواطنة المتساوية بين جميع أبناء اليمن  . فالتقدم والرقي ليس بمعزل عن احترام كافة حقوق الإنسان وحرياته  .


المراجع :
1/ اتفاقية الطائف بين المملكة المتوكلية اليمنية والمملكة العربية السعودية عام 1934م .
2/ اتفاقية جدة بين المملكة العربية السعودية واليمن عام 2000م .
3/ تقرير منظمة (هيومن رايتس ووتش ) عن الاسماعيليون في نجران مواطنون درجة ثانية.
4/ صحيفة الميدان بتاريخ 13/12/2009م  .

                                                                                                                 المحامية:                 فيروز أحمد محسن الجرادي

ليست هناك تعليقات: