مفهوم الإتصال وفق مقولات النظرية الوظيفية
اعداد الباحث / عمرو معديكرب حسين الهمداني
P
سنقوم في هذه الورقة بالتعرض على أحد المواضيع الهامة والمتعلقة بمناقشة مفهوم الاتصال وفق النظرية البنائية الوظيفية وأهم النقاط الرئيسية التي سنركز عليها يمكن تلخيصها بالتالي :-
أولا :- مفهوم الاتصال :-
v يشير مفهوم الاتصال إلى العملية أو الطريقة التي تنقل بها الأفكار والمعلومات بين الناس داخل نسق اجتماعي معين يختلف من حيث الحجم ومن حيث محتوى العلاقات المتضمنة فيه أي أن هذا النسق الاجتماعي قد يكون مجرد علاقة ثنائية نمطية بين شخصين أو جماعة صغيرة أو مجتمع محلي أو مجتمع قومي أو حتى المجتمع الإنساني ككل.
v يجب التمييز بين أنماط معينة من انتقال الأفكار والمعلومات وما يهمنا هنا هو التمييز بين نمطين رئيسيين :-
الأول :- الانتقال ذا الخط الواحد :-يقصد بة أن المعلومات والأفكار تنقل من مركز إصدار أو إرسال إلى مركز استقبال بحيث يكون مركز الإرسال هذا هو البعد الايجابي بينما يكون موقف مركز الاستقبال سلبيا تماما وهنا لا نستطيع أن نطبق اصطلاح الاتصال تطبيقا تاما ويمكن أن نستعيض عنة بمفهوم النقل أو الانتقال لان التفاعل والتبادل هو أهم ما يميز الاتصال كمفهوم وعملية إلا أن هذا النمط يتميز بدرجة قليلة جدا من التبادل والتفاعل .
الثاني :- الاتصال ذا الخطين :-فهو يعني أن العملية الموجودة عملية تبادل في الأفكار أكثر منها انتقالا وعملية تبادل في المعلومات ويمكن الإشارة إلى أن النمط الأول يشير إلى الاتصالات الجمعية بينما الثاني إلى الاتصالات بين الأشخاص.
v أصبح مفهوم الاتصال مفهوما واضحا وبارزا في تراث العلوم الاجتماعية حيث ظهرت في العقود الأخيرة مؤلفات عديدة ومقالات متنوعة متخصصة فيه , وليس معنى ذلك انه مفهوم حديث جدا فقد استخدمه علماء الاجتماع الأوائل وبخاصة (تشارلز كيلي) وجون ديوي.
v وكان لمفهوم الاتصال استخدامات بعضها بمعنى واسع أو بمعنى محدود أما المعنى الواسع فانه يشير إلى مختلف أنواع البرامج التعليمية وبرامج العمل والإرشاد في الزراعة وفي غيرها من المجالات وفي مجال العلاقات والتنظيمات الرسمية وغير الرسمية في الصناعة وغيرها.
ويذهب ويلي راسي إلى أن انتقال المعاني بين الأفراد هو الذي يحدد العملية الاجتماعية بل يحدد جميع الأشكال المجتمعية حيث يصبح بقاء الحياة الاجتماعية واستمرارها متوافقا على انتقال الرموز ذات المعنى وتبادلها بين الأفراد.
أما تشارلز كيلي فيذهب إلى انه يعني بالاتصال ذلك الميكانزم الذي من خلاله توجد العلاقات الإنسانية وتنمو و تتطور الرموز العقلية بواسطة وسائل نشر هذه الرموز عبر المكان واستمرارها عبر الزمان وهي تتضمن تعبيرات الوجه والإيماءات والإشارات ولغات الصوت والكلمات والطباعة والخطوط الحديدية والبرق والتلفون وكل تلك التدابير التي تعمل بسرعة وكفاءة على قهر بعدي الزمان والمكان.
وقد ترجع الفروق الفردية في المقدرة الاتصالية إلى عوامل فيزيقية بنائية كالفروق الطبيعية الحسية في البصر والسمع وما شابة ذلك هذه الفوارق الحسية قد تعزل الفرد –جزئيا-وقد لا تمكنه من الاتصال من خلال القنوات العادية.
ثانياَ:- عملية الاتصال :-
حاول كثير من الباحثين في الجوانب الميكانيكية والهندسية للاتصال , وكذلك في الجوانب الاجتماعية من تطوير نماذج تحليلية عديدة لوصف وتحليل مفهوم الاتصال ويجب أن ننبه هنا إلى أن اهتمام المهندسين والرياضيين وغيرهم بالاتصال لا يجاوز هذه العملية باعتبارها عملية تكتيكية بحتة إلى المجالات النفسية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بها.
ومن هذه الأطر النظرية ما وصفة كولمان ومارش حيث تحدثا عن مفهوم الاتصال باعتباره عملية ذات عناصر خمسة تحدد الفاعلية الممكنة لها وهذه العناصر على النحو التالي :-
1. المصدر.
2. محتوى الرسالة أو مضمونها.
3. الوسيلة المستخدمة في عملية الإرسال أو النقل.
4. المستقبل أو المتصل بة.
5. الاستجابة التي يعكسها هذا المستقبل.
ويرى الباحثان أن الاتصال قد ينهار أو يصبح عديم الفاعلية عند أي عنصر من هذه العناصر ويعتقدون بان الاتصال الفعال إنما يكون وليدا للاهتمام بكل عنصر من هذه العناصر الخمسة .
أما كلود شانون و وارن ويفر فقد وضعا إطارا آخر لمفاهيم الاتصال يوضحه الشكل التالي :-
مصدر المعلومات |
المرسل أو الناقل |
مستقبل |
المقصد أو الوجهة |
مصدر تشويش |
إشارات |
ومن الواضح أن هذا الإطار الذي طوره شانون وويفر يغلب علية الطابع الرياضي والميكانيكي إلا انه في كثير من جوانبه ينطبق على الاتصال بوصفة عملية إنسانية.
ولقد حاول ولبر شرام أن يطور إطارا نظريا يصف في ضوئه عملية الاتصال ويحللها , موجها في ذلك بالمعنى المتضمن في الأصل اللاتيني للكلمة الانجليزية والذي بقي اشتراكا في موضوع معين أو خبرة معينة أما عناصر الاتصال عند شرام فتشمل ثلاثة عناصر على النحو التالي : -
1. المصدر .
2. الرسالة.
3. الوجهة أو المقصد أو الهدف.
ويذكر شرام انه في حالة الحديث عن الاتصال الإنساني يدمج المصدر مع الرمز وتدمج الوجهة مع اللغة وتصبح اللغة هي الإشارة , ويذهب إلى أن هناك متطلبات هامة لابد من انجازها حتى يتم الاتصال بكفاءة ومقدرة وفعالية وهذه المتطلبات كالتالي :-
1. أن يكون المرسل متأكدا من كفاية معلوماته ووضوحها.
2. أن يكون ترميز الرسالة على درجة عالية من الدقة وان تكون الإشارات والعلامات قابلة للانتقال بسرعة وكفاءة ودقة.
3. أن تفسر الرسالة تفسيرا يتفق مع ما كانت تقصده عملية الإعداد الرمزي وتعنيه.
4. أن تعالج الوجهة أو المقصد التفسير الرمزي للرسالة بحيث تحدث الاستجابة المرغوبة..
ثالثاَ:- الاتصال والأنساق اللغوية :-
يرتبط الاتصال بنسق الإشارات والإيحاءات وبالأنساق اللغوية ارتباطا يكاد يكون تاما ونقصد بالإشارة أو الإيحاء كل حركة جسمية اكتسبت معنى خاصا وتتضمن شكلا من أشكال الاتصال .
وهي تختلف من جماعة إلى أخرى ومن مجتمع إلى أخر وفقا للإطار الثقافي الذي يميز هذه الجماعة وهذا المجتمع فالإشارة التي يعبر عنها البعض باليد قد تعبر عنها بعض القبائل بتحريك الشفاه في اتجاهات مختلفة أثناء الحديث فاللعب الملامح والتعبيرات الوجهية يجب أن يفسر –باستثناء الحركات غير الإرادية-في ضوء المضمون العام للإشارات والإيماءات السائدة.
واللغة تسمو على الإشارات وذلك بحكم نظامها ومداها ومعانيها الخاصة ويجب أن نوضح هنا أن اللغة جزء من الثقافة السائدة.
رابعا :- الأنماط المختلفة للاتصال:-
يمكن تصنيف أنماط الاتصال في ضوء العمليات الأساسية إلى نمطين :-
1. نمط اتصال أولي :- زهو يشير إلى ذلك الأسلوب الذي تتم فيه عملية انتقال الأفكار والمعاني في إطار علاقات أولية , ببساطة يشير هذا النمط إلى اتصالات الوجه للوجه.
2. نمط ثانوي:- وهو يشير إلى الأسلوب الذي تنتقل بة الأفكار والمعلومات بين الناس وبين أشخاص إلى أشخاص آخرين دون أن يكون هناك تفاعل بينهم أو بمعنى اصح دون أن يكون هناك تفاعل مكاني يمكن من المواجهة التي تنمو العلاقات الأولية في ظلها , ويشير هذا إلى الاتصالات الجمعية.
وقد تكون هناك أسس مختلفة لتصنيف أنماط الاتصال كان نقول أن هناك نمطا اتصاليا منظم ونمطا آخر غير منظم والمنظم يقصد بة كل تلك الأجهزة والمؤسسات والتدابير التي تؤسس وتقام بقصد نقل المعلومات والأفكار وتوصيلها إلى الناس , بينما النمط غير المنظم يشير إلى الانتقال التلقائي لتلك الأفكار والمعلومات بمعنى أن الصحيفة والراديو والتلفزيون والسينما ومؤسسة الإرشاد الزراعي بالقرية والندوات وغير ذلك يمكن أن يطلق عليها مؤسسات التغيير تندمج تحت النمط الاتصالي المنظم بينما النمط الثاني يشير الى المصادر المحلية –عادة-الأخبار والأفكار والتراث .
كما قد يكون التمييز بين نمط اتصال جمعي ونمط اتصال شخصي وحيث يشير الأول إلى مؤسسات الاتصال القائمة أساسا لهذه العملية كالصحف والإذاعة والتلفزيون والسينما وغيرها ويشير الثاني إلى الانتقال والانتشار عن طريق التفاعل وبجميع أبعادها.
خامسا :- خاتمة :-
ننتهي من هذه المناقشة إلى أن الاتصال مفهوم يشير إلى المجرى الذي تنتقل بة المعلومات والأخبار خلال الجماعة أو المجتمع بحيث يأخذ هذا المجرى أشكالا , أو أنماطا مختلفة , بمعنى أنة قد يكون واحدا من اثنين أو كليهما :-
1. مجرى جمعيا أي نمط الاتصال الجمعي .
2. مجرى شخصيا أي نمط الاتصال الشخصي .
وعادة ما يكون المصدر في النمط الشخصي من الاتصال على صلة وثيقة بالنمط الجمعي منة بحيث يستخدم معلوماته التي اكتسبها من النمط الجمعي لتدعيم مكانته كقائد رأي أو صاحب مشورة أو حارس بوابة وهنا نكون بصدد نمط فرعي أطلق علية مطوروه مجرى الاتصال ذا الخطوتين.
إننا ونحن بصدد تحليل الاتصال وعمليته نستعير تلك القضية الشهيرة التي تصف الاتصال وصفا دقيقا في عبارة موجزة من يقول ؟ وماذا يقول؟ وعن طريق أي قناة؟ ولمن يقول ؟ وما نتيجة واثر ذلك.
تما عن عناصر عملية الاتصال فإننا نستطيع أن نفيد من النماذج السابقة التي طورت لوصف وتحليل هذه العملية بان نلتقط العناصر الضرورية لعملية الاتصال بوصفها عملية إنسانية ونجملها في أربعة عناصر على النحو التالي :-
1. مصدر ومرسل , قد يكون شخصا , أو جماعة , أو مؤسسة.
2. رسالة , قد تكون خبرا , أو فكرة , أو دعوة لتغيير أو تجديد.
3. مستقبل , وقد يكون أيضا فردا أو جماعة , أو جمهورا أيضا.
علما بان هذه العناصر الثلاثة تكون متضمنة في عنصر رابع وهو الموقف الذي يحيط بكل من المريل والمستقبل , هذا الموقف قد يكون محددا بحدود فيزيقية , أو سيكولوجية , أو اجتماعية أو ثقافية.
ونسال الله التوفيق ,,,
المرجع :- الدكتور محمود عودة , مدرس علم الاجتماع بجامعة عين شمس , أساليب الاتصال والتغير الاجتماعي –دراسة ميدانية في قرية مصرية, 1971, دار المعارف بمصر ,ص5-28.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق