تأليف: حسين فيض الله الهمداني
بقلم :
أ.د عمرو معديكرب حسين الهمداني
رئيس المجلس العلمي للدار المحمدية الهمدانية للدراسات والأبحاث
مقدمة عامة
يُعالج هذا المقال واحدًا من أهم
الموضوعات في تاريخ اليمن الوسيط: شخصية السيدة الملكة أروى بنت أحمد الصليحية،
ودورها السياسي والدعوي خلال القرن الخامس الهجري.
النص في أصله محاضرة ألقاها العلامة البروفيسور حسين فيض الله الهمداني عام
1931، لكنه مكتوب بمنهج نقدي أقرب إلى الدراسات الأكاديمية، ويعتمد على مصادر صلبة
أهمها:
· عمارة اليمني
· إدريس عماد الدين (عيون الأخبار)
· مصادر إسماعيلية خاصة غير منشورة
· سجلات المسرودات الفاطمية
· روايات تاريخية متفرقة (ابن الأثير، الجندي، الخزرجي)
ميزة المقال أنه كان من أوائل الدراسات
الغربية التي قدمت قراءة علمية منظمة حول الملكة أروى، بعيدًا عن السرد
الشعبي، مما جعله نصًا تأسيسيًا في الدراسات اليمنية الإسماعيلية.
أولاً: خلفية الدراسة والسياق التاريخي
يبدأ الهمداني بتفكيك الخلفية العامة
لظهور الدولة الصليحية، ويرسم الصورة بدقة علمية:
1. السياق الاجتماعي
والسياسي لليمن في القرن الخامس
· اليمن قبيل ظهور الدولة الصليحية كان موزعًا بين إمارات متناحرة وضعف واضح
في السلطة المركزية.
· الدعوة الإسماعيلية كانت تعمل سرًا تحت قمع شديد، وتحتاج لظهور حاكم قوي
يعيد لها الدور السياسي.
2. بروز علي بن محمد
الصليحي
يشير المقال إلى:
· تبني الصليحي للدعوة الفاطمية.
· تأسيس قاعدة قوته في جبل مسار.
· نجاحه العسكري والسياسي وفرض وحدة سياسية على اليمن.
· إقامة الخطبة للحاكم بأمر الله ثم للمستنصر بالله في مكة واليمن.
هذه الخلفية هي الأساس لفهم كيف ورثت
الملكة أروى دولة متماسكة لكنها مهددة من الداخل والخارج.
3. ظهور المرأة كفاعل
سياسي في البيت الصليحي
قبل أروى كانت هناك السيدة أسماء بنت
شهاب، وهي نموذج لامرأة حاكمة، تمهّد لإمكانية قبول المجتمع اليمني لسلطة المرأة.
ثانيًا: منهجية
الهمداني في المقال
الدراسة تعتمد على منهج يجمع بين:
1. القراءة النقدية
للمصادر الأوّلية
الكاتب يقارن بين الروايات التي قدمها:
· عمارة اليمني
· إدريس عماد الدين
· الجندي
· نصوص الدعوة الإسماعيلية المحفوظة
هذا المنهج يمنحه قدرة على إعادة بناء
الرواية التاريخية بدقة.
2. استخدام الوثائق
الإسماعيلية السرية
وهي نقطة قوة نادرة.
المصادر الإسماعيلية كانت مغلقة، والهمداني كان أول من أدخلها إلى المجال
الأكاديمي، مما أعطى بحثه طابعًا أصيلاً.
3. تحليل الشخصية
التاريخية في ضوء النصوص
لم يعتمد فقط على التسلسل الزمني، بل
على تحليل:
· شخصية الملكة
· دهائها السياسي
· مكانتها الدعوية
· مهاراتها العسكرية والإدارية
· علاقتها بالسلطة الفاطمية
4. الربط بين التاريخ
المحلي والتاريخ الإقليمي
يُظهر كيف أثّر تحوّل السلطة في القاهرة
(سقوط الفاطميين) على اليمن وعلى أروى تحديدًا.
ثالثًا: محتوى
المقال – تحليل موضوعي
1. شخصية الملكة أروى
وتكوينها العلمي
وفق الهمداني:
· كانت ذات ثقافة عالية، تتقن الكتابة، وتحفظ التاريخ.
· تركت هوامش وشروحًا بخط يدها على الكتب، مما يدل على عقل نقدي.
· ربتها السيدة أسماء، ونشأت في بيئة سياسية وفكرية نشطة.
هذه الخلفية تفسّر نضجها السياسي لاحقًا.
2. صعودها إلى الحكم
بعد مرض زوجها الملك المكرم، لعبت أروى
الدور الفعلي في الحكم:
· أعادت ترتيب العاصمة إلى ذي جبلة.
· حولت القصر إلى مسجد جامع (مسجد الملكة أروى).
· نظمت الإدارة الداخلية، وأمسكت بيدها مفاصل الحكم.
3. قيادتها العسكرية
الهمداني يعرض عدة نماذج:
· ثأرها من سعيد بن نجاح قاتل علي الصليحي.
· إدارتها لحصار زبيد.
· تفكيكها للتمردات الداخلية بذكاء سياسي وعسكري.
هذه الروايات تثبت أنها لم تكن
"حاكمة ظل" بل قائدة دولة بكل معنى الكلمة.
4. سياستها الدعوية واعتراف
الفاطميين بها
هذا هو الجزء الأكثر أهمية في المقال:
· الامام الفاطمي المستنصر بالله
أعطاها السلطة الروحية والسياسية.
· أوكل إليها إدارة الدعوة في الهند وعُمان.
· بعد وفاة المستنصر، انتقلت الرسائل بينها وبين الآمر بأحكام الله.
· كانت أول من تلقى النص على الطفل الإمام الطيب.
وبذلك أصبحت أروى مؤسسة الدعوة
الطيبية التي استمرت إلى اليوم في اليمن والهند.
5. تعاملها مع الأزمات
يتناول المقال:
· الخلاف بين سبأ بن أحمد والصليحيين
· تمرد ابن نجّيب الدولة
· الفتن المذهبية في الجند وتعز وصنعاء
· تدخلات الزواحية والجعاشنة
ويظهر كيف كانت تدير الصراع بذكاء
دبلوماسي وقدرة على شراء الولاءات عند الحاجة.
6. إرثها ووفاتها
المقال يختتم بمشهد إنساني في وصيتها:
· خاتمتها تؤكد إيمانها بعقيدة الإمامة الإسماعيلية الطيبية.
· أوصت بمجوهراتها كوقف للأعمال الخيرية في اليمن.
· دفنت في مسجدها بذي جبلة الذي بقي مزارًا لكل الطوائف.
رابعًا: القيمة
العلمية للمقال
1. إعادة بناء سيرة
الملكة أروى من مصادر أولية
الدراسة تعد من أوائل الأعمال التي
أنتجت سيرة أكاديمية رصينة للملكة، بعيدًا عن الروايات الشعبية.
2. كشف الدور المركزي
لليمن في الدعوة الإسماعيلية
وفّرت الأدلة على أن اليمن—وليس القاهرة —كان مركز الدعوة الطيبية.
3. ربط السياسة بالدين
في الدولة الصليحية
يظهر كيف دمج الصليحيون بين الدعوة
والإدارة، وكيف فصلت أروى بينهما لاحقًا، تأسيسًا للمسار الطيبي.
4. إبراز مكانة المرأة
في اليمن الوسيط
المقال يثبت أن اليمن شهد نموذجًا
نسائيًا فريدًا في العالم الإسلامي، ليس على مستوى "الرمز"، بل
"القيادة الفعلية".
5. فتح باب دراسة
الوثائق الإسماعيلية
هذا البحث كان مدخلًا لاحقًا لدراسات
عديدة حول:
· المخطوطات الإسماعيلية
· تاريخ الدعوة في اليمن
· سيرة السيدة الحرة
6. قيمة تاريخية في
إعادة قراءة أدوار القوى المحلية
مثل:
· الزواحيين
· الجعاشنة
· قبائل همدان
· تحالفات تهامة
خلاصة القراءة
المقال ليس مجرد سرد لسيرة ملكة؛ بل هو
إعادة بناء متكاملة لصورة اليمن السياسي والدعوي في القرن الخامس الهجري.
يقدّم الهمداني أروى كقائدة بكل المقاييس: سياسية، عسكرية، روحية، ومؤسسة
لتقليد ديني استمر قرونًا بعد وفاتها.
ويظل هذا البحث واحدًا من أهم المراجع
التي أسست للدراسات الحديثة حول الدولة الصليحية والملكية النسائية في التاريخ
الإسلامي.
وفي هذا الصدد تعتزم مؤسـسة الهمداني الثقافية (الدار المحمدية الهمدانية للدراسات والأبحاث) في القريب إصدار ونشر الأعمال
التالية:
o كتاب عبارة البشارة
o كتاب معاصم الهدى
o كتاب مجالس النصح والبيان
جاء
هذا المنشور ,بعد مجموعة من البرامج والمشاريع الثقافية
والعلمية في إطار مبادرة
الحق في المواطنة المتساوية -الإسماعيليون في اليمن:
· (إصدار منشورات أخرى )كتاب الصليحيون
والحركة الفاطمية في اليمن, وكتاب
الزينة في الكلمات الإسلامية العربية , بحث
تاريخي في رسائل إخوان الصفاء وعقائد الإسماعيلية فيها, كتاب
تحفة القلوب وفرجة المكروب ,كتاب
تنبيه الغافلين ,كتاب
العلامة حسين بن فيض الله الهمداني(حياته-فكره-نضاله),كتاب
الديوان, مجموع
رسائل الذؤيب[1] ,الرسالة
المفيدة في إيضاح ملغز القصيدة,مجموع
مؤلفات الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي[1]؛
الرسالة
الحاتمية في الرد على بعض المارقين؛مجموع
رسائل الداعي الحسين بن علي بن محمد بن الوليد الانف[1]؛ أجوبة القاضي النعمان بن محمد؛ كتاب
الفترات والقرانات العشرة [الجفر الأسود]ُ؛كتاب مختصر الأصول وزبدة المحصول؛ كتاب
المنصوص في اعتقاد الخصوص؛ رسالة غاية الأجسام؛كتاب غاية المواليد؛ كتاب منيرة
البصائر؛ رسالة النفس؛ رسالة في بيان إعجاز القرآن؛ كتاب النعيم؛ كتاب
مصباح الشريعة؛ كتاب مفاتيح النعمة, كتاب تأويل الزكاة ,كتاب سلسلة أعلام
الاسماعيلية [1] , كتاب رؤية الهلال بين التأويل والظاهر, كتاب الاخبار في الفقه
مج1؛ كتاب مختصر الآثار مج1, كتاب مختصر الآثار مج2, الرسالة المكنونة, كتاب تسع
وتسعون مسألة في الحقائق, كتاب المجالس الحاتمية الصغيرة, كتاب مفاتيح الكنوز,
رسالة نهج العبادة, كتاب المنتخبة في الفقه ج1, كتاب المنتخبة في الفقه ج2,رسالة
النقد على أهل المخاط؛ رسالة الإحسان في خلق الإنسان، رحلتي على طريق العشق
الحسيني؛ رحلتي الى بلاد الهند؛ كتاب الشموس الزاهرة؛ رحلتي على طريق العشق
الحسيني (البحث عن الذات)؛الدكتور حسين فيض الله الهمداني رائد الدراسات
الإسماعيلية (الفاطمية) الحديثة، كتاب الاخبار في الفقه ج2؛ كتاب الطهارة؛ كتاب
الهمدانيون ودورهم في توثيق التراث الفاطمي الإسماعيلي ؛ سيرة ومسيرة -محطات في
حياة المؤرخ الهمداني.
· (تنظيم مؤتمر
الحق في المواطنة المتساوية) المنعقد في إبريل عام 2012م
· (تنظيم
إحتفالية تدشين كتاب تنبيه الغافلين...ومجموعة إصدارات العلامة الهمداني) المنعقد في صنعاء بتاريخ 6/مارس/2013م
· (مساندة المؤتمر
العلمي الدولي الخامس لزيارة الأربعين)
المنعقد في 10-11/سبتمبر/ 2021م في كربلاء المقدسة.
· (مساندة المؤتمر
العلمي الدولي السادس لزيارة الأربعين)
المنعقد في سبتمبر/ 2022م في كربلاء المقدسة.
· (مساندة المؤتمر
العلمي الدولي السابع لزيارة الأربعين)
المنعقد في سبتمبر/ 2023م في كربلاء المقدسة.
· (تنفيذ ودعم مجموعه دراسات وأبحاث في مجالات
متعددة من المبادرة)
· حفظ وتوثيق التراث الفاطمي الإسماعيلي.
.jpg)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق